العدد 281 - الجمعة 13 يونيو 2003م الموافق 12 ربيع الثاني 1424هـ

قراءة في قانون البلديات

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

(نحن نريد للمجالس البلدية أن تعبر مباشرة عن آراء السكان في كل محافظة في البلاد)، و(...إن صنع القرار البلدي في محافظات المملكة لا يقل أهمية عن صنع القرار السياسي على المستوى الوطني) كلمات معبرة لجلالة الملك لم تلتزم بها عدة أطراف سواء على صعيد الإدارات المعنية في الدولة أم على صعيد المجالس المنتخبة من قبل المواطنين، وقد جاء في مقدمة قانون البلديات (... تقوم فلسفة هذا القانون على اعتبار أن المجالس البلدية مؤسسات شعبية لصنع القرار الإداري، كما ترتكز على منح هذه المجالس الاستقلالية، وتأكيد ضمانات العدالة في توزيع الخدمات البلدية على المناطق البلدية كافة) وقد (...حدد المشرع اختصاصات المجالس البلدية والتي تتمحور حول فلسفة واحدة قوامها الاعتراف من المشرع بنظام الحكم المحلي أو اللامركزية الإدارية).

الاستقلالية

(تقسم دولة البحرين إلى خمس بلديات) هذا نص المادة (1) من قانون البلديات، وكما هو الحال في الديمقراطيات العريقة فإن المقصود بالبلدية، المجلس البلدي كسلطة تشريعية والجهاز التنفيذي كسلطة تنفيذ، ومن هذا المنطلق جاءت المادة (2) من قانون البلديات لتؤكد على: (يكون للبلدية شخصية اعتبارية، وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري) وكلمة الاستقلال الإداري كما نفهمها تعني: استقلال إصدار القرار واللوائح (من جانب المجلس البلدي كما سيأتي لاحقا) وأيضا تنفيذ تلك القرارات والأوامر (من جانب الجهاز التنفيذي كما سيأتي ذلك)، والاستقلال من الناحية المالية تعني مصادر الدخل وتنميتها بالنسبة إلى البلديات المختلفة وأوجه صرفها كما جاء في المادة (34) و(35).

وقد أوضح الهيكل التنظيمي للمنطقة الوسطى والمصدق عليه من قبل وزير البلديات والصادر بقرار رقم (35) معنى الاستقلالية بالنسبة إلى البلدية ولا سلطان عليها من قبل الوزير، بل تبقى علاقة الوزير بالبلديات الخمس في نطاق توجيه العمل البلدي وما يتوافق وسياسة الدولة العامة.

المجلس البلدي

استنادا إلى المادة (4) الخاصة بسلطات كل بلدية تؤكد الفقرة (أ) (المجلس البلدي ويمارس سلطة إصدار اللوائح والقرارات والأوامر ومراقبة كل ذلك في حدود اختصاصات المجلس البلدي)، وجاءت المادة (22) لتؤكد عملية مراقبة العمل باللوائح والقرارات والأوامر عن طريق (... إلحاق العدد الكافي من العاملين اللازمين لحسن سير العمل به)، كما نصت المادة(22) أيضا على أن مسئولية الإشراف على العاملين تكون على عاتق رئيس المجلس البلدي، وأعطت المادة (38) رئيس المجلس (الحق في انتداب الموظفين اللازمين للتحقق من مدى تطبيق أحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة، وضبط ما يقع من مخالفات، وطلب المعلومات والبيانات والاطلاع على الوثائق...، وتحرير المحاضر وسؤال المختصين)، وهذه الصلاحية يجب استخدامها على الوجه الأمثل، واختيار الموظفين الاكفاء لتنفيذ أعمال المجلس الرقابية.

وتنص المادة (27) على:( استدعاء أي من موظفي الجهات الحكومية أو غيرهم من الخبراء وذوي الاختصاص لتقديم المعلومات أو إبداء الآراء الفنية ويجوز تكليفهم بتقديم دراسات معينة أو تقارير فنية)، يتضح من هذه المادة مدى الصلاحية الواسعة في هذا الجانب والتي قررها المشرع للمجلس البلدي لمساعدته في تأدية عمله من خلال استدعاء أي من موظفي الحكومة لتقديم الرأي والمشورة والتقارير التي يحتاجها المجلس.

الجهاز التنفيذي

أكد المشرع في المادة (4) الفقرة (ب) على أن الجهاز التنفيذي يمارس سلطة التنفيذ، ومدلول كلمة التنفيذ كما هو معروف: تنفيذ ما يصدر عن السلطة التي لها حق إصدار اللوائح والقرارات والأوامر، وهي سلطة المجلس البلدي كما جاء في المادة نفسها في الفقرة (أ) وقد أشرنا إليها فيما تقدم، وفي المادة (31) والمتعلقة بمهام مدير عام البلدية جاء في الفقرة (أ) تنفيذ قرارات المجلس البلدي.

وعلى ذلك يعتبر المدير العام منفذا للوائح والقرارات والأوامر التي تصدر عن المجلس البلدي، وبما أن المدير العام يخضع لما يصدر عن المجلس فأن موظفي الجهاز التنفيذي يخضعون بالضرورة إلى المجلس البلدي.

المخالفــــــات

سأقوم بتسليط الضوء على بعض المخالفات التي تم رصدها من خلال متابعتي لتجربة العمل البلدي في ظل النظام الجديد - أي بعد انتخاب المجالس البلدية - وذلك لتقييم الوضع والوقوف على بعض التجاوزات التي نأمل تداركها مستقبلا من خلال تفعيل القانون والعمل بما جاء به من مواد.

تؤكد المادة (19) وهي مادة اختصاصات المجلس البلدي الأصيلة وفي الفقرة (ف) على (النظر في شكاوى المواطنين التي يقدمها المواطنون والجهات الأخرى بشأن المسائل التي تدخل في اختصاص المجلس البلدي، ومع الأسف بعض المجالس البلدية لم تعتمد لجنة لترتيب تلك الشكاوى وعرضها على المجلس، كما حصل مع مجلس المحرق البلدي.

وجاء في المادة (19) في الفقرة (ق) اقتراح المشروعات ... والأنظمة المتعلقة بالجيوب والزوايا من الأراضي المترتبة على ذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة، وإقرار الأولويات في تنفيذها) ويعد ما قامت به الإدارة العامة للخدمات المشتركة هي عملية سلب لهذا الاختصاص متجاوزة هذه الفقرة من القانون، منفردة بالقرار بما يخالف القانون بل إن القانون أعطى المجلس حق إقرار الأولويات في تنفيذها وليس للإدارة العامة المشتركة! أما حجة التيسير على المواطنين فلا أعتقد أن تلك الحجة مناسبة وتحترم عقول المواطنين، إذ كلما أرادت إدارة تنفيذية أو تابعة للسلطة التنفيذية أدعت بأنها إنما تريد التيسير على المواطنين، وإلا فالكلام ينسحب أيضا على البرلمان فلماذا يوجد برلمان فالأفضل وضع القوانين وتنفيذها بحجة السرعة في الإنجاز والتيسير على المواطنين!!! ومن حيث المبدأ ومن دون الدخول في تفاصيل أكثر...، فمثل ذلك العمل مرفوض بالمطلق؛ وإلا فهل المواطنون يختارون ممثليهم للتعسير أم للتيسير؟! الجواب عند جماعة التيسير!! ولا نعلم هل نعتبر ذلك تهربا من رقابة المجلس أم هو جزء من مسلسل التهميش!؟

ومن اختصاصات المجلس البلدي الأصيلة ما جاء في المادة (19) الفقرة (ث) مناقشة وإقرار موازنة البلدية للسنة المالية الجديدة والحساب الختامي للسنة المالية المنتهية السابق إقرارها من المجلس البلدي وجاء في المادة (32) (يقدم مدير عام البلدية إلى رئيس المجلس خلال الشهرين الأولين من كل سنة مالية تقريرا ماليا وإداريا عن أعمال البلدية خلال السنة السابقة تمهيدا لعرضه على المجلس البلدي).

وما حدث من تشكيل لجنة تحقيق ما كان ليحدث لو أن مجلس المحرق البلدي قام بمراجعة وتدقيق دقيقين لأعمال السنة المالية المنتهية! ولو لم يتجاهل الجهاز التنفيذي الفقرة(هـ) في المادة (19) التي تنص على أن اختصاص المجلس البلدي: (تقرير إنشاء وتطوير الحدائق والمنتزهات العامة وأماكن الترفيه...). وقد نتج عن ذلك ما يتداوله الناس عن حديقة بزة، فهل (يعقل) أن تحتاج حديقة بزة في المحرق لإعادة تأهيلها، لمبلــغ وقــدره (150,000) مئة وخمسون ألف دينار؟! ثم ما هو السر في تقلص المبلغ إلى (2000) ألفي دينار؟ الجواب عند الإدارة الفنية، فهي التي قدرت موازنة إعادة التأهيل بمبلغ (150,000)!

ثم هناك تساؤل مهم جدا يشغل بال الغيورين على تطبيق القانون وهو بشأن المباني التي تم إنشاؤها في أحد الأندية في مدينة المحرق وبلا تصريح من البلدية!! هل تم وقفها؟ وماذا جرى بشأنها؟ وما هو الإجراء الذي سيتخذه مجلس المحرق البلدي بشأن هذا الموضوع؟

وفي ختام هذه القراءة نأمل أن يتسع صدر الجميع لما فيه خير المواطنين جميعا، ويجب أن يبقى المجال مفتوحا أمام تطوير هذا القانون وما يتوافق مع الرغبات الشعبية كما يؤكد ذلك باستمرار جلالة الملك حفظه الله

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 281 - الجمعة 13 يونيو 2003م الموافق 12 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً