لا تخلو تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن المنظمات الدولية من الانحياز والاجحاف أحيانا وخصوصا فيما يتعلق بالعالم الإسلامي على وجه العموم والدول المارقة عن المبادئ الغربية على وجه الخصوص. فقد جاء في تقارير هذه المنظمات أخيرا بأن هناك ثلاث دول على الأقل في العالم العربي تتم فيها ممارسة البغاء الجماعي وعلى نحو قسري ومنظم بالإضافة إلى تجارة الرق. وقد ألمحت أجهزة الإعلام إلى الجزائر ولبنان والسودان. ربما ليس هناك بغاء منظم من قبل حكومات تلك الدول وأن تلك المظاهر تعتبر في سياق الممارسات الفردية ولظروف خاصة بتلك المجتمعات التي طحنتها الحروب الأهلية وحاصرت حكوماتها العقوبات الدولية التي تتزعمها الولايات المتحدة. أما فيما يتعلق بتجارة الرق، فليس هناك على وجه المعمورة من يصدق أن هناك تجارة رق منظمة، فالعالم أصبح قرية صغيرة وانتشر الوعي والتعليم في جميع أنحاء المعمورة، كما أن تجارة الرق في الأساس مصدرها الرجل الأبيض في الماضي وبما أنه كفّ عن ذلك وأنّبه ضميره في ذلك فليس هناك رق داخلي بين مجتمعات تلك الدول.
وعليه يجب على وسائل الاعلام العربية أن تمحص ما تقوله تلك الأبواق المغرضة التي لا يهدأ لها بال حتى تثير الفتنة وطبعا مدخلها في ذلك الديمقراطية والمرأة وهما قضيتان حسم أمرهما الإسلام. فإذا أخذنا لبنان مثلا فقد مر هذا القطر العربي بمحنة الحرب الأهلية التي بدأت في العام 1975 والحرب والحصار من قبل «إسرائيل» بالإضافة إلى وجود لاجئين فلسطينيين طردوا من ديارهم من قبل اليهود. كل هذه المستجدات تؤدي طبعا إلى ظروف استثنائية كان المتسبب الأول فيها الغرب الذي دعم وأيد قيام دولة صهيونية على أراض عربية.
وفيما يتعلق بالحال الجزائرية فنجد أن وأد الديمقراطية التي فاز بانتخاباتها الإسلاميون هو أصل مشكلة تردي حقوق الإنسان في الدولة. وعادة ما تنسب أعمال العنف هناك الى الميلشيات الإسلامية، فقد كان للجيش الجزائري مثلا دور في ذلك على مسمع ومرأى من الدول الغربية راعية الديمقراطية.
أما السودان فليس فيه أيضا تجارة رق إذ ان ما يجري هناك نزوح لأطفال وشباب الجنوب من جحيم الحرب إلى الشمال والاحتماء بسكان الشمال الذين غالبيتهم مسلمون وقد وجد هؤلاء كل رعاية ودمجوا في المجتمع بحيث اعتنق بعضهم الإسلام وعملوا في القطاعات المختلفة ولذلك أقامت المنظمات التبشيرية الدولية الدنيا ولم تقعدها وروّجت حكاية الرق في السودان في حين ان الدولة بريئة من ذلك براءة الذئب من دم يوسف.
فالمنظمات الدولية لحقوق الإنسان معنية بإيجاد الحلول الناجعة لقضية ما إذا كان هناك بغاء وتجارة رق وذلك من خلال إيجاد مشروعات اقتصادية توفر الفرص لتلك المجتمعات وأن توجه اللائمة الى المتسببين في استعار تلك الحروب في هذه البلدان التي تتهمها بخرق حقوق الإنسان بشفافية وحياد
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 287 - الخميس 19 يونيو 2003م الموافق 18 ربيع الثاني 1424هـ