العدد 269 - الأحد 01 يونيو 2003م الموافق 30 ربيع الاول 1424هـ

الحركات النسوية المعاصرة من المنظور النقدي... الإرهاصات المحلية

منتدى «الوسط» الثقافي

الشاخورة - عباس الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

ظهرت فاعلية المرأة منذ القدم... وراحت المرأة بعد ذلك في الدخول في إشكالات أخرى لتتجاوز شرعية وجودها وإمكان مشاركتها لتسأل: ما موقع مشاركتي في المجتمع؟ هل تلك المشاركة مشاركة الـتــبع؟ أم مشاركة النظراء؟ كيف هو كياني؟ وهل كياني يمثل الجزء من الكيان الذكوري؟ أم هو كيان فعلي قائم بذاته؟ كيف هو خطابي؟ هل خطابي تبع أم مسـتقل؟

ومن الأسئلة القديمة التي أجاب عنها التاريخ والواقع لغاية الأسئلة الحديثة التي هي محل إشكالات تستحق القراءة والتأمل في منطوقها وسياق الواقع. وفي البحرين، لا يـفتأ التقدم والتطور إلا سمة بارزة وطابعا بينا لوجه المرأة... بل وصلت أصداء ذلك للعالم لتثبت المرأة البحرينية أنها تمتلك الجدارة لتجاوز الكثير من عقبات التقاليد التي تحكم نساء خليجيات أخريات، لكن، هناك سؤالا آخر مطروحا، وهو: هل المرأة البحرينية فعلا مشاركة للرجل؟

أم أن مشاركاتها ظاهرية لا تكـتـنف في مضامينها حقيقة «المشاركة»... وهل أن الحياة التبادلية - ثقافيا وسياسيا واجتماعيا - موجودة بين الوسط النسائي والرجالي بشكل جلي؟ أم أن المسألة لا تعدو إلا شكلا يتأطر في المشاركة بالعمل وما أشبه...

من هنا نطرح المحاور عن الواقع المحلي لنسأل عن المرأة البحرينية وموقع إعرابها في سياق المجتمع... وللتعرف على كل ذلك يجب أن نعرف الجذور التاريخية لظهور الحركة النسوية في البحرين... نستضيف في هذا المنتدى كلا من الكاتبة سميرة رجب، والكاتبة والباحثة نصرة البستكي، ورئيسة اللجنة النسائية بجمعية الرسالة سابقا صديقة الموسوي.

لمحة تاريخية عن

الحركة النسائية في البحرين

بداية... نود أن نتعرف على الظروف التاريخية التي أدت إلى ظهور ووجود الحركة النسوية في البحرين؟

- سميرة رجب: حقيقة أنا لم أعمل في الحركة النسائية إلا حديثا، إذ لم يكن يستهويني هذا العمل بصراحة، لأن مجال تفكيري مختلف وأرحب بالمجتمعات التي فيها حوار بين الرجل والمرأة مستمرا ليعطي ذلك المجتمع حيوية، لكن بحسب اطلاعي بدأت الحركة النسائية في الثلاثينات أو نهاية العشرينات بوجود جاليات في البحرين تعمل مع بعض السيدات البحرينيات في المجال الاجتماعي، هذا التعاون بين الجاليات وتلك السيدات لفت نظر الأخريات من النسوة بالتعاون معهن، فبدأت تتشكل بعض المؤسسات مثل جمعية رعاية الأمومة، وفي الفترة نفسها بدأت بعض السيدات النسائية القادمات من الخارج بالعمل بفاعلية في المجتمع مثل عائشة يتيم إذ أسست مؤسسة نسائية آنذاك، ومن بداية الحركة النسائية بدأت بهذه الطريقة وكانت ذات طابع اجتماعي أكثر مما هو ثقافي أو سياسي. إذن نستطيع القول إن رجوع بعض السيدات والذي بدأ بعد الستينات غيّر العمل النسائي في البحرين وبدأ يتغير وجه العمل النسائي بشكل ملحوظ.

- صديقة الموسوي: بكل جرأة أستطيع القول إن بداية السبعينات هو منبثق مشاركة المرأة بشكل قوي، فنحن في تلك الفترة (وفي مرحلة بداية التدريس لنا) في المدرسة الثانوية بالمنامة بدأت النسوة بإطلاق رأيهن بصورة قوية وجرأة واضحة في المجالين الثقافي والسياسي .

- نصرة البستكي: في البداية لابد أن تستقر لدينا بعض المفاهيم، تفضلت وقلت (الحركة النسوية) فلابد أن نتوقف عند مفهوم (الحركة) ومفهوم (النسوية) لكي نستطيع الدخول في السياق التاريخي للحركة النسائية في البحرين، مفهوم الحركة هو الفعل ضد السكون، وهو الفرق بين المتحرك والساكن، وبهذا المفهوم اقول إن الحركة فعل في المجتمع من أجل المجتمع لكي تكون تلك الحركة فاعلة، وبهذا المعنى لا نستطيع القول إن المرأة المتحركة هي فاعلة في المجتمع ما لم ينطلق تحركها من اجل المجتمع.

