العدد 269 - الأحد 01 يونيو 2003م الموافق 30 ربيع الاول 1424هـ

بوش يسير نحو «ورطة» في الشرق الأوسط

تحذير عبري:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

أثارت الصحف العبرية، مسألة موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون على «خريطة الطريق»، ولاحظت تدخلا مباشرا من الرئيس الأميركي جورج بوش، في مسألة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. في أي حال، وبعد يومين على قرار «إسرائيل» قبول خطة «خريطة الطريق»، وفيما واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ذكرت «يديعوت أحرونوت»، انه في الوقت الذي صدقت فيه الحكومة الإسرائيلية على خريطة الطريق، والتي تضم مطلبا واضحا بشأن تجميد البناء في المستوطنات، يعكف وزير الإسكان الإسرائيلي افي إيتام (حزب المفدال) على إعداد خطة مفصلة لبناء 11806 شقق سكنية في المناطق الفلسطينية. وفي حين أجلت خلافات حول إطلاق «خريطة الطريق» لقاء بين رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) ونظيره الإسرائيلي ارييل شارون لمدة 48 ساعة، تجاوزت «هآرتس»، في خبر افتتاحي، السجال حول تأجيل اللقاء الفلسطيني الإسرائيلي، لتشير إلى ان أبو مازن وشارون، سيلتقيان لتمهيد الطريق، أمام الاجتماع المنتظر مع الرئيس الأميركي جورج بوش، في العقبة، ونقلت توقع مصادر فلسطينية أن تكون نتيجة اللقاء تصريحا فلسطينيا إسرائيليا مشتركا يكون الأول منذ انتخاب شارون رئيسا للوزراء. يكرر خلاله «روحية» «خريطة الطريق» مع اعتراف إسرائيلي من حيث المبدأ بدولة فلسطينية وباعتراف فلسطيني بدولة «إسرائيل». وكتب حيمي شاليف في «معاريف»، ان لا أحد يعلم على وجه اليقين ما إذا كان شارون «ولد من جديد وأصبح صانعا للسلام أم انه مازال الذئب العجوز المتنكر في ملابس حمل». وفي مقابلة أجراها عكيفا إلدار في «هآرتس»، مع رئيس الوزراء الفلسطيني أبو مازن، لاحظ إلدار، ان عباس، رفض التعليق على سلطات الاحتلال، أو ضد شارون، معتبرا ان تنفيذ الخريطة هو أشبه باختبار لشارون... كما لاحظ ان أكثر ما يستفز أبو مازن لإطلاق تصريح عنيف هو الحديث عن عزل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

وذكرت افتتاحية «هآرتس»، في المقابلة التي أجرتها مع أبو مازن. ورأت انه يمكن اعتبار هذه المقابلة جزءا لا يتجزأ من دبلوماسية عامة يتبعها الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني منذ أن تم نشر خريطة الطريق، وهي دبلوماسية تهدف إلى تحضير الأجواء الملائمة لتطبيق الخطوات العملية التي يؤمل أن يتم صوغها في القمتين اللتين ستعقدان في الأسبوع المقبل في مصر والأردن. واعتبرت «هآرتس»، انه كان من الأفضل لو ان أبو مازن، أعلن خلال المقابلة أفقا سياسيا دائما يتخلى فيه عن حق العودة. لكنها أشارت إلى ان الحقائق في منطقة الشرق الأوسط، تشير إلى ان تصريحات القادة مرتبطة إلى حد كبير بخصومهم الداخليين وليس بالطرف الآخر. ووصفت المقابلة بأنها مقابلة حذرة. وتمنت ألا تبقى العبارة التي أطلقها أبو مازن، أثناء المقابلة وهي «فرصة تاريخية» في إشارة منه إلى «خريطة الطريق»، مجرد كلام يقال. مضيفة ان قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي بالخريطة، إلى جانب كل تصريحات أبو مازن، تمتزج في المرحلة الراهنة مع استعداد الرئيس الأميركي، ليتدخل شخصيا في المسار السياسي. وقالت ان تخطيط بوش، لعقد قمتين، والتزام الولايات المتحدة بمسار السلام في الشرق الأوسط، إلى جانب الحرب على العراق، والعمل على نشر السلام بين العرب و«إسرائيل»، تخلق جوا من النشاط والتجدد السياسي وتترك بصيصا من الأمل. وختمت بالقول ان على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يستعدوا لتنفيذ مبادئ خريطة الطريق، قبل الذهاب إلى القمة مع بوش.

