تشارك مملكة البحرين دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، الذي يصادف يوم 17 يونيو/ حزيران من كل عام إذ تبنت دول العالم في مثل هذا اليوم من العام 1994 اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
وقد اتخذت الاتفاقية شعار «إدارة الموارد المائية والتصحر» لاحتفال هذا العام.
إن التصحر مشكلة عالمية خطيرة تعاني منها الكثير من الدول، إذ ان الرقعة الخضراء في العالم تواجه تحديا كبيرا من جراء تدهورها وتعرضها للتصحر. فعلى رغم ان حوالي 70 في المئة من إجمالي مساحة الأراضي الجافة المستخدمة للزراعة في العالم قد تضررت فعلا من جراء التصحر بحسب ما تشير إليه التقارير العالمية، فإن تقديرات تدهور الأراضي وتصحرها على المستوى العالمي تنذر بخطر كبير يهدد الغطاء الأخضر في العالم، إذ من المتوقع أن يكون هناك انخفاض كبير في الأراضي الزراعية في العام 2025 بنسبة تقدر بين 20 في المئة إلى 60 في المئة مقارنة بما كانت عليه في العام 1990. كما تشير التقديرات المتوقعة للعام 2025 إلى حدوث انخفاض كبير في الموارد المائية المتوافرة في المناطق الجافة بحوالي النصف في بعض مناطق العالم عما كان عليه في العام 1990، الأمر الذي يترتب عليه تأثيرات سلبية كبيرة على البيئة وانتاج الغذاء في العالم.
وبحكم موقعها الجغرافي تواجه مملكة البحرين مناخا قاسيا وظروفا طبيعية صعبة تزيد من تفاقم مشكلة تدهور وتملح التربة والمياه الجوفية.
وتعتبر مشكلة تملح المياه الجوفية احدى اهم اسباب تدهور وتصحر الاراضي الزراعية في البلاد، إذ أن الري بالمياه المتملحة والذي يقوم به المزارعون بصورة مبالغة لتفادي تركيز الأملاح في التربة، يؤدي إلى تراكم الأملاح في التربة وانخفاض انتاجية الكثير من الأراضي الزراعية وبالتالي اهمال الكثير منها من الناحية الزراعية.
وقد أولت مملكة البحرين وبتوجيهات القيادة العليا الرشيدة اهتماما بمشكلة التصحر ومكافحته، إذ انضمت المملكة إلى اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة التصحر من خلال صدور المرسوم الأميري بشأن ذلك في 25 يونيو 1997.
كما تم أخيرا اتخاذ الاجراءات اللازمة لتشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة التصحر من الجهات والقطاعات ذات العلاقة بمجال التصحر في البلاد، بغرض إعداد برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحر طبقا لمتطلبات هذه الاتفاق، إضافة إلى تنظيم وتعزيز جهود وأنشطة مكافحة التصحر في البلاد، ونشر الوعي الزراعي والبيئي بين فئات المجتمع.
وفي ضوء توجيهات صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله، واهتمام صاحب السمو رئيس مجلس الوزراء الموقر، ومساندة صاحب السمو ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع، فقد تم وضع استراتيجية للمحافظة على الرقعة الزراعية ومكافحة التصحر، تهدف إلى تحقيق هدفين اساسيين هما الحد من استنزاف المياه الجوفية، والمحافظة على الأراضي الزراعية القائمة. وتشمل هذه الاستراتيجية على برامج رئيسية اهمها التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها في الأغراض الزراعية إذ بدأت المملكة حديثا في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع إعادة استخدام المياه المعالجة في الري، والذي يهدف إلى رفع الطاقة الإنتاجية للمحطة إلى حوالي 73 مليون متر مكعب سنويا لتستخدم في ري حوالي 3500 هكتار من الأراضي الزراعية ومشروعات تشجير الشوارع والمناطق البرية في البلاد. وتم رصد موازنة تبلغ حوالي 55 مليون دينار بحريني لتنفيذ هذا المشروع. كما تشمل الاستراتيجية سن القوانين والتشريعات إذ اصدرت المملكة عددا من القوانين الهادفة إلى المحافظة على المياه الجوفية والأراضي الزراعية، بالإضافة إلى تعميم أساليب الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والري بالرش، وتحسين اساليب الري التقليدية، إذ تقوم وزارة شئون البلديات والزراعة بتوفير مواد الري للمزارعين بأسعار مدعومة لتشجيعهم على ترشيد استهلاك المياه. كما تشمل الاستراتيجية كذلك على تعميم زراعة المحاصيل العلفية ذات الاحتياجات المائية المنخفضة والتي نجاح زراعتها محليا في المشروعات الزراعية الحكومية بدلا من المحاصيل العلفية التقليدية ذات الاحتياجات المائية العالية، وكذلك الاهتمام بالتوسع في تشجير المدن والشوارع والمناطق البرية. وتتضمن الاستراتيجية ايضا الاهتمام بالمصارف الزراعية لتصريف المياه لمالحة من الاراضي الزراعية إلى البحر بغرض حمايتها من التدهور. ويجري العمل حاليا على إنشاء وتجديد وصيانة حوالي 90 كيلومترا من المصارف الزراعية الموزعة في مختلف المناطق الزراعية في البلاد. وإضافة إلى ذلك تهدف الاستراتيجية إلى وضع الضوابط الخاصة باستخدام الأراضي الزراعية من خلال حصرها ووقف استخدامها لغير الاغراض الزراعية، وتحسين استعمالات التربة الزراعية والمحافظة على الغطاء النباتي، وتعزيز دور الارشاد الزراعي، والاستمرار في تقديم الدعم والتسهيلات للمزارعين.
وقبل ذلك كله، فإن المملكة وبتوجيهات القيادة الرشيدة تولي اهتماما خاصا بزراعة النخلة الشجرة التي ارتبطت بتاريخنا وحضارتنا وثقافتنا من جهة، والتي تتحمل الظروف المناخية الصعبة ومياه الري المرتفعة الملوحة من جهة أخرى. لذلك فإن جهود هذه الوزارة موجهة نحو تشجيع زراعة النخيل والاكثار منها، مع الاستفادة من التقنيات الحديثة كالزراعة النسيجية لدعم هذا التوجه.
وتأمل مملكة البحرين في ان تتضافر جهود جميع دول العالم للعمل على الحد من مشكلة التصحر، ووقف تدهور الأراضي الزراعية، ووضع حد لانحسار الغطاء الأخضر عن المناطق الزراعية والغابية في الكرة الأرضية، نظرا لما تمثله من تأثير على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والصحية، لينعم العالم ببيئة صحية وطبيعية
العدد 284 - الإثنين 16 يونيو 2003م الموافق 15 ربيع الثاني 1424هـ