العدد 287 - الخميس 19 يونيو 2003م الموافق 18 ربيع الثاني 1424هـ

عضلات الزوج «عنترة»

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

كثير منا يسأل لماذا تنهار بيوت وتتحطم أسر؟ أسباب عدة، ولعل منها العنترية الزائدة، فبعض الأزواج لا يفتأ يوهم نفسه بأعشاب «باباي»، فتراه مزاجي الهوى متى ما أراد أن يغضب يغضب ومتى ما أراد أن يصبح حنونا يكون كذلك وما على المحروسة إلا الرضا بما قسمه الله لها وإلا فعليها الاقتناع بالبهدلة.

بعض الأسر تعاني من طرزانية الزوج وبعضها تعاني من «الست جملات». وثقافة الصراخ وتكسير الصحون والغضب على كل صغيرة وكبيرة سمة بارزة في بعض الأسر التي تعاني من نقص التسامح والوعي الأسري. ومشكلة بعض الأزواج أنه يريد أن يحكم العائلة بثقافة ذبح الديك ليلة العرس أمام أعين العروس. وهي وصية اعتمدت كثيرا في بعض ثقافات قرانا العربية ليبقى الزوج دائما هو «سي سيد» والزوجة «ستي عصفورة» التي عليها أن تقنع نفسها دائما بكل أخطاء الزوج التي يسوق مبرراتها عندما يكتشف خطأه بالصراخ أو الغضب أو ضرب الأطفال، وبعض الأزواج يستعمل السلاح ذاته الذي تمارسه بنات حواء... يخلق الكارثة ثم يختمها بالدموع ولكن بعد ماذا؟ بعد أن يصاب الأطفال بالعقد النفسية جراء ما يرونه من معارك يومية داخل الأسرة فينعكس على مستواهم الخلقي والدراسي فيصابون بالحرمان العاطفي.

بعض النساء تضطر أمام نكدية الزوج إلى الهروب واللجوء إلى بيت أهلها!! ذلك ليس حلا... الحل في معرفة العلاج وقبل معرفته يجب أن تعرف مكامن الخطأ، وحذار من إطلالة «العَمة» في كل صغيرة وكبيرة. بعض الأزواج يرجع إلى المنزل متهلل الوجه تتطاير عصافير الفرح من محياه فتشعر الزوجة أنه راجع من موعد مريب... ليس دائما الاحساس في مكانه، ولكن مشكلة بعض الأزواج أنه تنقبض وجوههم ساعة دخولهم المنزل، وخصوصا إذا كانت زوجته ممن يحملن ثقافة «البرطوم».

ولعل من مساوئ بنات حواء الالتجاء إلى ندب الحظ وإلقاء سيل اللعنات على ذلك الحظ الذي ألقاهن في هذا الزوج ورزقهن بمثل هؤلاء الأبناء. وهذا يدخلنا إلى مشكلة «الدعاوي» الذي يخال البعض أنها انتهت مع موت آخر النساء المعمرات في حياتنا، متناسين أنها ثقافة زرعت في كثير من البنات حتى بعض أولئك المتعلمات. تجدها متعلمة، فارسة وقد تكون بجواد ولكنها لا يمكن أن تنسى «جلد الذات اليومي» بالصراخ، والبكاء والعويل وجز الشعر غضبا من فعل الأطفال. نعم دع زوجتك تنفس عن احتقاناتها، ولكن إن أردت إزالة «اللعنات» منها أزل أنت من ذاتك القاء اللوم الذي تلقيه عليها أمام أية مشكلة.

وهذه نقطة في غاية الأهمية، فالزوجة هي الحلقة الأضعف في الأسرة... إن مرض الطفل فهي المسئولة، إن أصيب بمكروه فهي المقصرة، إن رسب في مادةٍ أو في دراسته فهي السبب الأساسي... هذه هي عقلية بعض الرجال النكديين، فثقافتهم ورثوها من الآباء القائلة إن وراء الزوجة كل خطأ في الأسرة وأية كارثة وأية مصيبة حتى ولو كانت بريئة، والكارثة سببها الزوج. فبعض الأزواج يرى في الزوجة القدر الذي ينزل على البشر وهذه مشكلة كبرى... وتراه ينسى كل إيجابياتها من تعبها على الأطفال، تدريسهم، ترتيبهم، اعتنائها بملبسهم، وبدراستهم... كل ذلك يذوب ساعة غضب سي السيد وإذا فاجأه القدر بشيخوخة مبكرة لزوجته يناله العجب في كل ذلك ويسائل نفسه: أمر غريب؟ هي تنقصني سنا وها هي أصبحت تشبه «جدتي»؟

ولا يعلم أن أول شعرة بيضاء زرعت فيها كانت بعد أول غضب منه!!

الكبرياء الزائد للزوج والمكابرة تصنع المشكلات في الأسرة، أما الاعتراف بالخطأ فهو بداية الحل. دعونا نتعرف على مشكلاتنا قبل فوات الأوان. طبعا للغيرة دور كبير في انهيار أسرنا وهي سبب المتاعب إذا تحولت إلى هوس وجنون، وكذلك هو الفقر فهو ينهك الأسرة. ولكن على رغم كل هذه المشكلات فإنه بالتفاهم، بالصبر، بالتوازن، بالالتزام بضوابط الشريعة، سنحل كثيرا من هذه المشكلات. وهناك نصائح زادتنا بلاء. بعض النصائح تأتي «حاول أن تظهر رجولتك مرة واحدة في الأسبوع وحمِّر عينك عليها»...

القضية لا تحتاج إلى احمرار عين بقدر ما تحتاج إلى معرفة ما لك من حقوق وما عليك من واجبات، فلو أن كل واحد التزم بقاعدة الحقوق لأصبحت كثير من أسرنا تمشي كعقارب الساعة، ولكن المشكلة هي أننا نتعامل مع بعضنا وفق ثقافة ألفناها وعشناها وتعصبنا لها وهي أن المرأة يجب أن تُدفن داخل «قدر الضغط» مع الطماطم المحشوة أو في غسالة الثياب، أما أن نفكر في اعطائها حقوقها من احترام وظيفتها داخل الأسرة وفي العمل وفي التعليم وفي حقها في تحقيق طموحها العلمي فذاك مازال ينتابه بعض الارباك.

وما بين كل هذه الأسلاك مسافة جمالية ومحطات لأسرٍ وجدت ذاتها وهي قائمة على الذوق والنظام والجمال والخلق الرفيع. إذن الزوجة ليست طبخة محشوة والزوج ليس قلادة للديكور تجمل بها الرقبة... جوهر الأسرة ركنان إذا اهتز أحدهما سقطت الأسرة.

وهناك نقطة مهمة... وهي أنه يجب على الزوج ألا يلتزم مهنة الكذب على الزوجة فذلك يخلق الشكوك في قلبها وهو سلوك غير حضاري... المصارحة مهمة وحبل الكذب قصير، ويقال إن الله خلق في المرأة حاسة سادسة لأجل اكتشاف الكذب، فبنات حواء لهن قدرة فائقة على معرفة الكذب، ويستطعن أن يشرحن كلام الزوج في لحظات لاصطياد التناقضات... الزوج الصادق يخلق أسرة صادقة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 287 - الخميس 19 يونيو 2003م الموافق 18 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً