العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ

الشخصية بين الواقع والمثالية

ليكن مفهوم الشخصية وتعريفي لها هو المنطلق لهذا الموضوع الحيوي والمهم بالنسبة إلى المتعلم والامي والمثقف المطلع على حسواء، فالشخصية هي مجموعة من الصفات والمميزات والسمات التي يتصف بها الانسان وتميزه عن غيره من الناس بما في ذلك الميزات الحسنة والعيوب السيئة.

لو شئت أن أذكر امثلة على كلا النوعين لأمكنني ذلك فالمزايا الحسنة هي مثل الصدق والامانة والايثار والعيوب هي مثل الكذب والخيانة والانانية وطبعا هناك الكثير من المزايا والعيوب الخلقية التي تعتبر المشكّل الاساسي لشخصية الانسان.

وكل فرد منا يكتسب هذه الصفات الحسنة أو السيئة عن طريق وسائل كثيرة أهمها: الأسرة التي نشأ فيها وترعرع، ثم مجتمع المدرسة الذي انضم إليه ويقضي فيه ما يقارب نصف النهار، ومحيط الاصدقاء الذين تعّرف عليهم وربطته بهم علاقات حميمة، كما إن أجهزة الإعلام الحديثة والمتعددة في عصر التقنيات والتكنولوجيا الذي نحياه هي ايضا تلعب دورا كبيرا وخطيرا في التأثير على شخصية الانسان بما تحويه من مبادئ وقيم وعقائد. وتبدأ معالم الشخصية في التبلور عندما يصل الفرد إلى سن العشرين او الحادي والعشرين، أي عندما يصبح قادرا على التمييز الحقيقي بين السلوكيات الخاطئة والصحيحة ويصبح قادرا على التعامل مع افراد المجتمع ومواجهة الصعاب كما سيكون استطاع اتباع الاسلوب العلمي والتفكير في حل مشكلاته، كذلك بالنسبة إلى رغباته وميوله الدراسية فإنها تصبح واضحة وجلية بالنسبة إليه ما يساعده على اختيار التخصص المناسب لقدراته ومواهبه وتحديد مسار مستقبله الاكاديمي والمهني.

كما ان هناك عوامل وأمور تساعد الفرد على التمسك بالخلق الحسن والتخلص من الخلق الرديء، وذلك عن طريق التفكير المسبق قبل الاقدام على أي تصرف خاطئ مثل اخفاء الحقيقة (الكذب) أو السرقة أو الخيانة بأية طريقة كانت، فكل ذلك يستدعي وضع عواقب هذه الامور نصب اعيننا وفي الحسبان فالكذب يولد عدم الثقة في الشخص الكذاب والسرقة تولد رفض الآخرين اسناد أية مهمة لهذا الشخص غير الأمين، كما ان الخيانة تزرع الشك في قلوب الآخرين وتجعلهم برفضون إقامة اي نوع من انواع العلاقات مع المرء الخائن ويبتعدون عنه، فلو أدرك الانسان جميع الآثار المترتبة على الاخطاء لأحجم عنها مقتنعا وأدبر عنها مسرعا، ومن العوامل التي تساعد الشخص على تطوير شخصيته هي استطلاع آراء الآخرين في التصرفات التي سيقبل عليها الشخص إذا كان شاكا في عواقبها والصراحة في هذه الحال ضرورية لكي يتمكن الشخص من إصلاح اخلاقه المعيبة والدفاع والتمسك باخلاقه الحميدة التي يتصف بها، كذلك القراءة والمزيد من الاطلاع في مجال الاخلاقيات وما تعطي من انطباعات بشرية خارجية عن شخصية الفرد وكيف يتسنى له تطويرها نحو الافضل، كذلك مشاهدة بعض البرامج والافلام التلفزيونية التي تحكي اثر الانزلاق في مجرى ومنعطف الاخلاق المشينة، بعدها يستطيع المرء اتخاذ قرار الابتعاد ومحاولة تجميل شخصيته والسمو والرقي بها نحو الاعلى، وصدق الشاعر عندما قال:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وأخيرا في تصوري ان كل انسان لاشك أنه يسلّم بأنه غير معصوم عن الخطأ ولكن... الاجدر به، بل والاحرى الا يستسلم للخطأ ويجعله جزءا لا يتجزء من كيانه وشخصيته وممارساته الحياتية فهذا هو الخطأ بعينه.

وفاء عاشور

العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً