جمعية الصحافيين التي نصّبت نفسها مروّجا لأفكار الحكومة ومواقفها الاصلاحية المضادة، منذ انبثاق نظرية الانشغال والاشتغال التراجعية، مرورا بمقولة الجمعيات السياسية غير سياسية، وانتهاء بفلسفة الفرق بين الاستفادة من الحرية واستغلالها والتي أطلقها أخيرا وزير الاعلام دفاعا عن قانون الصحافة المنبوذ من الجميع، وترويجا في الوقت نفسه لقانون آخر معدل.
هذه الجمعية قدمت إلينا أمس حلقة جديدة من مسلسلها الترويجي من خلال الحديث «المرتب» مع وزير الاعلام الذي دافع فيه الوزير عن تهديداته للصحافيين والكتاب ورؤساء التحرير، قائلا: «ليس هناك تهديد أو وعيد، كل ما في الأمر انني وضعت صحافتنا أمام مسئولياتها في هذه المرحلة...»، بعد أن وجدت هناك كتابات طائفية وفئوية تستغل الحرية ويجب إيقافها عند حدها.
متناسيا - سعادة الوزير - انه باجتماعه مع المسئولين في الصحف واطلاقه أحكامه وتهديداته وتحذيراته وحتى توجيهاته السديدة وضع نفسه فوق القانون متجاوزا صلاحياته ذلك ان تجاوزات الصحافة - كما قال - يحددها القانون ويحاسب عليها، وبالتالي فانه من حق المتضررين من تلك التجاوزات ان يحتكموا للقضاء مباشرة، وان يستندوا في ذلك إلى قانون دستوري وموافق عليه من قبل كل السلطات في الدولة بما فيها السلطة الرابعة. اما هذا القانون الذي أشهره في وجوه الذين اجتمع بهم وقال لهم بكل تقدير واحترام «اللي ما يسمع كلام هذا القانون، والذي يجد نفسه غير قادر على تحمل مسئولياته عليه ان يبحث له عن عمل آخر»، وبعد ذلك يقول انه لا يتدخل في الصحافة ولا يفرض لا رقابة سابقة ولا لاحقة، وكل صحيفة تسير وفق سياستها ووفق ما يراه رئيس تحريرها، واذا لم تصدقوا اسألوا رؤساء التحرير...!
هذا القانون هو جائر بدليل رفضه من الجميع بمن فيهم وزير الاعلام الذي قدم قانونا معدلا له، وهو قانون غير دستوري لمخالفته المادة (70) من دستور 2002 ومخالفته مبدأ حرية الرأي والتعبير المنصوص عليها في الدستور والميثاق، وما ذكره الوزير عن «أهم التعديلات» التي أجريت على قانون (47) ليست تعديلات بالمرة، فهي موجودة في قانون (47) ومنقولة من قانون الصحافة المصري للعام 1996، والمرفوض من الصحافيين هناك أيضا. ان ما قمنا به ضد قانون 47 وسنقوم به ضد القانون المعدل هدفه ايجاد قانون صحافة ديمقراطي، وليس قانون أمن دولة آخر
العدد 289 - السبت 21 يونيو 2003م الموافق 20 ربيع الثاني 1424هـ