العدد 282 - السبت 14 يونيو 2003م الموافق 13 ربيع الثاني 1424هـ

وحدة التيار الديمقراطي التقدمي كيف ومتى وعلى أي أساس؟

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

نشرت بعض صحفنا المحلية دعوات متعددة تدعو إلى تشكيل تجمع واسع للتيار الليبرالي في الفترة نفسها التي دعا فيها كل من رئيس المنبر التقدمي ورئيس العمل الوطني الديمقراطي الى وحدة أو تكتل هذين التيارين. لكن من الواضح أن هناك خلطا للأمور، فلقد فهمت (شخصيا) من دعوة ومقال حسن مدن أنها تدعو إلى تأطير وجمع التيار الديمقراطي التقدمي الملتزم برؤية ومرجعية فكرية متقاربة بل ومنسجمة وان تعددت الاجتهادات والرؤى والتحليلات للمعطيات والحوادث السياسية في الساحة المحلية. بل يتفق هذا الفهم مع مجموعة من المقالات والتصريحات التي أدلى بها الأخ عبدالرحمن النعيمي وإن كان قد ذهب بعيدا في طرحه عندما دعا إلى وحدة هذا التيار مع احتفاظه بتعدد منابره وتحليلاته ورؤى التعامل اليومي مع المعطيات السياسية على الساحة المحلية والعربية والعالمية.

والحقيقة، إن هذا التيار يدعمه قطاع عريض من المستقلين والتكنوقراط والذين يمثلون شرائح واسعة وعريضة من الطبقة الوسطى. بينما التيار الليبرالي الذي يتحدث عنه بعض كتابنا المحليين ويتداعون إلى ايجاده أو خلقه، تيار يشمل شرائح تختلف في أولوياتها ومرجعياتها الفكرية مع التيار الديمقراطي التقدمي، وإن التقت معه في قضايا الديمقراطية والحداثة. كما ينتمي بعض هذه الشرائح إلى طبقة رأس المال الوطني الذي بطبعه ليبرالي التوجه إذ تحكمه مصالحه التي تسعى إلى التحرر والتحول إلى دائرة الفعل الايجابي في قضايا التنمية الاقتصادية لكن مع احتفاظه بمرجعيته الخاصة التي تتناغم مع مصالحه من حيث توافر حرية رأس المال المطلقة، ولكن التاريخ يخبرنا أن هذا التيار كان ومازال غير مستعد لدفع استحقاقات الديمقراطية والاصلاح الحقيقي نظرا لارتباط نشاطه الاقتصادي بجهة الانفاق الرئيسية في هيكلية الاقتصاد البحريني ألا وهي السلطة السياسية المتمثلة في الدولة، والتي مازالت تحت سيطرة ونفوذ القوى المعارضة للإصلاح الحقيقي وتفعيل المشاركة الحقيقية في عملية صنع القرار السياسي. كما يشمل هذا التيار شرائح من الطبقة الوسطى ومن مثقفين ارتبطت مصالحهم مع توجهات ومصالح مراكز القوى التي تسعى إلى «اغتصاب» المكاسب الشعبية والوطنية من جماهير هذا الشعب. بل لقد استطاعت مراكز القوى هذه أن تحجم أية توجهات اصلاحية حقيقية وتجيَّر التغيرات التي شهدتها البحرين رويدا رويدا لصالحها وصالح توجهاتها. كما ويشمل هذا التيار الواسع شرائح «متأمركة» و«متصهينة» تدافع عن الحداثة ضمن مقاييس وشروط ورؤى الإمبريالية الأميركية والأجندة الصهيونية والتي تمثل مصالح الشركات متعددة الجنسيات التي تتفق مصالحها مع توجهات العولمة التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية. وبالتالي فإن غالبية الشرائح التي ذكرناها تختلف في كثير من أولوياتها وأهدافها وتطلعاتها مع ما يريد ويأمل التيار الديمقراطي التقدمي في تحقيقه ولو بشكل متدرج وبطيء لكن بخطوات ثابتة ومن دون تراجعات او انتقاص من حقوق شعب البحرين الدستورية.

لذلك وجب التوضيح لكي لا نخلط الأمور كما اختلطت المفاهيم عند البعض، ولا يجب ان يكون قانون الاسرة اساسا لاصطفافات وتحالفات جديدة، وإلا نكون قد وقعنا في الفخ الذي أعد لنا وانشغلنا أو اشتغلنا بالقوانين والقضايا الفرعية عن القضية الاساسية ألا وهي القضية الدستورية والمشاركة الكاملة والفعالة لممثلي الشعب في عملية صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكل ما يمس حياة وواقع ومستقبل البلد وشعبه. فالقضية الدستورية ودولة سيادة القانون وسواسية الجميع في الالتزام به وفصل السلطات هي القضية التي يجب أن تحدد الأولويات وتقاس على أساسها الاصطفافات والتحالفات.

هم يروجون ويريدون للتيار الديمقراطي التقدمي أن يضيّع ويصبح جزءا غير فاعل يتم توظيفه وتوجيهه من قبل مراكز القوى التي استطاعت اختراق الكثير من شرائح التيار الليبرالي الذي يدعون إليه، ونحن نريده ونأمل في خلق تيار متميز قوي يعمل على اتساع قاعدته الشعبية والجماهيرية ليكون رقما فاعلا في المعادلة، فهل بإمكاننا فعل ذلك؟ هل بإمكاننا أن نميز بين الدعوات الصادقة والدعوات المشبوهة؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 282 - السبت 14 يونيو 2003م الموافق 13 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً