بالإضافة الى مبدأ الشعب مصدر السلطات والذي يؤدي بالضرورة الى أن يكون الانتخاب شاملا لكل السلطات والمؤسسات المجتمعية العامة، بالإضافة الى ذلك فإن الديمقراطية الحقة تقوم أيضا على مبدأ التعددية، وهو المبدأ أو النظام المناهض لمبدأ الشمولية الذي عرفناه كثيرا في الوطن العربي، والذي يستلزم اعترافا بوجود آراء وتيارات سياسية مختلفة تتمتع كلها بكامل الحرية والمساواة في اتخاذ مواقفها وتحديد سياساتها، والتعبير والدفاع عن هذه المواقف والسياسات بشتى الوسائل الديمقراطية المعروفة.
غير أن هذه التعددية لا يمكن ان تكون جدية وفاعلة إلا إذا تمثلت في أحزاب تجسد هذه التعددية ويعبر كل منها عن تيار معين بما له من مواقف وسياسات ووجهات نظر في جميع التطورات المحلية والعربية والعالمية.
ولأن الأحزاب تتمتع بصفات مميزة ومتعارف عليها دوليا، فهي الإطار الأمثل للتعبير عن التعددية السياسية، وليس هناك بدائل أخرى لها مثل الجمعيات السياسية الموجودة لدينا والتي تمّ الأخذ بنظامها بصورة مؤقتة، وريثما يرخص للأحزاب، وآمل أن تكون مؤقتة فعلا، وان ننتقل الى مرحلة الأحزاب تجسيدا لمبدأ التعددية الذي مازلنا نفتقده باعتباره أحد أركان الديمقراطية المنشودة، والتي لم نشهد أيامها الجميلة بعد.
وثالث مبادئ أو أركان الديمقراطية الحقة والتي لا يمكننا أن نقرر وجود ديمقراطية من دون توافرها، هو مبدأ تداول السلطة، والمقصود به هنا تداول السلطتين التنفيذية والتشريعية معا وليس السلطة التنفيذية وحدها، فالسلطة في الحالتين لا تكون جامدة ولا حكرا على أشخاص أو جهات معينة، وإنما يتم تداولها بطريقة سلمية، وبأسلوب الانتخابات الدورية التي تقررها الديمقراطية، والتي تعطي الحق للغالبية في اتخاذ القرارات التي تتفق وسياساتها المعلنة، على ان تحترم الفئات الأخرى والتي خارج السلطة أو تتمتع بأقلية فيها، تحترم رأي الغالبية وتعمل من جانبها على مجابهته سلميا وديمقراطيا في الدورة الانتخابية المقبلة.
وتداول السلطة المنشود لن يحقق أحد مبادئ الديمقراطية الحقة فحسب، بل إنه سيضع حدا لهيمنة وأزلية أفراد أو فئة معينة على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهي هيمنة عانينا ومازلنا نعاني منها كثيرا
العدد 275 - السبت 07 يونيو 2003م الموافق 06 ربيع الثاني 1424هـ