قال وزير الإعلام انه «لا يرى انتقاصا من الحريات في استدعاء النيابة لبعض رؤساء التحرير، فالحريات مكفولة بموجب الميثاق والدستور».
وبعد استخدام عبارات مثيرة وخطيرة من قبيل «لا يمكن السكوت...»، «ويكون موطنها المحاكم»، «والقانون سيوقف كل من يسيء عند حده»، «سنرفض...»، «أتحدى أي مسئول أو صحافي يقول...»، «لن نسمح باستغلال هذه الحرية»، «قانون المطبوعات لايزال يعمل فهو لم يجمّد»، «سنوقف كل كاتب يثير النعرات...، وأي رئيس تحرير لن يتعاون بإمكانه أن يبحث عن عمل آخر...»، «نحن لن نتردد...»، «سنتخذ مواقف... آن الأوان أن تنتهي...».
وبعد استخدام كل مفردات الوعيد وبعد أن جاءت ردة الفعل عكسية طلع علينا الوزير ليقول في صباح آخر: «يخطئ من يعتقد أن تصريحاتي الأخيرة فيها نوع من التراجع عن حرية التعبير بل هي دعوة إلى التقدم إلى الأمام في الانفتاح والحرية وممارسة الديمقراطية»، ويقول: «ليس هناك في التصريحات تهديد ولا وعيد ونحن في دولة المؤسسات والقانون».
ويقول:«إنني أقف مع تعزيز وتوسيع الحريات الصحافية»، ثم يقول في جهة أخرى تختلف 180 درجة: «انا لا أرى انتقاصا من الحريات في استدعاء النيابة لبعض رؤساء التحرير» ثم يواصل دعمه للصحافة ليقول: «أنا حريص على تعزيز وتوسيع الحريات الصحافية... كما أني فخور بتطور هذه الصحافة التي تتميز بالتوازن والاعتدال. ومن موقع المسئولية فاني لم أسع يوما إلى فرض قيود على الصحافة المحلية تحد من حريتها بل كان سعيي دائما إلى زيادة الحرية المسئولة وحماية الصحف من أي ظلم قد يقع عليها ومن موقعي كصحافي فإن مشاعري دائما مع رجال الصحافة والإعلام وأقدر لهم ما يتعرضون له - لاحقا - من متاعب مع هذه المهنة».
هذا الكلام الأخير كلام جميل جدا ولكن لنا أسئلة نوجهها إلى الوزير:
أولا: إذا كان الوزير لم يسع يوما إلى فرض قيود على الصحافة المحلية، ويسعى إلى زيادة الحرية فلماذا قامت وزارة الإعلام بتوقيف كاتب قبل عامين تقريبا بقرار إداري وليس قضائيا؟ والدليل على عدم صوابية موقف الوزارة التي يتوزرها أن حكم القضاء كان لصالح هذا الكاتب كما قال الوزير نفسه إذ قال: «وتقبلت الوزارة الحكم الذي صدر لصالح الكاتب بكل رحابة صدر». وإذا كان الوزير حريصا على الحرية فما تفسير تقطيع جلسات برلمانية، ولقد قال الوزير: «كما اننا لا يمكننا القبول بالإساءة للنظام الديمقراطي النيابي للمملكة» فهذا واجب وطني، ولكن الوزير ألا تعتقد أن تقطيع جلسات البرلمان وبثها مبتورة حتى ضج جميع النواب وصرحوا بأسفهم وعدم رضاهم في الصحافة - والاعداد متوافرة - يسيء هو الآخر للنظام الديمقراطي النيابي في المملكة الذي رحت تدافع عنه؟
ثم انك قلت في المقابلة الأخيرة: «أصدقك القول في ان وزارة الإعلام قد اقتنعت بكثير - لاحظ - من الملاحظات التي تقدمت بها جمعية الصحافيين ورؤساء التحرير وكانت منطقية وهذا أمر يصب في المصلحة العامة للجميع وتم فعلا الأخذ بها» هنا قلت: «ملاحظات كانت منطقية وتصب في المصلحة العامة» وقبل أسبوع قلت: «إن أي رئيس تحرير غير مستعد لهذا القانون وغير قادر على تحمل المسئولية بإمكانه أن يبحث عن عمل آخر» بعد سيل من التهديد إذ بالأمس رئيس التحرير يُهدَّد بالطرد واليوم رئيس التحرير «أصبح يعطى ملاحظات منطقية تصب في المصلحة العامة» فالمصلحة العامة أمس مهددة وبعد أسبوع «هي بخير ويقدم لها ملاحظات منطقية». لقد ضعنا في «الطوشة» ولم نفهم مالنا وما علينا!
ورحت تقول: «صحافيون يسيئون إلى سمعة البلد» ثم طرحت لاحقا «صحيح أن الصحافيين يدافعون عن قضايا المواطنين ويضعون أنفسهم في المقدمة ويقدمون تضحيات يقدرها الجميع» هناك «يسيئون» وهنا «يقدمون تضحيات»؟!
ثالثا: لماذا قامت وزارة الاعلام بجرجرة صحيفة «الوسط» في قضية «الخلية» إن كانت تهدف إلى دعم الحرية؟
رابعا: لماذا لا تناقش هذه القضايا في الفضائية البحرينية بدلا من نقاشها في ح وغيرها؟ أليس نقاش قضايانا أهم من برامج فلانة ترسل أغنيتها إلى فلان أو برامج طبخ وغيرها؟
خامسا: إذا كان هناك تقدير للكفاءات البحرينية فلماذا أخرج هذا الكم الهائل من الكوادر التلفزيونية البحرينية إلى الخارج ولأية فرصة عمل أخرى وخصوصا في هذين العامين الماضيين؟
سادسا: لماذا برامج التلفزيون جامدة ولماذا تأخرت هذه الأعوام في حين سبقتنا فضائيات بدأت للتو منذ شهور كالعربية والعالم والمجد وغيرهم؟
سابعا: لماذا الثقافة مهمشة في الوزارة، وكذلك المسرح، ولماذا لم تسجل آثار البحرين في الأمم المتحدة؟
هل كل هذه الأخطاء أيضا من الصحافيين؟ وهل بإمكان الوزير أن يقوم باستبانة علمية عن مدى قبول الجمهور البحريني لما يعرض على شاشتنا البحرينية؟ ولماذا تلغى برامج متميزة وتحظى أخرى بحنان يستمر إلى أشهر أو سنين؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 290 - الأحد 22 يونيو 2003م الموافق 21 ربيع الثاني 1424هـ