ورجح تسفي برئيل في «هآرتس»، أن تدعم القمتان المنتظرتان خريطة بوش، لكن هذا لا يعني ان الزعماء العرب يؤمنون بأن الخطة ستتحقق... لكنه اعتبر اجتماعات بوش في العقبة وشرم الشيخ هي الآن الثمار العملية الأولى لخريطة الطريق. فالرئيس بوش سيلتقي عباس وشارون في العقبة تحت رعاية الملك عبدالله وذلك تقديرا للأخير، وليس لان العقبة يمكن أن تشكل نقطة تحول أشمل من شرم الشيخ. لافتا إلى ان «إسرائيل» عارضت عقد القمة في شرم الشيخ لأن الرئيس مبارك الذي تعهد بدعوة شارون إلى مصر بعد تأليف حكومته لم يف بوعده. ومصر أيضا غاضبة، ففي النهاية هي التي بذلت في العام الأخير الجهد الأكبر لدفع عملية السلام، ورئيس مخابراتها عمر سليمان هو الذي انشغل هذه السنة بتقييد عرفات ورجاله تقييدا شديدا. ومبارك هو الذي دعا زعماء التنظيمات الفلسطينية المعارضة إلى وقف إطلاق النار، وهو الذي عمل على توجيه السياسة العربية الجديدة عندما أعلن بعد الانتخابات في «إسرائيل» الاضطرار إلى إجراء مفاوضات مع شارون. وإذ أقر بأن الجهود المصرية لم تؤد إلى نتائج مهمة، رأى برئيل انه إذا كان بإمكان أحد ما تأمين الدعم العربي لخريطة الطريق وللفلسطينيين فإنها مصر. ومن هنا رأى ان الرئيس مبارك لن يخرج خاسرا، فإذا انعقدت القمة الثانية في مصر فسيكون في استطاعة الرئيس المصري أن يظهر مرة أخرى قوة زعامة مصر التي تعرضت للكثير من التآكل في الحرب على العراق. وسيشكل ذلك أيضا فرصة لزعماء عرب آخرين للوقوف مجددا مع خط الإدارة الأميركية. وتوقع برئيل أن تشارك سورية أيضا في هذه القمة.

ورأى الوف بن في «هآرتس»، انه لا بد من أن ينجز شارون وأبو مازن شيئا أثناء لقائهما المرتقب... وقال بن، ان «إسرائيل» لا تتوقع الكثير من الفلسطينيين فيما يتعلق باتخاذ خطوات جدية ضد «الإرهاب» لكنه توقع أن يعرب المتحدثون الإسرائيليون عن توقعهم ألا يتمكن أبو مازن، من أن يقضي على موجة «الإرهاب» دفعة واحدة، وإنما شيئا فشيئا أي أن يفكك خلية بعد أخرى. وسيبينون ان كل ما يهمهم هو أن يظهر رئيس الوزراء الفلسطيني استعدادا وجدية لبذل جهود حثيثة إلى ان يتم وقف سير «الإرهاب» في الأراضي الفلسطينية. وختم بالقول ان على شارون، أن ينتبه إلى ما سيقوله في الخطاب الذي سيلقيه في الذكرى الـ 26 لتحرير القدس وتوحيدها، لئلا يتسبب كلامه في تحويل لقائه مع أبومازن، إلى خلاف عقيم. وتساءل داني رونشتاين في «هآرتس»، عما يمكن أن يطلبه أبو مازن من شارون أثناء لقائهما الثاني.... فرجح أن يطلب رئيس الوزراء الفلسطيني رفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وإطلاق الأسرى، كما رأى ان أبو مازن لن يقبل بأن تكون السيطرة الأمنية الفلسطينية جزئية كما انه سيطالب بأن يتسلم مسألة الحفاظ على الأمن في غزة ما عدا المستوطنات اليهودية.

ورأى زئيف شيف في «هآرتس»، انه بالاستناد إلى التاريخ، يتبيّن انه إذا استمر «الإرهاب» أثناء مفاوضات السلام تكون النتيجة أن يعود طرف إلى الحرب فيضعف المفاوضات إلى أن يتم إيقافها. ثم يعود الطرف الثاني فيقوم بعمل عسكري يتسبب في وقوع ضحايا كثيرين، وتمر فترة من الاقتتال إلى أن تتوافر ظروف جديدة لاستئناف المفاوضات مرة أخرى. وقال شيف، انه بعدما وافقت الحكومة الإسرائيلية على «خريطة الطريق» من حيث المبدأ، من الممكن أن تضطر «إسرائيل»، إلى التعامل مع مشكلة «الإرهاب» أثناء المفاوضات، لكن بشكل آخر. موضحا ان النشاطات «الإرهابية» قد تتوقف لكن بنية «الإرهاب» ستبقى موجودة. وإذ لفت إلى ان عددا كبيرا من الإسرائيليين يتوقعون أن يحل الفلسطينيون مشكلة «الإرهاب» عن طريق اللجوء إلى القوة مع «حماس»، والجهاد الإسلامي، قال شيف، ان رئيس الوزراء الفلسطيني أبو مازن، على عكس الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، قد يبدي استعدادا لوقف «الإرهاب» لكن من المؤكد انه سيحاول القيام بهذا الأمر عبر الاتفاقات والتفاهمات وليس عبر التسبب في نشوب حرب أهلية. ونقل تخوّف مصادر إسرائيلية من أن تسعى المنظمات «الإرهابية» إلى تقوية نفسها أكثر فأكثر تحت غطاء «الهدنة»، وعندها ستجد «إسرائيل»، صعوبة في تفسير رفضها لوقف إطلاق النار التام وإراقة الدماء. وختم شيف، بالقول انه لا بد من أن يترافق وقف إطلاق النار الفلسطيني بإجراءات أخرى كجمع الأسلحة، ومنع تهريب الأسلحة والتوقف عن الحث على اعتماد العنف. مضيفا ان على أبومازن، عندما يتفاوض مع «حماس» و«الجهاد الإسلامي» على وقف أعمالها، أن يتنبه إلى انه لابد من أن تقوم فصائل شهداء الأقصى التابعة لحركة «فتح»، التي ينتمي إليها، بوقف عملياتها أيضا.

لكن ناتان غوتمان في «هآرتس» رأى ان الإعلان الرسمي من البيت الأبيض عن زيارة الرئيس الأميركي، للشرق الأوسط، هو رمز على انهيار «بوش القديم» بوش الذي ما كان من الممكن أن يتبنى مهمة التوسط في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وهي مهمة يرى حتى أكثر المتفائلين في واشنطن، ان فرصة النجاح فيها ضئيلة للغاية. وبدا له ان بوش الجديد، بات مجبرا على اعتماد بعض عناصر سياسة (الرئيس السابق بيل كلينتون). لافتا إلى ان بوش، الذي أعلن ان اهتمامه سيتركز على الولايات المتحدة، منهمك في إعادة بناء العراق، ويفكر في تغيير النظام الإيراني أيضا. ولاحظ ان بوش، يسير نحو ما أسماه «ورطة الشرق الأوسط»، تماما مثل كلينتون. واعتبر غوتمان، انه ما ان يبدأ بوش، في التوسط شخصيا في الشرق الأوسط، فهو لن يتمكن من العودة إلى الوراء. موضحا ان بوش، يعي جيدا ان مصير المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ستصبح جزءا من مصيره السياسي ما أن تتشابك أيادٍ ثلاث أي يد بوش، وشارون، وأبو مازن في العقبة. وختم بالقول انه سيفتخر بنجاحه، ولكنه هذه المرة لن يتمكن من لوم وزير خارجيته كولن باول، إذا فشل

العدد 269 - الأحد 01 يونيو 2003م الموافق 30 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً