العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ

أولادنا وحب القراءة

علي صالح comments [at] alwasatnews.com

ان جيل الأمس كان شغوفا بحب القراءة والبحث والمطالعة وقلما تلتقي بإنسان لا يقرأ أو حتى يحاول القراءة كبيرا كان أم صغيرا حتى الذين لم يحالفهم الحظ بدخول المدرسة لتلقي العلم تراهم مثقفين واعين يناقشونك في أمور شتى تعلموها أثناء ممارسة هواية القراءة ... هذا الحب للقراءة أصبح نادرا جدا هذه الايام لعدة أسباب، أولها: حب الالكترونيات وما يتبعها من فنون حديثة. والسبب الثاني والأهم في اعتقادي انه ليس هناك من يغرس في نفوسهم هذا الحب ويساعدهم على تخطي ما يواجهونه من عقبات. وقد يعزى سبب عزوف ابناء هذا الجيل عن الكتاب الى شغفهم وانشغالهم بهوايات كثيرة ومجالات واسعة يمارسونها توفر لهم المتعة الفورية من دون تعب وعناء ذهني. بينما القراءة تتطلب التركيز والتأمل والتفكير الطويل في معاني الكلمات وما وراء المعاني من مفاهيم وتحليلات... قد يعلق البعض قائلا: ان المدرسة هي المسئولة عن إحجام الاجيال عن القراءة ولكنني اقول ان المدرسة لا تغرس في نفوسهم تدوق الكلمات أو الشعور بالمتعة اثناء ممارسة هذه الهواية لأن دورها لا يتعدى حدود الحصة أو الحصتين اسبوعيا والمدرس ملزم بمنهج وخطة تعليمية عليه استكمالها قبل نهاية الفصل الدراسي. لذلك فاننا نلاحظ ان معظم الاطفال يعانون من ضعف وبطء في القراءة أو انهم يقرأون ولكن بطريقة غير سليمة والسبب هو كيف للطفل ان يستوعب الكلمات أو يفهم الجمل والعبارات من دون مساعدة من ذويه... الأب أو الأم مثلا... أو حتى المدرس في المدرسة. أما نسبة الضعف والقوة في القراءة فهي متفاوته فبعض الاطفال يقرأ ولكنه لا يفهم معاني الكلمات أو يفهم الجملة ولكن لا يستطيع قراءتها أو حتى موقعها على الصفحة، والأمر المثير للدهشة ان بعضا من التلاميذ قد يصل الى المرحلة الاعدادية وهو لا يجيد القراءة وهنا تقع المسئولية بالدرجة الأولى على عاتق الآباء والأمهات الذين يقومون بتوجيه أولادهم الى هذا النوع الثمين جدا من الهوايات لما فيه من النشاط الفكري والوعي الثقافي والالمام العلمي من خلال ما نقرأ وخصوصا وأن اجازة الصيف تفتح دراعيها وتمنحكم مساحة واسعة لتعويد أولادكم على حب القراءة لخلق جيل واع مثقف ملم بكل ما هو جديد في عالم العلم والأدب والمعرفة يميل بعض الصغار الى الاستمتاع بالقصص القصيرة والمصورة لا بأس ان يبدأ بهذا النوع ثم يتدرج شيئا فشيئا حتى يصبح استمتاعه بتذوق الكلمات وما ترمي اليه من معان وحوادث اكثر من متعته بالصور بشرط ان لا يصنف أو يتهم بالتكاسل أو الغباء.

كأني ببعض الامهات يقلن لي بان الأوان قد فات ويستحيل عليها ترغيب ابنها في هذا النوع من الثقافة اذ ليس هناك عصا سحرية تجعله محبا شغوفا بالكتاب بين يوم وليلة.

سيدتي الفاضلة... انت عصاه السحرية وقدوته ومعلمه الأول والاخير فاذا هيأت له الظروف المناسبة وكما قلت من دون ممارسة ضغوط أو أوامر الزامية تشعر ابنك بان ما تطلبينه بعيد جدا عن عالم المتعة الذي ينشده وبان تصرفك معه مجرد نوع خفي من انواع العقاب ولتفادي هذا كله عليك اتباع بعض الامور أولها: معرفتك بذوق وميول وطباع ابنك ثم اعمدي الى اختيار الكتب المناسبة لهذه الميول حتى يقبل عليها بحب ورغبة وشغف ثم ان مراعاة المرحلة العمرية أمر مهم للغاية في عملية اختيار طباعة وتغليف وتنسيق الكتاب من الداخل وعليك قبل كل هذا توفير الجو الهادىء الملائم، اذ لا ينزعج اثناء استرساله في القراءة بصراخ هذا أو أوامر من ذلك وكما قلت مرارا ان الطفل في بحث مستمر عن القدوة والمثل الأعلى ... فكوني له سيدتي الأم تلك القدوة الحسنة... اذ كيف يصبح ابنك قارئا وانت لا تحبين مسك الكتاب واياك واتباع اسلوب الاختبار لمهارته في القراءة أو اجادته للنطق السليم أو ان تطلبي منه إعطاءك فكرة موجزة عما قرأ. انك بذلك تخضعينه الاختبار وتذكرينه بحصص المكتبة الازامية في المدرسة... علميه كيف يمارسها كثقافة علمية وأدبية في البيت. ونصيحتي تجنب اختيار الكتب القديمة في شكلها ومضمونها فما كان يروق لك بالامس قد لا يروق لاولادك اليوم أو ربما اذا تعود هذه الهواية واصبح من محبي البحث في القديم.

سيدتي ان مرافقتك لطفلك وهو يقرأ يجعله المحب الذي ترغبين فهو يراك جالسة معه تلتهمين الكتاب الذي في يدك وقد تركتيه يقرأ بهدوء من دون مقاطعة أو تحكم فقط انت معه لمساعدته اذ تعثر في القراءة او عندما يحتاج اليك في شرح او تفسير او غير ذلك... عوديه حب القراءة ليصبح متعلما ومثقفا معا

العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً