العدد 293 - الأربعاء 25 يونيو 2003م الموافق 24 ربيع الثاني 1424هـ

الترابي يطرح كتابا جديدا عن السياسة والحكم

الوسط -خالد ابو أحمد 

تحديث: 12 مايو 2017

صدر كتاب جديد لحسن الترابي المفكر الإسلامي المعروف بعنوان: «السياسة والحكم: النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع» عن دار الساقي في بيروت. من 527 صفحة.

ويعد المؤلَّف من أهم الرسائل والكتب الفكرية، وأكبرها من حيث الحجم التي أصدرها الترابي. ويقرر المؤلف في هذا الكتاب أن قضايا السياسة والسلطان أو المعالجة لها في هذا الكتاب ليست إلا ثمرة من توحيد مكاسب المعرفة في حياة الكاتب. بعضها علم أخذه المرء من مصادر غربية ناظرة في مطروح تلك القضايا أو رواية للمعمول به منها قديما وحاضرا، وبعضها عبرة تلقاها مباشرة من مشاهد الواقعات في حكم الغرب، وبعضها زاد حكمة من ممارسة التجربة في الحياة السياسية لعشرات السنين في السودان، وبعضها أضواء اطلاعات من قريب أو بعيد على واقع الحياة العامة في كثير من ديار الإسلام.

ويستفيد الترابي كما يشير في توطئة الكتاب، إلى دراساته لتراث ثقافة الإسلام في أحكام السلطان وقصص سيرته في السياسة، وقراءات لمنشورات حديثة شتى من ملة المسلمين تصدر عن ذوي علم أو تجربة بعضهم يحمل ميولا للمذاهب التقليدية وبعضهم يعبر عن مواقف عصرية متباينة المدى من حيث الايمان بحق الإسلام واجتهاد النظر في صراطه السياسي المستقيم المتجدد أو الافتتان بالواقع انكبابا على مستقبل أحواله وتقلباته أو بالغرب استقبالا لفكره وخبره.

ويعد هذا الكتاب من أضخم الكتب حجما للترابي، إذ اعتاد على تأليف كتب الرسائل الفكرية، ولكنه في هذا الكتاب على رغم حرمانه، بسبب الاعتقال، من مكتبة خاصة أو عامة للمراجعة أو الاطلاع في موضوع الكتاب، فانه قد توسع فيه توسعا ملحوظا وأسهب فيه إسهابا واضحا، لان موضوع السياسة والحكم ودراسة النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع، يجد هوى في نفسه ومنهلا في فكره وعمقا في تخصصه، فلا غرو أن استرسل فيه استرسالا غير معهود وأسهب فيه إسهابا غير مألوف.

الكتاب يتضمن 14 فصلا، إضافة إلى توطئة وخاتمة. وقد خصص الفصل الأول عن الدين والسلطان: التوحيد والفصال، وفيه تحدث عن إسلام السياسة والسلطان لله، مشيرا إلى أن الأصل التوحيدي في ملة الإسلام أن الحياة كلها لله توحيدا. وفي الفصل الثاني يتحدث المؤلف عن صدور الاحكام السلطانية، إذ يتطرق إلى الأحكام السلطانية الشرعية أي السياسية الشرعية، وكذلك يستعرض الأحكام السلطانية الاجتماعية أي الدساتير. فالأحكام السلطانية هي التي تؤسس النظام السلطاني العام والحياة السياسية من حوله، وهي من أهم الأحكام العملية في حياة الناس. ويؤصل في الفصل الثالث للمجتمع المؤمن باعتباره مصدر السلطان. وفي الفصل الرابع يتحدث عن ميزان الحريات على سواء والسلطان، مشيرا إلى أصول الحرية والنظام والوحدة.

