العدد 287 - الخميس 19 يونيو 2003م الموافق 18 ربيع الثاني 1424هـ

صرخة إدانة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

المآسي التي تنشر بين لحظة وأخرى في صحفنا المحلية تعطي رسالة واضحة بأن هناك أناسا يموتون من التخمة وأناسا يموتون من الجوع. يعجب المرء وهو يصدم بين لحظة وأخرى ببيوتٍ متصدعة، وبعوائل يأكلها الفقر وبجوع زاحف على أسر كثيرة.

إن الصور تحرك حتى الصخور لتخرجها من صمتها. خصوصا وهي ترى أطفالا «خليجيين» يحلمون «بدب» صغير وسرير!! إن هذا الوجع اليومي اذا اجتمع بصوره يعطي رؤية واحدة وهي ان المقصرين كثر ويقع اللوم أول ما يقع على الدولة ومن ثم تتوزع النسب على مراكز ومؤسسات المجتمع... ويبقى السؤال: أين مؤسساتنا الخيرية؟ وأين الصناديق الخيرية عما هو موجود على الأرض. أعلم أن الصناديق غارقة إلى حد الأذن مما تتحمله من أعباء ومشقة إذ باتت الصناديق الخيرية علامة بارزة من علامات مجتمعنا البحريني، ولكن بإمكانها أن تحرج الجميع بهذه الصورة المأسوية فلعل ضمير كل من يمتلك مالا ولم يحركه لخدمة الخير أن يتحرك.

هذه الصور مازالت تصدم ضمير وإنسانية المواطن البحريني ليتساءل أين الوزارات عن كل ذلك؟

ولم تكن العائلة المنكوبة بالفقر في عين عذاري هي الأولى ولن تكون الأخيرة، قلنا في السابق هناك الآلاف وكما قال مركز البحرين للدراسات والبحوث إذ أحصى 10 آلاف عائلة تحتاج إلى معونة.

عندما طرح ذلك في الصحافة أطل علينا بعض الصحافيين والمسئولين قائلين ان ما يكتب هي مبالغات وتهويل؟! ولكن تبقى المشاهد والصور كفيلة بتوضيح ما يعيشه مواطنون حسبوا على الثروات وكان حظهم فيها الحزن والفقر. عائلة يأكلها الفقر وافترست الأمراض أبناءها، تعجز عن الحصول على سيارة، كل الفصول فيها تمثل رعبا فالشتاء يهددهم بالبرد وإلقاء رصاص المطر، وفي الصيف تهددهم الشمس بالذوبان، وبين كل هذه المآسي نسمع الأمنية: طفلة تحلم بلعبة «دب» وبسرير ولولا الخجل لقالت: الحصول على أرجوحة وشيئا من «الشوكولاتة».

لو سألنا أنفسنا كم نصرف من الأموال على احتفالاتنا، على بطاقات أعيادنا، على كمالياتنا؟... هل هذا كلام رومانسي أم هو واقع؟ أليس الحدث إدانة وصرخة احتجاج من أطفال فقراء رأوا عذاري لكنهم لم يروا ماءها في يومٍ من الأيام على طريقة:

يشقى بنوها والنعيم لغيرهم

فكأنها والحال عين عذاري

سمعنا عن فقراء يعيشون تحت الأرض في مجاري في افريقيا لكن أن نرى ذلك في زمن الطفرات المادية وارتفاع اسعار البورصات والبزنس وذلك ما لم نسمعه لكنا رأيناه ومازلنا نراه. وهنا قصة المفارقة وفي واقع الحزن لنا مفارقة محزنة مبكية: «طلبت المعلمة من تلميذة... ابنة مليونير من الطبقات الجديدة أن تكتب موضوع إنشاء عن أسرة فقيرة فكتبت التلميذة: يحكى أنه كانت هناك أسرة فقيرة... الأب فقير والأم فقيرة والسائق فقير والخادمة فقيرة والبستاني فقير»... تلك هي المفارقة ستمر عصور وأزمان ولن يستطيع بلوغ حزن الفقير إلا من يمتلك ضميرا حيا، وغدا يسألنا الله عنهم ليقول: «وقفوهم إنهم مسئولون»... كثير منا متخمون بالكماليات والاستعراض فنصف لباسنا وأكلنا نرميه على الأبواب تلالا وتنطلق مقولة علي (ع) وهو ينظر إلى تلك التلال ليقول: «هذا ما بخل به الباخلون».

ويتبقى السؤال هل ستحصل هذه العائلة على اغاثة سكن وكرامة معيشة؟

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 287 - الخميس 19 يونيو 2003م الموافق 18 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً