«مركز يوسف خليل المؤيد لأمراض وزراعة الكلى» الذي أفتتح يوم أمس الأول، بادرة نوعية ينبغي أن تتكرر. ف
الأثرياء وقفوا خلف حركة الفن والأدب والسينما والمظاهر الجمالية جميعها التي تتمتع بها أوروبا وأميركا، بل إن مؤسسات كبرى تحمل اسم صاحبها الثري أصبحت جزءا مهما في المجتمع والدولة، وتوازن نشاطات الحكومة في مختلف المجالات. فهناك مؤسسة روكفلر ومؤسسة كارتر وغيرهما كثير جدا في أميركا، وهناك مؤسسة مدام ميتران زوجة الرئيس الفرنسي السابق ميتران، ومؤسسات لا يمكن احصاءها لمن كان لديهم الخيرات ولكنهم لم يبخلوا على مجتمعاتهم فتبرعوا بجزء منها لخدمة خيرية أو علمية أو لمصلحة عامة.
تقاليدنا الاسلامية كانت ومازالت تحث على الإحسان وفعل الخير وخدمة الآخرين، ولكن نظرة على واقعنا يحدثنا أن غير المسلمين في بلدان أخرى أفضل منا حاليا. بل إن عددا من الأثرياء المسلمين يقومون بمشروعات الخير ولكنهم يؤسسونها في بلاد الغرب فقط. فهناك كراسي للبحث العلمي يتبرع بها أثرياء عرب ومسلمون لجامعات غربية وهناك أجنحة طبية ونواد رياضية تحظى بأموال من محسنين في مناطقنا، في الوقت الذي نفتقر الى ذلك.
المحسنون الاكثر في بلداننا عادة من الفئات غير الثرية التي تحاول خدمة الفئات المماثلة لها، بل إن كثيرا من التبرعات التي تتحرك بها الصناديق الخيرية تأتي من اصحاب الدخل المحدود. والأثرياء الذين يملكون الكثير ولديهم من النعم التي منّ الله بها عليهم يعزلون أنفسهم عن باقي أفراد المجتمع... في الوقت الذي يمكن أي واحد منهم انشاء مكتبة عامة في كل منطقة وفي كل قرية، أو يستطيع أن يتبنّى فريقا رياضيا...
بعض الأثرياء وبعض المؤسسات بدأوا القيام بمثل هذه الأعمال ولكنها قليلة جدا مقارنة بما يحدث في البلدان الأخرى. ففي بلدان كثيرة يفتح بعض الأثرياء حدائقهم (ضمن ضوابط معينة) ويفسحوا المجال لمن يود الحصول على بعثة دراسية التقدم اليهم من خلال مؤسسة يرعونها ويقدموا الكثير الى الأدب والفن والابداع واحياء التراث واجراء البحوث الاجتماعية لمعالجة الفقر والفاقة ويدفعون الكثير في مجالات الخير...
ومن خلال خبرة سنوات وارتباط بأعمال المجتمع العامة وكما ذكر اعلاه، فإن الشكوى التي ينقلها الكثير هي ان أهل الثروة هم أقل من يقدم في المجالات التي يحتاجها الناس، وان الذين يتبرعون ويشاركون بصورة مستمرة هم ذوي الدخل المحدود، مع غيرهم.
ولذلك فإن افتتاح «مركز يوسف خليل المؤيد لأمراض وزراعة الكلى» يعزز الاتجاه الحضاري الذي يستطيع أن يلعبه الذين أنعم الله عليهم بالخير. وهناك مشروعات أخرى مماثلة في البحرين والأمل هو أن المشروعات النوعية كثيرة ويمكن مساعدة البحرين وأهلها فيما لوتبناها أهل الخير. إن الذين يتصدرون هذه الأنشطة لا يخلدون اسمهم فقط وإنما يساعدون أبناء وطنهم ويساعدون أهلهم الذين يستفيدون كما يستفيد غيرهم في انتشار الخير العام.
فقرآننا هو الذي يقول «والذين في أموالهم حق معلوم، للسائل والمحروم» المعارج/24-25. وهؤلاء هم الذين يحبهم الله ويحبهم الناس... وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 285 - الثلثاء 17 يونيو 2003م الموافق 16 ربيع الثاني 1424هـ