أما في الفصل الخامس فيتناول المؤلف الأحزاب والقوى السياسية من حيث الموالاة بين التشعب والوحدة في أصول الدين، موضحا أن المجتمعات المسلمة اليوم أخذت تدب فيها حياة بعد سكون متطاول أودى بها إلى ضعف وموات، وقد سرى في بعض أفرادها وعي بالهوية وتذكر بأصالة ذاتية النسب وسعة الشعور والولاء لجماعة اكبر تبين معالمها. ولئن كانت تلك المجتمعات لم تعهد لقرون سالفة إلا الولاء المنحصر في نسب أو وطن أو طائفة أو طبقة معاش يركن إليه الناس كأقدار مقضية بقضاء التاريخ، فهي الآن في حال انتقال وتجدد إلى ما هو أحيا وأوسع، وتختلف أحوال التطور فيها تؤدة أو مسارعة. وذلك يحدث في تعاظم الوعي والولاء السياسي بعد ان كان الناس في غفلة وجمود بما يطبق عليهم من الطغيان المتبلد. أما عن هدي الإسلام في الموالاة الحزبية بعد أن يستعرض تقدمة تاريخية، يقول «ان حرية الاختلاف مذهبا والموالاة عليها تعددا حزبيا من أصول الحكمة والحكم في دين الإسلام».

وفي الفصل السادس يتطرق المؤلف إلى سلطة التشريع وضبط الإمارة، ويبين أصول التشريع ومصادره، مشيرا إلى تداخل التشريع والوظائف السلطانية الاخرى. فالمنظومة التشريعية المؤلفة التكوين، اعضاء المرتبة العمل نهجا هي المفوضة من المجتمع والأقرب للإجماع الأساس لبنية كل السلطان، وهي لذلك التي تليه مستمدة منه وجودها وسلطتها. ومن ورائها الإمارة والقضاء، كلتا المنظومتين التاليتين للتشريع تتولى وظيفة انفاذه، ما صدر منه عن إجماع اصل من جمهور الناس أو إجماع غير مباشر من المفوضين سلطة التشريع.

وفي الفصل السابع تحدث المؤلف عن سلطة الإمارة والتنفيذ والإدارة، وانه من طبع المجتمع البشري وسنته أن يتضام الأفراد جماعة ويقوم على كل جماعة رأس في شخصه يتمثلون جميعا وتتجسد وحدتهم ومن سعيه تنتظم حركتهم. فالمجتمعات المؤسسة على الموالاة بسلام والمعاقدة بالرضى يقدمون رأسا من يرونه بشوراهم من أولاهم التزاما بوجهتهم العامة ودراية بأمور المسير إليها.

وفي الفصل التاسع يتحدث عن سلطة العدالة وقضاء الخصومات، موضحا أن الدين يدعو أفراد المجتمع إلى التقاضي لدى السلطان ليحفظوا حرمات أنفسهم ويصونوا سلامة مجتمعهم من الظلم.

وتناول المؤلف في الفصل العاشر أنظمة المحاسبة والمضابطة والقسطاس. فان هدي الدين أن يحفظ العهد والحساب الأجل كتابة وشهادة حتى توفى المعهودات لمواقيتها ولا تفتن الحاجات والآجال، فالقرض دين ينتظر رده بمثله لأجل يحرم الشرع أن يربو بذلك، والتجارة سلعة قد يكافئها مال آجل، وكذلك الخدمة عملا قد تؤدى مقابل أجر لأجل.

اما الفصل الحادي عشر فقد خصصه لتفاصل السلطات وتكاملها وتضابطها. فالتفاصل هو أن تتمايز الأبنية التي يتكون منها بناء السلطان بهيكله، فهي تحمل تكاليفه متفاصلة منظومة متوازنة اركانا لقوامه.

وفي الفصل الثاني عشر يتطرق المؤلف إلى مقاسم السلطان الإقليمية والملية، مشيرا إلى التقبض المركزي والتبسط اللامركزي. بينما في الفصل الثالث عشر نجده يتحدث عن الدولة الوطنية ووحدة الأمة، ويبسط الحديث عن تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة بالتماس الهجرة إليها، وتهيؤ المدينة لاستقبال الإسلام أمة وسلطانا.

أما في الفصل الرابع عشر فيناقش المؤلف قضية علاقات السلطان والمجتمع العالمية، موضحا انه بهدى أصول الدين ينفتح سلطان الدولة الخارجي نحو العالم، أرضها لا تسد أبوابها حجابا من حديد في وجه البشرية، بل تسري الحركة عبرها بأذون الخروج والدخول السمح. وشرع الإسلام لما بين المسلم وغير المسلم من السلطان أن الأصل السلام





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً