دعا مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شفاب في مقال كتبه ونشرته صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه» إلى حوار عالمي مع العالم الإسلامي. وذكر المقال أن هناك 1,9 مليار مسلم يعيشون على الأرض اليوم كما يمتد العالم الإسلامي من غرب إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا مرورا بوسط آسيا ما يكسب التعاون الاقتصادي مع دول العالم الإسلامي أهمية كبيرة وليس فقط بسبب احتياطي النفط في عدد من البلدان الإسلامية، بل أيضا نتيجة الأهمية الاقتصادية لهذه الدول الشريكة في التعاون والتبادل التجاري والخطوات التي حققتها في مواجهة العولمة. إضافة إلى أهمية هذه البلدان التي لا يمكن التخلي عنها، في مكافحة الإرهاب الدولي بل يمكن القول إنها أهم ضمان للأمن العالمي.
وقال شفاب في مقاله: ينبغي علينا الدخول في حوار شامل وصريح مع العالم الإسلامي، وأن نقر ونعترف بدوره في الحوادث السياسية الاستراتيجية في العالم وأن نعرب لبلدانه عن حرصنا الكبير ومسئوليتنا تجاه تحقيق السلام العادل في العالم. وقال شفاب: انه من الخطأ مواصلة السكوت على الأحكام المسبقة التي تقول «إن هناك فارقا كبيرا بين العالم الإسلامي والغرب» إضافة إلى تنافر سياسي وثقافي وديني، وأن العالم الإسلامي يرى مبادئ الغرب تهديدا له مثلما يرى الحرب ضد الإرهاب بصورة حرب صليبية جديدة. يجد شفاب أنه من الخطأ أن يستمر التنافر بين هاتين الحضارتين كما ينبغي التحرر كليا من هذه الأحكام المسبقة لأنه إذا ظلت قائمة فإن الأمن العالمي سيبقى مهددا.
ومضى يقول: تربطنا مع شعوب العالم الإسلامي الرغبة في العيش بأمن وسلام وحرية وكرامة وهذه الأمور تقود إلى العيش في عالم مجرد من الاضطهاد والعنف. وقال شفاب: إنه ينبغي استغلال هذه الرغبة المشتركة والعمل في البحث عن أسباب الحقد وتدمير الصور العدائية ليحل مكانها الاحترام المتبادل والتسامح والتعاون السياسي والاقتصادي والعمل في استغلال الثروات المتوافرة وبناء استقرار وسلام دائمين وتحقيق الازدهار.
وجاء في المقال «أن الغرب إذا تمعن بما قدمه الإسلام من إنجازات للعالم، في مجالات الثقافة والعلوم والفلسفة، فإنه سيكون من السهل على الغرب أن يقبل العالم الإسلامي شريكا يكن له كل الاحترام». وخليفة قرطبة لم يكن مثالا للحضارة في عصره وإنما أيضا كان مثالا حل في عصر مبكر، على التسامح والتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين واليهود. ينبغي الدخول في حوار وعلى المستويات كافة، وأن يشمل هذا الحوار، الدين والسياسة والعلوم والعلاقات الاقتصادية ولا يجب أن يكون الحوار مقتصرا على البلدان الإسلامية بل ينبغي أن نجريه مع الشعوب الإسلامية داخل مجتمعاتنا. لقد أصبح إرهاب المتطرفين في الغضون يهدد الأمن العالمي ويبحث عن ضحاياه في أنحاء العالم. ودلت تفجيرات جربة وبالي والدار البيضاء على أن هذا الإرهاب لا يبحث عن أهداف غربية أو يهودية بل هو موجه في الحقيقة ضد بلدان ومجتمعات العالم الإسلامي. ويستفيد المتطرفون من الفرصة المتاحة لهم بعدم التوصل حتى اليوم إلى حل لنزاع الشرق الأوسط ويريدون تغيير العالم بواسطة أعمال العنف، لهذا فإن مكافحة الإرهاب أصبحت مسألة دولية ملحة».
واعتبر شفاب أن استخدام القوة العسكرية والأساليب البوليسية لا يكفي للتغلب على مشكلة الإرهاب، بل ينبغي توافر الشجاعة للعمل بسياسة جديدة تجمع بين مكافحة الإرهاب وبناء نظام جديد في منطقة «الشرق الأوسط». لقد فرضت أجواء التوتر التي طرأت على علاقات شرق وغرب أوروبا، ظهور تفكير جديد وشجاعة فائقة وفي النهاية كان أبرز أسباب الانفراج الذي حصل في أوروبا: الحوار وأسس الثقة المتبادلة، إزالة أسباب التوتر. إن حل نزاع «الشرق الأوسط» يحتاج إلى شجاعة وعزم وربما أيضا إلى نفس طويل. واعتبر شفاب أن الدخول في حوار مع العالم الإسلامي يضع أسس حل هذا النزاع وينبغي عدم تجاهل ضرورة التوصل إلى حل هذا النزاع إذا كنا نسعى حقيقة إلى إحلال السلام العالمي وضمان الاستقرار الأمني والسياسي في العالم
العدد 289 - السبت 21 يونيو 2003م الموافق 20 ربيع الثاني 1424هـ