فيما تواصل السجال بين الولايات المتحدة وإيران على خلفيّة الاتهامات الأميركية لطهران بمساندة «إرهابيين» وإيواء عناصر من تنظيم «القاعدة» والتدخل في الشئون العراقية وضرب عملية السلام في الشرق الأوسط والسعي إلى الحصول على القنبلة النووية. وبعد ما كشفت معلومات روسية أن الولايات المتحدة وضعت خطة لشن هجوم عسكري ضد إيران انطلاقا من العراق أساسا إضافة إلى قواعد عسكرية في جورجيا وأذربيجان وعلى رغم ان مستشارة الأمن القومي الأميركي كوندليزا رايس، أكدت أن طريقة التعامل مع إيران مختلفة عن العراق، استحوذ على الصحف ومواقع الأبحاث الأميركية الموضوع الإيراني، وفي ملفّ شامل نشره موقع إيسترن داي لايت تايم (الأميركي) عن الاستراتيجية التي ستتبعها الإدارة الأميركية مع إيران، اعتبر مايكل آيزنستادت على موقع إيسترن داي لايت تايم، أن الولايات المتحدة ستواجه تحديات كبيرة خلال توجيهها ضربة لإيران وخصوصا أن تلك الضربة ستستهدف قبل كل شيء برنامج إيران النووي.
فعليها قبل كل شيء تحديد العناصر التي إن دمرت لن يعود بمقدور إيران استبدالها، كمنشأة أصفهان التي تعتبر الأساس في برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم ومفاعل بوشهر، الذي يعد أهم مفاعل يستخدم البلوتونيوم في إنتاج الطاقة النووية. وتابع: إن استهدافا من هذا النوع سيبطئ نشاط إيران النووي خلال السنين القليلة المقبلة. ولفت إلى ان الولايات المتحدة ستعهد هذه الخطة لـ «إسرائيل».
أما المواقع الموجودة فوق الأرض كالمفاعلات النووية الأقل أهمية فقد يتم استهدافها بصواريخ كروز والدفاعات البحرية الأميركية. وأردف: إنه في حال قررت الولايات المتحدة توجيه ضربةٍ أوسع فإن السلاح الجوي الأميركي سيستنفر خصوصا الطائرات الحربية التي يقودها طيار لأنها الوحيدة القادرة على تدمير الأهداف الموجودة تحت الأرض كما ان الولايات المتحدة، ستلجأ إلى طائرات الشبح ذات القدرة الرادارية العالية. وختم بأن استخدام الطائرات التي تطلق من حاملات الطائرات سيكون خطرا لأنه سيكون من السهل على البحرية الإيرانية استهدافها.
لكن جيفري وايت، عالج من على الموقع الأميركي عينه، نواحي ضربة أميركية محتملة على إيران إنْ من طبيعتها أو طبيعة الرد الإيراني أو النتائج. فمن حيث طبيعة الضربة اعتبر وايت، ان على الولايات المتحدة أن توجه ضربة واسعة تدمر خلالها كل المنشآت الأساسية في إيران، كي تمنعها من الرد العسكري الفوري وإلحاق ذلك بضربات أخرى في حال لم تحقق الضربة الأولى أهدافها وهو أمرٌ رجح حصوله. أما الرد الإيراني فهو رهنٌ بالفترة التي سيحصل فيها. فهو إما سيحصل فورا أي بعد الضربة مباشرة أو خلالها لذلك سيكون أمام إيران، أن تحدد أولا إن كان ذلك يستهدف نظامها السياسي أو برنامجها النووي ومن ثم تستنفر دفاعاتها الجوية وسلاحها الجوي كما ان بإمكانها استهداف المواقع التي تشن منها الولايات المتحدة، عملياتها ضدها.
وتابع ان إيران، قد تلجأ إلى تنشيط الألغام والسفن الحربية الصغيرة والصواريخ الدفاعية البحرية وتعزيز وجودها في جزر الخليج العربي. ولكنه رأى ان أهم ما قد تقوم به إيران هو تهديد شحن النفط في المضائق القريبة منها ما سيضع الولايات المتحدة في وجه أزمةٍ عامة في كل الخليج العربي. أما على المدى المتوسط فقد تلجأ إيران، إلى التخطيط لردٍ عسكري طويل المدى ولكنها ستعتمد قبل كل شيء على حربٍ سياسية - دبلوماسية تضعها أمام العالم في موقع المظلوم. أما على المدى البعيد فستقوم إيران، بتحصين نفسها ضد أي هجومٍ آخر قد يستهدف برنامجها النووي أو نظامها السياسي.
وأضاف: ستقوم حتما بإعادة بناء البرنامج وحمايته بالإضافة إلى تحويله إلى ثروة وطنية أساسية. بالإضافة إلى ذلك رجح وايت أن تقوم إيران، بضرب أهداف مهمة للولايات المتحدة وحلفائها كما انها ستحثُّ حزب الله على القيام بعمليات في جنوب لبنان، وستشجع العمليات ضد أهداف أميركية وأهداف الحكومة العراقية التي ستنشأ في العراق، بالإضافة إلى رعاية عمليات «إرهابية» ضد المصالح الأميركية في العالم وخصوصا المصالح النفطية الأميركية. كما أن إيران، ستقوم أيضا باستخدام الهجوم الأميركي ذريعة لكسب الدعم السياسي في قضيتها. وختم أن الولايات المتحدة، ستضطر إلى الدخول في نزاعٍ طويل الأمد مع إيران، التي ستستهدف خلاله مواطن الضعف لدى الولايات المتحدة، لذلك يجدر بالولايات المتحدة القيام بضربة حاسمة ضد إيران، كي تسلم من العواقب.
غير ان صحيفة «ذي إيكونوميست» (الأميركية) لاحظت ان الولايات المتحدة تغيّر شروط اللعبة في المنطقة لأن الدول التي حاولت الوقوف في وجهها تحاول اليوم تفادي مواجهة معها تشبه تلك التي حصلت في العراق... فسورية، بدأت تستجيب للمطالب الأميركية، فهي أعلنت انها ستسلم أي مسئولٍ عراقي تلقي القبض عليه إلى السلطات الأميركية كما ان مكاتب حماس والجهاد الإسلامي قد أوقفت نشاطها بالإضافة إلى ذلك أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، انه سيقبل بأي قرارٍ يتخذه الفلسطينيون في عملية السلام كما انه أكد أن دعم بلاده لحزب الله ينحصر فقط في مسائل الدفاع عن الأراضي اللبنانية ضد أي تهديد إسرائيلي. أما ايران، فانها أبدت تجاوبا وإن طفيفا. فقد أعلن الرئيس الإيراني ان بلاده تريد تفادي أي تصعيد في المنطقة وأكد انه ليس لدى إيران أي مخطط تجاه العراق، وان العراقيين أحرار في انتخاب الحكومة التي يريدون. ولكنها ختمت بأن الرئيس خاتمي لا يمثل إلا جزءا من النظام في إيران.
وزعمت نات ريفيو (الأميركية) من على موقعها على الإنترنت، ان تفجيرات الرياض تم التخطيط لها في إيران، على يد زعماء من تنظيم «القاعدة» وخصوصا سعد بن لادن، ابن أسامة بن لادن، ومحمد الشوغي الملقب بأبو خالد سيف العدل. إضافة إلى ذلك ذكرت ان الرئيس الجورجي أعلن ان أهم خبراء الطاقة الذرية الجورجيين كانوا في إيران، وكانوا يعملون لحساب الملالي. كما زعمت ان الحرس الثوري الإيراني تلقى معلومات من مجلس الأمن الوطني الإيراني تفيد بأن بلاده ستمتلك قريبا أسلحة نووية. إلى جانب ذلك أوردت نات ريفيو، ان الولايات المتحدة كي تضمن الفوز في حربٍ تشنها ضد إيران، عليها أن تقوم بثلاث خطوات، هي: أولا: الحد من التناقضات في التصريحات الأميركية في إشارةٍ إلى ما قاله نائب وزير الخارجية الأميركي ريتشارد أرميتاج، ان إيران ديمقراطية. ثانيا: دعم الإعلام الإيراني المستقل في الولايات المتحدة، لأنه الوحيد القادر على فهم أهواء الإيرانيين ومخاطبتهم على أساس ذلك. ثالثا: استعمال الشيعة العراقيين أداة في مواجهة إيران، زاعمة ان رجال الدين الشيعة في العراق، كانوا يعارضون العقيدة الخمينية. وختمت بالقول:« ان الأميركيين بعد هزيمة صدام حسين، عليهم أن ينشروا الحرية في العالم من خلال القضاء على قلب الإرهاب المتمثل في إيران».
ورأت «واشنطن بوست»، في افتتاحيتها، ان ثمة سببا وجيها لكي تتزايد مخاوف إدارة بوش من إيران. وأضافت: على رغم ان النظام الإيراني متهم بمحاولة الحصول على أسلحة الدمار الشامل فإنه ظهر أخيرا أن طهران، تسعى جاهدة للحصول على قنابل نووية. وقالت: «صحيح انه لطالما دعمت إيران، حزب الله اللبناني، إلا ان ثمة مؤشرات جديدة على انها تأوي أعضاء من «القاعدة»، حتى انه من الممكن أن تكون إيران، وراء تنفيذ العمليات الانتحارية الأخيرة في الرياض. وتابعت «واشنطن بوست»، ان الملالي في إيران، يدعمون في الوقت الراهن رجال دين أصوليين في العراق، أملا في ضرب عملية الانتقال السياسي التي يشهدها العراق، بإدارة الولايات المتحدة.
ورأت الصحيفة الأميركية، انه لا يمكن لأميركا، أن تتجاهل التهديدات الإيرانية الجديدة، ولكن المشكلة هي ماذا يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة؟ وإذ لفتت إلى انه حتى الآن، كانت السياسة الأميركية تجاه إيران، لا تتعدى مجرد كلام عن تأييد الخطوات الديمقراطية الإيرانية، أو صمت بهدف الحصول على تعاون إيراني ضد «القاعدة» وإذ اعترفت الصحيفة بأنه قد نجمت عن هذه الأمور نتائج ملموسة مثل إلقاء القبض على أعضاء من «القاعدة» أخيرا. إلا انها أشارت إلى ان ثمة أصواتا في الإدارة الأميركية تنادي بقطع أي اتصال أميركي بالنظام الإيراني، وباتخاذ إجراءات حثيثة لزعزعته، مرجحة أن يكون هذا الأمر عبر دعم العراق. لافتة إلى أحاديث عن إمكان التحرك ضد مواقع إيرانية نووية. وختمت بالقول انه إذا صعدت إيران، من تحركاتها في العراق، ورفضت حضور بعثات تفتيش دولية إلى مرافقها النووية أو في حال بدا انها تأوي «القاعدة»، قد يكون من المفروض أن تتخذ إجراءات قاسية جدا. ولكن حتى الآن، لم يظهر أي شيء.
ولاحظ ستيفان وايزمن في «نيويورك تايمز»، ان إدارة بوش، مازالت متخوفة من دعم إيران للنشاطات «الإرهابية» على رغم قيام طهران، باعتقال عدد من أعضاء تنظيم «القاعدة» أخيرا. ونقل عن مسئولين في الإدارة، ان هوية من تم اعتقالهم في إيران، لم تعرف بعد ولم تعرف الولايات المتحدة، ما إذا من بينهم مسئولون رفيعو المستوى في التنظيم، لكن المسئولين الأميركيين قالوا: «ان هذه الاعتقالات لم تنجح في تلبية المطالب الأميركية القائلة ليس فقط باعتقال أعضاء «القاعدة» وإنما تسليمهم للسعودية، أو للسلطات التي تحقق في التفجير الذي وقع في الرياض». ولاحظ الكاتب الأميركي أيضا انه على رغم اللهجة القاسية التي يتم التحدث فيها مع أو عن إيران، فانه تم تأجيل الاجتماع الذي كان من المقرر أن يعقد لبحث ضرورة فرض إجراءات عقابية جديدة على الحكومة الإيرانية. ولفت إلى ما قاله مسئولون أميركيون، «ان عملية اعتقال عناصر «القاعدة» تحتاج إلى الدراسة من قبل الاستخبارات الأميركية».
وفي السياق عينه، لاحظ غلين كيسلر في «واشنطن بوست»، ان الإدارة الأميركية واصلت ضغوطها على إيران، معتبرة ان اعتقال أعضاء من «القاعدة» على الحدود الإيرانية مازال يثير المخاوف المستمرة من أن تكون إيران، ما زالت تسعى وراء الحصول على أسلحة نووية. ولفت إلى ان إدارة بوش، ترى ان ما قامت به طهران، حتى الآن، من إجراءات، سواء في المجال النووي، أو في مكافحة «الإرهاب» مازالت غير كافية. وأشار كيسلر، إلى قيام مسئولين أميركيين، وخصوصا من البنتاغون، بحث الإدارة الأميركية على تبني إجراءات تهدف إلى قلقلة الحكومة الإيرانية فيما برزت معلومات غير مؤكدة حتى الآن تفيد بأن أعضاء «القاعدة» في إيران، ساعدوا في التخطيط للاعتداءات التي وقعت في الرياض. وإذ قال كيسلر، ان روسيا، تنبهت لمدى انزعاج الولايات المتحدة، من إيران، لفت إلى ان روسيا، طالبت إيران، بأن تقدم ضمانات بأنه لا تستعمل برنامج الطاقة الذري غطاء لتطوير الأسلحة النووية
العدد 271 - الثلثاء 03 يونيو 2003م الموافق 02 ربيع الثاني 1424هـ