ما سأنثره الآن من حزن هو حزن ومعاناة لمآسي خريجات جامعيات، درسن سنين كي يحصلن على وظيفة تمسح عنهن ألم الحزن ووجع السنين التي مضت بين طول الدراسة وطول الانتظار... هذه الآلام موثقة لكني آثرت ان اقتطف بعض عبائرها من تلك الاحزان التي سكبنها على أوراق شكاواهن، فآن لوزارة التربية ان تقوم بعملية الاحلال ببحرنة حقيقية لكل هؤلاء الخريجات ولو انطلاقا من «الاقربون أولى بالمعروف» لنمارس ذلك عمليا بدلا من المكياج الذي نلون به واجهات الصحافة.
إحداهن تشكو فتقول: نبيع أثاثنا واجهزتنا من أجل ان تأكل اطفالنا.
- (ن. أ.ع) خريجة جامعية (لغة عربية وتربية) تقول: «كان زوجي عاملا في شركة يتقاضى مرتبا لا يتجاوز الـ 130 دينارا بحرينيا وعليه قرض عند احد المصارف فلا يبقى الا 30 دينارا، اذ الايجار 50 دينارا والمصرف يأخذ 50 دينارا والباقي لا يكفي لحياتنا ولا لشيء من مستلزمات الحياة الاساسية كالكهرباء والماء والغذاء ما حدانا ومنذ عام كامل الى بيع اجهزة الشقة فقد تم بيع مكيف غرفة الاطفال لسداد الايجار ومن ثم بيع الكمبيوتر للغرض ذاته على رغم تعلق الاطفال به حتى التجأت الى بيع حُلي العرس ومع استمرار التعطل والفقر اصيب الاطفال بالهزال لتعذر توافر الوجبات كاملة».
وهنا تقول هذه الخريجة متسائلة «إلى متى يا وزارة التربية؟ لقد مللنا الصبر، فالهاتف خارج الخدمة والكهرباء في طريقها إلى القطع وحتى الملطفات ومستلزمات النظافة باتت بالتقطير أو العدم...». للاسف عندما نطرح وجع الناس يعتبر اثارة ولكننا نقول: من يسكت هذا الجوع؟ قمنا بالتأكد من الحادثة وثبتت صحة الشكوى، فهذه الاسرة انزلقت من تحت خط الفقر الى تحت خط القبر علما بان هذه الخريجة تحمل معدلا عاليا. الا يجعلنا نسأل بكل وطنية: لماذا هؤلاء في البيوت؟ ويجلب الآخرون بكلفة باهظة من الخارج؟
حكاية اخرى لخريجة لغة عربية...
- فقر ويتم وتعطل: «ح. ز. م» خريجة لغة عربية منذ سنة 1997 من جامعة البحرين وقد اجتازت امتحان التوظيف والمقابلة بنجاح تقول: «طالت مدة انتظاري لهذه الوظيفة، وقد بلغت سنوات تعطلي ست سنوات علما بأنني في حاجة ماسة الى هذه الوظيفة التي ستنتشلني من جحيم وحطام فأنا يتيمة الاب واسكن في بيت عائلي مشترك وهو بيت آيل إلى السقوط ويسكن فيه افراد كثر من (الورثة) وهو معرّض للبيع ولا ادرى أين سيكون مصيري بعد ذلك... لقد تعبت من الفقر ولا امتلك اي شيء من الحياة. صبرت سنين والتعطل يأكل قلبي ماذا افعل وانا انتظر الوظيفة من الوزارة منذ سنين؟
وبين هذه وتلك وعشرات من مآسي الخريجات البحرينيات يستقر في الذاكرة حزن يتيم ووجع للخريجة «ك.ع.أ» خريجة بكالوريوس حاسوب سنة 1999 من جامعة البحرين تقول: الحزن يأكلنا أنا وزوجي فهو خريج كلية الهندسية من 9 سنوات، صارع الامواج والزمن، رغبة في وظيفة تليق بمستواه فلم يجد الا قوائم الانتظار ورسائل الاعتذار الى ان قنع بوظيفة عامل في إحدى الشركات بمرتب لا يتجاوز 170 دينارا يقسم على أمور كثيرة منها الايجار والنفقة. بقيت 4 سنوات من دون عمل وأنا انظر الى أخريات جئن بعدي ووظفن والتحقن بالعمل منذ السنة الأولى من التخرج وانا مازلت على قارعة الطريق انتظر الفرج على رغم ان تخصصي حديث ومطلوب. ارسلت عشرات الرسائل الى المسئولين والى وزارة التربية ولكن من دون جدوى.
ليس ما نطرحه عاطفة أو انشاء. وعلى رغم مسحات الحزن فيه فإنه حقيقة كتبت بخيوط ارتسمت وجعا وندوبا وقيحا لاعوام من الانتظار، والتسويف وتصريحات الصحف! كل ما نطلبه من وزارتنا ان تنظر بعين الانسانية والقانون لمثل هؤلاء بعيدا عن تلميعات الصحافة ويتم احلالهن مكان الاجانب في كثير من الاقسام التي تضخمت بهن وهذا حق وطني لا مزايدة فيه فالاجنبي يكلف الوزارة في اقل التقادير 1000 دينار في حين أن هؤلاء لا يكلفن على أكثر التقادير 500 دينار مع الاخذ بعين الاعتبار انهن مواطنات وهذا وسام تميزي له قيمة في كل العالم ولا احد ينسى محاكمة ذلك المدرس ممن يجلبون من الخارج اذ اكتشف انه قد زور شهادته واخذ يدرس ابناءنا 9 أو 10 سنين لغة انجليزية وهو لا يمتلك إلا شهادة مزورة وكان يقوم بتقوية لغته عبر المعاهد
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 277 - الإثنين 09 يونيو 2003م الموافق 08 ربيع الثاني 1424هـ