العدد 295 - الجمعة 27 يونيو 2003م الموافق 26 ربيع الثاني 1424هـ

ليست جريمة...!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

تريد أن تنأى بنفسك عن اللغو فلا يتاح لك ذلك، تريد أن تعلو فوق التفاهات والجهالة فلا يتاح لك ذلك، تريد أن تتجنب الصدام مع أي احد قبل أي شيء فلا يتاح لك ذلك، تأتي محملا بحلم يعلم الله انك لا ترمي من ورائه شهرة أو مجدا أو صيتا، فالشهرة والمجد والصيت أمور تظل رمزية ونسبية بأي حال من الأحوال، تريد أن تضرب صفحا عمّا يحبره ويخطه أنصاف الكتبة وأشباه الشعراء ولكنك موعود في اليوم التالي بخوار ورغاء... كتابات تتمنى لو انها قالت شيئا، لو انها اضافت، لو انها حملتك على أن تتعلم ولو اقل القليل ولكنك تزداد قناعة يوما بعد يوم أن من الأفضل للوفيّ لمشروعه الشعري والانساني، أن يلزم الصمت وينأى بنفسه عن الثرثرة والجدل العقيم كلما استطاع الى ذلك سبيلا.

يوم أن قلت ذات كتابة: اننا لن نمنح أدنى مساحة لمجترّي الكلام، ومدمني التكرار في صوغ قصائدهم، كنا واضحين ولم نجامل أحدا، فتلك الكتابات والنصوص لها من الصفحات ما يكفي لإصدار صحيفة! وهذه الصفحة وبصريح العبارة وجدت لتقفز على السائد في التعامل مع النصوص، وليس في ذلك جريمة، بل الجريمة أن لا يحدث ذلك! الجريمة أن يتم التعامل مع الغث على أنه سمين، ومع السطحي على انه عميق، ومع الثرثرة على انها حكمة، ومع اللغو على انه بلاغة وبيان، ومع الجهل على انه المعرفة كل المعرفة!

ليهنأ أصحاب الأعمدة الفارغة بأعمدتهم، وأصحاب الزوايا والتكايا الشعرية بزواياهم وتكاياهم، وسماسرة النصوص بسمسرتهم، وتجار الكلام بتجارتهم، ومدمنو الثرثرة واللغو والهذيان بكل ما أدمنوه، وليتركوا للنصوص التي ظلت لزمن طويل عرضة للمهانة والبتر والتطعيم بالأخطاء المطبعية والانتظار في طوابير طويلة الى أن يحين موعد نشرها مشوهة لا تشبه أعصاب وقلق وسهر كتّابها ومبدعيها، ليتركوا لهم مساحة تحتفي بهم وبشكل يليق بمكانتهم وأعصابهم وقلقهم وسهرهم، ليتركوا لهم مساحة تحت الشمس بعد سنوات من الانتظار في العتمة والرطوبة وأكوام من الدسائس والمؤامرات.

ويعلم الإخوة الذين تجاوبوا معنا اننا لم نركن نصا ولم نهنه بل اعتبرنا كل نص من النصوص التي تردنا بمثابة أعياد نقيمها جنبا الى جنب نصوص الإخوة الشعراء الخليجيين الذين وجد فيهم «كويتب» خطرا على الساحة المحلية في تقسيم عجيب غريب لم يسبقه اليه أحد، لمجرد ان المعدّ وجد في تلك الأصوات والنصوص ما يخدم مستوى ومضمون الصفحة، وفي ظل عزوف عجيب غريب عن التواصل الذي التمسناه وتمنيناه ومازلنا نتمنى تحققه.

آخر النص

أستدرجك...

أستدرج الليل وعيونٍ ضجّت بكحل الكلام...

استدرج الحلم القديم ولهفتكْ...

يامسافره في ضحكتكْ...

ليه الثواني كنها مليون عامْ؟!!

أشبه جُروحي

لا ذكرت معاتبك لي

وانكسر كني مرايا كاذبه...

وكني عيونٍ عاتبه...

يا اكبر من اكبر لهفتي...

بك ابتدي وبك انتهي

وبك أول أول قصتي...

يا اصعب من وعودٍ بطت

واعذب من جروح بدت...

اتجاهلك...

يامسافره في غربتي..

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 295 - الجمعة 27 يونيو 2003م الموافق 26 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً