لم يبق أحد من مؤسسات المجتمع المدني لم يستنكر ما فعلته وزارة الاشغال والاسكان برئيس النقابة العمّالية في الوزارة عبدالله صالح، ولم تبق جمعية مهنية لم ترفض مشروع قانون النقابات المهنية الذي يمر بنفس المراحل والعقبات التي سبق أن مربها قانون النقابات العمّالية، ومع ذلك والحكومة ثابتة عند مواقفها المناوئة ليس لرغبات النقابات العمّالية والمهنية فحسب وانما للمواثيق الدولية كذلك.
فبالأمس تدخلت الحكومة كثيرا في صياغة قانون النقابات العمّالية بحيث يأتي لابسا الثوب الذي تريده هي، ويفرغ مفهوم النقابة من محتواه، وفعلت ذلك دون الالتفات إلى مصلحة العمال وحقوقهم المشروعة، ولا إلى المواثيق الدولية التي وقعت عليها البحرين وعليها الالتزام بها واحترامها، كما أنها لم تلتفت إلى أن ما تقوم به يعتبر مناقضا للمبادئ الديمقراطية والاصلاحية التي يجري الاخذ بها في مجتمع البحرين.
وبعد أن صمم العمال على التمسك بحقوقهم في قانون النقابات العمّالية وساندهم في ذلك الاتحادات والمنظمات العمّالية العربية والعالمية، ومنظمات حقوق الانسان، رضخت الحكومة لمطلبهم، وصدر القانون متضمنا التعديلات التي أدخلها العمال أو بالاحرى معظمها، لكن الحكومة سرعان ما انتقلت إلى وضع عقبة جديدة أمام عجلة المسيرة العمّالية تمثلت في عدم الموافقة على تحول اللجنة العامة للعمال إلى اتحاد للعمال، وبقيت تجادل في فرض هذه العقبة حتى انتصرت إرادة العمال وفرض اصرارهم على الحكومة الموافقة على ذلك التحول دون أن يدري أحد لماذا هذا الحب الحكومي لمضايقة العمال.
وخرجت النقابات العمّالية من معركة القانون والاتحاد لتدخل معركة أخرى هي رفض الحكومة تشكيل النقابات العمّالية في القطاع الحكومي، وكأن عمال الحكومة يختلفون عن عمال القطاع الخاص، وكأن عمال حكومة البحرين يختلفون عن العمال في الحكومات الاخرى في العالم، وكأن قانون النقابات العمّالية يفرق بين هؤلاء وأولئك.
ومع أن تشكيل النقابات العمّالية تواصل من وزارة إلى وزارة دون اكتراث يرفض ديوان الخدمة المدنية وتهديدات الوزارات، فان الحكومة تجاهلت مرة أخرى ما أفتى به فقهاء القانون والنقابيون من حق عمال الحكومة في تكوين نقاباتهم تماما مثل حق عمال القطاع الخاص.
ومن عقبة عمال الحكومة إلى عقبة مشروع قانون النقابات المهنية التي وضعتها الحكومة أمام الجمعيات التي تريد التحول إلى نقابات، وأصحاب المهن الذين يريدون تكوين نقابات لهم، واعتراضات وعقبات الحكومة لا تنتهي حتى تبدأ من جديد، إنه حب المضايقة
العدد 270 - الإثنين 02 يونيو 2003م الموافق 01 ربيع الثاني 1424هـ