وكانت الندوة ندوة الأرقام... كل شيء صمت، كل الأوراق التي اختلطت، توقفت عندما نطقت الأرقام بحجم الكارثة... الجميع عرف القصة وسمع الحكاية والكل صرخ بلا مكابرة «نعم للوحدة الوطنية القائمة بجناحين، بالطائفتين الكريمتين... بلا سنية وبلا شيعية بل بهما جميعا في بناء وطن الجميع للجميع بلا تمييز للجنس ولا للعرق ولا للمحسوبية وإنما بمواطنة حقيقية قائمة على احترام التعدد وعلى قبول الآخر مهما كان شكله ومهما كان انتماؤه، فمادام بحرينيا ـ سنيا كان أو شيعيا، مسيحيا أو غير ذلك ـ مادام بحرينيا فالأرض له وكل الخدمات وكل الوظائف له... وهذا ما حدث في ليلة الثلثاء في نادي العروبة... الجميع حضر بشتى انتماءاتهم وأطيافهم، قلبهم على البحرين وعلى مستقبل هذا البلد، وكلهم نبذ وندد بالتمييز والجميع أفجعته الأرقام، فهي عندما تنطلق لا يكون هناك مجال لقول هنا أو قول هناك أو لمقولات «قال لي وقلت لعه والعهدة على الراوي»... فالعالم لا يحترم الإنشائيات، فهو لا يحترم إلا لغة الأرقام وغدا عندما تصل هذه الملفات الموثقة والأرقام الدقيقة إلى طبيعة النسبة التي أرعبت الجميع؛ عندما تصل إلى الأمم المتحدة ولجان حقوق الإنسان الداعية إلى نبذ التمييز لن تسأل أبدا عن أي كلام إنشائي أو عاطفي يحمل لغة تبريرية من أي مسئول أو متنفذ ولن يقبل أي مبرر لأن الحكايات موثقة والأدلة بارزة وأصبح يشعر بها كل منصف وحتى نعالج المشكلة التي وضحت للجميع يجب أن نسعى إلى حلها وإلى تجريم أي مسئول ساهم في خلقها، فخلقت لنا كل هذا البؤس وهذا الفقر ومازالت القضايا توثق وبالأسماء ومركز حقوق الإنسان الآن يعمل على تسلم كل الشكاوى والتلاعبات التي تجري في الوزارات وما حدث طيلة هذه الأعوام... قام المركز بالاتصال والتنسيق لتوصيل جميع الملفات التي تدل على ظاهرة التمييز، لا يستبعد أن تظهر أسماء لوزراء كان لهم دور في ذلك وخصوصا مع التنسيق مع لجان دولية.
وما يثلج القلب هو ذلك الاهتمام الكبير الذي وضح في تلك الندوة، إذ أصبح أكثر المترافعين وبحماس عن إزالة التمييز هم من الطائفة الكريمة الطائفة السنية وهذا يدل على مدى صدق الشعور والإحساس بالمسئولية وفداحة الأمر حيث الذوادي وربيعة ولا ينسى أيضا موقف الشيخ العجوز الذي شق الصفوف بين الجموع أحمد المطيري وهو من الطائفة السنية الكريمة إذ وقف بشيبته وهو يصرخ ويدعو إلى ترسيخ وحدة وطنية قائمة على تكافؤ الفرص، مؤمنا بأن الوطن لا يطير إلا بجناحين وأن العربة لا تسير إلا بحصانين... والشيء الأهم هو ذلك الحضور الجماهيري الكبير والمتنوع والمتميز وكلهم يهتفون بالوحدة الوطنية، فبعض من المحرق وبعض من بني جمرة وبعض من البسيتين... إنها ليلة من العمر ستكتب في تاريخ البحرين، كيف يسمو الجميع على الماضي والجروح ليحموا الوطن وليرسخوا وحدة وطنية حقيقية. كل شيء كان حاضرا، الصور والمستندات والأرقام، البعض كان يبكي والبعض أذهلته الأرقام أثناء عرض الصور الموثقة والأرقام، كان تفاعلا أذهل الجميع وستخرج لجنة منبثقة ومن الطائفتين الكريمتين لنبذ التمييز وتوثيق كل التجاوزات ليس في التوظيف فقط، بل في ملفات متنوعة، والذي سيبقى آخر المطاف هي الأرقام وليست العواطف، كما أن التقرير سيعرض على منظمات دولية وستكون له متابعة.
ونحن في المركز سنتلقى كل الشكاوى الموثقة وغيرها، وحبذا كتابة أسماء المديرين والمسئولين عن أي تجاوز. ملاحظة مهمة ـ واستجابة للطلبات الكثيرة ـ سنقوم بتوفير الأشرطة للبيع... وكل هذا التهافت على مشاهدة الشريط دليل على أن البحرين في عيون الجميع ـ سنة وشيعة ـ وختاما نقول: نعم لبحرين التعدد، لكل البحرينيين
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 272 - الأربعاء 04 يونيو 2003م الموافق 03 ربيع الثاني 1424هـ