العدد 293 - الأربعاء 25 يونيو 2003م الموافق 24 ربيع الثاني 1424هـ

كارل بوبر... العقلانية سبيل التطور الحضاري

بعد عقد من رحيله

الوسط - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

يعد الفيلسوف الراحل كارل بوبر من أهم فلاسفة العلم في القرن الماضي، فقد نالت مؤلفاته وأبحاثه اهتماما وافرا، وحظيت أطروحاته بمباركة وتأييد الكثيرين على مستوى العالم... لكنه لم ينل الكثير من الاهتمام في الثقافة العربية باستثناء محاولات نادرة نذكر منها ترجمة كتابه «بؤس التاريخانية» وجزء من كتابه «المجتمع المفتوح وأعداؤه»... إلا أن هذا النقص تعزز أخيرا بترجمة كتاب له يحمل عنوان: «أسطورة الإطار»... ولأهمية هذا الكتاب نقدم تعريفا موجزا بمحتوياته.

ويتناول بوبر في الفصل الأول قضية التقدم في العلم والعقبات التي تواجهه، موضحا الفروقات والخطوط الفاصلة بين الثورة العلمية ونظيرتها الأيدلوجية لجهة عقلانية الأولى على حساب الثانية. أما الفصل الثاني من الكتاب ففيه تفصيل مسهب لنقد مفهوم الإطار بوصفه أسطورة، وبوصفه مناقشة عقلانية مستحيلة في ظل غياب الفرضيات الأساسية المشتركة. ويواصل في الفصل الثالث نقده ولكن هذه المعرفة لما يعرف بعلم اجتماع المعرفة ولمدرسة فرانكفورت ذات التوجه الديالكتيكي مؤكدا من ناحية ثانية الأهمية القصوى المرتبطة بضرورة قيام ثورات علمية وفكرية.

وينتقد بوبر في الفصل الرابع رؤية فرنسيس بيكون للعلم، وكذلك منهجية الملاحظة والاستقراء التي جاء بها، منتقلا إلى الحديث عن معيار الاختبار في العلم التجريبي في ضوء قابلية التكذيب، ويتواصل هذا الفصل من الكتاب لبحث أهمية المشكلات كونها الحافز الأساسي لتحريك العلم لجهة الدور الحاسم في علم مناهج البحث، أو ما يعرف بنظرية المعرفة العلمية... مؤكدا تأصل الإشكال من حيث معرفتنا غير المحدودة على مستوى الوقائع في مقابل الجهل المستفحل للكثير من تفاصيل المعرفة، ليؤكد في نهاية الفصل الدور الأساسي للعلماء على مستوى المسئوليات المنوطة بهم في بعديها الإنساني والاجتماعي.

ويبحث بوبر في الفصل التالي الصلة الحميمة بين الفلسفة والفيزياء، موضحا الكيفية التي أفاد بها بعض علماء الفيزياء من المقولات الفلسفية، مستشهدا بآينشتين وغيره، والكيفية التي أفادوا بها من تأملات ديكارت وكانط وليبنتز، والكيفية التي استطاعوا من خلالها حل مشكلات فلسفية بوسائل علمية. ويعالج في الفصل السادس قضية على درجة من الأهمية وهي صلة العالم بالأخلاق، باحثا في تاريخ هذه العلاقة التي ينبغي ألا تنفصل منذ الإغريق بوصفهم أول من أولى هذه القضية العناية التي تستحقها إلى من جاء بعده، ليؤكد دور العالم المفترض إزاء مسائل الحروب، والأخطار الناجمة عن التطبيقات العلمية.

ويرى بوبر في الفصل السابع أن أي إدراك ومعرفة حقيقية لمسألة التاريخ لابد أن يتم عبر قناة قراءة تاريخ العلم، وان أي إقصاء لقراءة تاريخ العلم كونه يفضي إلى معرفة منقوصة بالتاريخ، وبوبر هنا يتحدث على التاريخ الحديث، وحتى يؤسس لهذا التوجه فإنه ينتقد مفهوم التاريخانية. ويتواصل الكتاب بفصل ثامن يشرح فيه بوبر منهجية العلم بوجه عام، والمشكلات المتصلة بمناهج العلوم الاجتماعية على وجه خاص. أما عن الفصل العاشر والأخير فيتناول فيه قضايا التصنيع والعلم والحرية.

وإجمالا يمكن القول إن الكتاب يمثل خلاصة الخلاصة لأهم القضايا التي بحثها بوبر خلال سنوات عمله الطويلة، إذ يفصح الكتاب بجلاء عن موسوعية الراحل، ومختلف تصوراته التي هي في الواقع دعو إلى استثمار العلم ومناهجه في سبيل تعزيز السلم العالمي، وتطور البشرية، بعيدا عن الصراعات والحروب... لهذا السبب نجده يؤكد في غير سياق أن مفهوم الأرضية المشتركة ليست سببا لانتفاء اللقاء والتباحث، فعن طريق النقاش والجدل، حتما ولابد أن يتم التوصل إلى نقاط التقاء معينة تضمن التحرر، والدفع بحياة البشرية قدما.

كارل بوبر. أسطورة الإطار. تحرير مارك نوترنو. ترجمة يمنى الخولي. الكويت: سلسلة عالم المعرفة، العدد 292 ، أبريل / مايو 2003 م، 316 صفحة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً