كثفت الإجرات الأمنية في الأراضي السعودية تحسبا من هاجس أي هجوم إرهابي مشكوك به، فجاءت حملة الاعتقالات الأخيرة في مدينة مكة المكرمة والتي أسفرت عن وقوع خمسة إرهابيين قتلى واثنين من رجال الشرطة دليلا على تعاون ورصد السلطات السعودية أي تحرك مشتبه في نشاطه.
وأطلقت تفجيرات الرياض رصاصة في قلب الأمن السعودي لمداراة أزمة ومشكلة الإرهاب الدولي حسبما تزعمه قوى الإدارة الأميركية حول وجوده ونزع فتيله ومصادر تمويله واجتثاث جميع الخلايا «النشطة والنائمة» المشكوك في أهدافها وعلاقتها مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن السعودي الأصل، فجاءت تلك التفجيرات متزامنة مع زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول لمناقشة الوضع الأمني في منطقة الشرق الأوسط الأمر الذي عزز وكثف الخطى الأمنية والدفاعية للمملكة السعودية. فكان يوم 13 مايو /أيار الماضي هو يوم الصدمة الإستباقيه لقوات الحرس الأمن السعودي والتي أسفرت التفجيرات عن مقتل 34 شخصا وإصابة 194 آخرين من الاميركيين والبريطانيين والأردنيين والسعوديين، فأخذت الأوساط السياسية والمراقبين تراقب عن كثب أسباب ودوافع تلك النزعة نحو العنف ولا الرحمة فأرجع البعض أن غلبة التيار الديني ومبدأ التكفير وأسلوب التعصب هي ماأنتجت ذلك الحشد اللاأخلاقي والذي يتعارض مع مفاهيم الدين الإسلامي والذي يحاول البعض ترجيحها إلى مبدأ فكرة «الإسلام» بإعتباره منبعا يذر الإرهاب وإراقة الدماء. وأوضحوا ان هناك «عوامل داخلية وخارجية أسهمت في تشجيع تيار التشدد والإرهاب» أبرزها «احتكار التيار المتزمت والتكفيري للمنابر وإقصاء كافة التيارات الأخرى» وأكد ضرورة «إفساح المجال لكافة التيارات الثقافية والمذاهب الفقهية للتعبير عن اجتهاداتها ورؤاها».
ومن منطلق التزام السعودية بقانون مكافحة الإرهاب والذي صدر بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول والانتقادات الذي رصدت نحوها بأنها مرتع يمول الإرهاب وفروعه عملت في الفترة الأخيرة على تعزيز فكرة الإرهاب عدو لابد من قمعه فقامت أجهزتها الإسخبارية من الشرطة بعملية اقتحام لشقة في مكة المكرمة يعتقد بأنها كانت مكانا يخطط فيه لتدبير هجمات انتحارية في مناطق عدة بالمملكة.
وأمام هذه الإجراءات الأمنية المشددة إلى أي مدى تكون السعودية عززت ثقتها للإدارة الأميركية بتعاونها لقانون مكافحة الإرهاب وهل يمكنها القضاء التام على جميع الأنشطة المشكوكة والإرهابية تفاديا من وقوع هجمات إنتحارية أخرى لا قدر الله في المستقبل القريب أو البعيد؟
العدد 284 - الإثنين 16 يونيو 2003م الموافق 15 ربيع الثاني 1424هـ