أما بالنسبة إلى مفهومي (النسوية) و(النسائية) فهناك فرق كبير بينهما، فالنسائية مفهوم يستخدم لعمل المرأة في سياق قضايا متعلقة بالمرأة، مثل جمعية نسائية تعالج قضايا المرأة، أما النسوية فهو تعبير جديد استخدمه النقاد في معالجة أدب المرأة من مثل (شعر، نثر، رواية...) ومن ثم تحول إلى جزء أصيل من مفهوم التحديث الغربي وهو ينطلق من قاعدة تتناقض مع مفهوم الخطاب الذكوري وبهذا المعنى يصبح هذا المفهوم منظومة كاملة ترتب حزمة واسعة من الحقوق تتطلب منا وعيا مختلفا وبيئة مختلفة. أما بالنسبة إلى السياق التاريخي للحركات النسائية في البحرين فهي تنقسم إلى قسمين، القسم الأول هو الحركة النسائية الاجتماعية قبل أن تأخذ المرأة حقها الدستوري في المشاركة السياسية والثاني هو بعد أخذها ذلك الحق، والقسم الأول (وهو قبل أن تأخذ المرأة حقها الدستوري) ينقسم إلى قسمين أيضا: القسم الأول عندما بدأت حركة التعليم في البحرين في بداية العشرينات (1919م للرجل و 1928م للمرأة)، فـفي تلك الفترة لم تكن هناك جمعيات ولا مؤسسات بالمفهوم الرسمي، هناك شيء يسمى (المفازعة) وهي أن المجتمع يقدم العون للأسر المحتاجة عبر جمع المساعدات لهم وكانت تشرف على ذلك النشاط مجموعات من المجتمع، ثم أتت مرحلة دخول المرأة البحرينية المدرسة ودخول بعض الجاليات العربية البحرين، هؤلاء النسوة فكرن في إنشاء نوع من الحركة النسائية وهي «كفالة اليتيم» بمدرسة الهداية الخليفية وهي التي تسمى الآن مدرسة خديجة الكبرى، ومن ثم أتت فترة الأربعينات وهي فترة ظهور النفط وكانت التقاليد لاتزال آنذاك مسيطرة على المرأة ولا تستطيع القيام بأي دور غير الدور التقليدي، ولم تناقش قضايا المرأة أبدا اللهم إلا في الصحافة التي تناولت «بعض» القضايا مثل التعليم وما إلى ذلك، وكان هناك بعض الكتاب ممن تناول قضايا السفور وبعض القضايا المتعلقة مباشرة بالمرأة، وبعد تمحيص دقيق لي استطعت أن احدد تلك الفترة التي اجتمعت فيها بعض النسوة لإنشاء ناد نسائي، وهي فترة واقعة بين نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات، إذ اجتمعت أربع نساء من العائلة الحاكمة وكانت معهن أخريات مثل عائشة يتيم وكن يجتمعن في مدرسة الزهراء كل يوم اثـنين، لكن الشيخ سلمان بن حمد لم يوافق على إشهاره، و بعد ذلك تشكلت مجموعة أخرى من السيدات لإدارة العمل مثل (فايزة الفايز، بورتو خنجي (بريطانية)، حياة القصيبي، شيخة يتيم، عايشة يتيم، وكانت معهن زوجة المستشار بلغريف)، وعلى رغم أن العمل سار في بدايته بشكل اعتيادي إلا أن عمره كان قصيرا جدا، فالمجتمع البحريني لم يتقبل هذه الفكرة وأغلق هذا النادي في سنة 1952م، في تلك السنة بدأ التحرك النسائي يتزايد وبدأت بالظهور بعض الجمعيات، إذ تم إشهار جمعية نهضة فتاة البحرين وجمعية رعاية الطفولة والأمومة. وفي نهاية الستينات أشهرت جمعية أوال وجمعية الرفاع الثقافية الاجتماعية، وكانت الحركة النسائية ثقافية واجتماعية فقط، أما مرحلة ما بعد أخذ حقها الدستوري فقد أتاح للمرأة أن تتحرك سياسيا.

قراءة في خطاب المرأة ومدى استقلاليته

الكلام عن الجمعيات يسوقنا إلى التحدث عن الخطاب، فهل خطاب المرأة منتج في المطبخ الثقافي النسائي؟ أم هو مستورد من لدن الرجل كنسخة مؤنثة؟ بمعنى: هل تتفقون معي أن المرأة في البحرين لم تستطع إنتاج خطابها باستقلالية وما مشاركتها مع الرجل إلا مشاركة التبع وليس مشاركة النظراء؟ ماذا ترين؟

- رجب: أرجع لكلمة النسوية، أنا لا أؤمن بوجود أدب نسوي وأدب ذكوري، فهو أدب مجتمع واحد، وأرجع للخطاب لأسأل: هل هناك خطاب نسائي أو نسوي؟ بداية لا ينبغي أن يكون هناك تفريق في الخطاب، فلا يمكن فصله بين نسائي ورجالي، فإن اتجهنا إلى الفكر السياسي نرى أن التيار القومي واحد يضم نساء ورجالا، والتيار الإسلامي كذلك، لكن من الممكن أن نطلب أن يكون هناك أداء واسلوب عمل مختلف ترتقي به المرأة في المجتمع، أما أن يكون لها خطاب فهذا نوع من الفصل الذي نرفضه لكن نستطيع أن نقول على فرضية تقسيم الخطاب أن المرأة إلى حد الآن لا تمتلك خطابا وهي أدنى ثقافيا من الرجل، هي مختلفة في أدائها السياسي، مختلفة في أدائها الثقافي... الاجتماعي... عن الرجل، فلذلك لها نظرة مختلفة في كل ذلك عن الرجل، أقول إنه يجب على المرأة أن ترتقي بثقافتها ويكون خطابها موحدا مع الرجل...

- عفوا... إذا كانت الحركات التي تقولين إنها تنتج خطابا واحدا وهي تضم رجالا ونساء، ألا ترين أن ملامها تترسم عبر الرجل، بل حتى إداريو تلك الحركات أو التيارات هم رجال... هل تستطيع المرأة أن تقف وتقول للرجل هذا خطأ وهذا صواب؟

رجب: هذا جانب

آخر لا علاقة له بالخطاب...

بلى... هذا جزء من الخطاب...

- رجب: نعم هناك خلل في العلاقة، هناك تهميش لدور المرأة حتى في إطار بعض القوى اليسارية، يوجد إقصاء لدور المرأة... المجتمع يفهم دور الرجل كدور تسلطي أما في المجتمعات المتقدمة فإن المرأة تضع نفسها بنفسها بمصاف الرجل من دون أن تنظر إلى ذاتها بدونية، أما في المجتمعات العربية فهناك خلل لنظرة المرأة إلى نفسها وبالتالي نظرة الرجل إليها، هنا يختلف الموضوع عن موضوع الخطاب وندخل ضمن موضوع الحقوق.

الموسوي: بالنسبة إلى المرأة وخطابها فإنه قبل كل شيء يجب أن ننظر للقدرة التي جعلها الله لكل واحد من الجنسين ودوره الخاص وخصوصيته، ولا نستطيع نكران ذلك، والمجتمعات كل المجتمعات الآسيوية والإفريقية... تدرك هذه الحقيقة... الله هو الذي خلقنا ويعلم ما الدور الذي جعلنا فيه والحقوق تتساوى لكن الأدوار تختلف...

عفوا أعتقد أننا لا نختلف البتة في أن الإسلام شيء والمسلمين شيء آخر... أنت تفضلت بالحديث عن الدين الإسلامي ونظرته إلى المرأة، نريد أن نتحدث عن واقعنا كيف هو؟

- الموسوي: في السابق لم يكن للمرأة خطاب، ولكن في التسعينات وعلى رغم الضغوطات السياسية تشكل للمرأة ذلك، بدليل أننا نرى الجمعيات النسائية واللجان متشكلة ولاتزال تزداد باستمرار، والأنشطة المتزايدة وغير ذلك، فالعاملات في المجتمع نراهن يعملن بشكل كبير ولهن تأثير في المجتمع... بالنسبة إلى دور المرأة فهو ينقسم إلى جانبين، جانب أن المرأة ذاتها لم ترد أن تعطي نفسها أكثر مما هي عليه، والجانب الثاني هو أن الرجل أراد لها ذلك... أرى أن الرجل يخاف من أن تبرز المرأة أكثر منه وتعطي بشكل أكبر من عطائه لإرادتها الأقوى وصبرها وتحملها، ولذلك لم يرد إفساح المجال لها لكي تعطي.

إذن أنت تتفقين معي بنسبة أو بأخرى، بشكل أو بآخر أن ثمة هيمنة ذكورية على المرأة في المجتمع؟

- الموسوي: طبعا، بالتأكيد.

- البستكي: بالنسبة إلى سؤالك عن «الخطاب»، أولا أرفض القسمة بين الذكور والإناث وأرفض مقولة أن المرأة تمتطي خطاب الرجل لتصوغ خطابها، كما أرفض مقولة (تابع ومتبوع)، فلو تلاحظ ان أهم خطاب في هذا الوجود هو الخطاب القرآني، اسألك: هل يمتنع الرجل عن قراءة «سورة النساء»؟ أو بقية الآيات الكريمات التي تخاطب النساء؟ أو العكس، هل تمتنع المرأة من قراءة الآيات التي تخص الرجل؟

ما وجه المقارنة؟

- البستكي: وجه المقارنة هو أنك تقول خطاب (رجالي/ذكوري) وخطاب ( نسائي/نسوي)، الخطاب واحد في رأيي بدليل أن القرآن خطاب واحد وهو أعظم خطاب، يخاطب الجميع «يا أيها الذين آمنوا...» و «يا أيها الناس...»...

- الموسوي: في كل مكان ذكر فيه الذكر والأنثى.

- البستكي: نعم... وحتى عندما يقول الله (يا أيها الذين آمنو...) يرفض تقسيم ذكر وأنثى، لنرجع الآن للمرأة في الجمعيات، أنا أرى أن المرأة تتبع فكرها وأيديولوجيتها، فالمرأة الإسلامية تتبنى الفكر الإسلامي وكذلك اليسارية والقومية... الخ، نعم هناك نساء يتبعن أزواجهن حتى في طبق الطعام فنحن لا ننكر ذلك...

- سميرة: (مقاطعة) نحن نتحدث عن شيء نظري (لا يمكن تجزأة الخطاب)، أنت ترفضين ذلك وأنا كذلك أرفضه، لكن حينما نرى الأداء والثقافة والعمل والمفاهيم، نرى تدنيا واختلافا عن الرجل، فهناك تدن في الثقافة، وتدن في نظرتها لحقوقها، هذا واقع في المجتمع، هذا الذي وددت توضحيه والتفريق بينه وبين وحدة الخطاب، فالأداء والعمل والممارسة يتضمنهم التدني مقارنة بالرجل.

- البستكي: أود أن أضيف على ما قلته منذ قليل أن جزءا من المشكلة تتحملة الوسائط الإعلامية وجزء من الوزر تتحملة المرأة في تهميش نفسها، بمعنى أنه - كما تفضلت الأخت سميرة حتى في أوساط بعض القوى اليسارية - هناك تهميش للمرأة... أنظر مثلا إلى الندوات التي تنظمها الجمعيات اليسارية، كل الندوات التي عقدوها ندوات من الرجال وبإدارتهم...

- سميرة: (مقاطعة) حتى الجمعيات الإسلامية...

- صديقة: عفوا... أنا أختلف معك...

- سميرة: عددي لي كم ندوة للمرأة نظمتها جمعية الوفاق؟

- صديقة: لا أتحدث عن الوفاق، أتحدث عن الجمعيات الإسلامية بشكل عام، فالتوعية والرسالة مثلا نظمتا ندوات بتنظيم نسائي بحت، وشاركت المرأة فيها وجلست على المنصة... وأنا حضرت تلك الندوات...

- البستكي: الوسائط الإعلامية تتحمل فصل الخطاب بين المرأة والرجل، وهناك مثال سآتي به يوضح أن ذلك الفصل تتسم به وسائل الإعلام العربية بشكل عام وليست المحلية فقط، فمثلا، كم من تلك القنوات تستضيف المرأة في برامجها في غير قضايا المرأة؟ فمثلا أنا دعيت في تلفزيون البحرين وقناة الجزيرة أكثر من مرة لبرامج تخص قضايا معينة لا علاقة لها بالسياسة، على رغم أني متخصصة في السياسة والتحليل السياسي فإنهم لا يدعونني في برامج سياسية، لذلك أنا أرى أن تلك الوسائط جزء كبير من المشكلة.

الموروث وتأثيراته

السلبية والإيجابية على المرأة

كيف تقرأن تأثير الموروث على المرأة؟ كيف استطاعت المرأة التحرر من سلبيات الموروث والتمسك بإيجابياته؟

- رجب: لا أرى أن المرأة تحررت من الموروث، وقد تكون العادات والتقاليد قد قضت على الموروث الأصلي، نحن نتحدث عن مفاهيم ثقافية مكتسبة من عادات وتقاليد معينة دخلت في الموروث بحدية في الفترة الأخيرة مثل العيب، الحلال، الحرام، يجوز ولا يجوز، إلى درجة تحييد دور المرأة ووضعها في نمط معين، فللأسف الشديد أن مجتمعاتنا تملك موروثات من خلال مفاهيم مختلفة، هذه العادات والتقاليد سلبية يعترف بسلبيتها قطاع كبير من المجتمع وبأنها تناقض مفاهيم الإسلام، إنما لا أحد يستطيع كسرها، إذن المرأة لم تستطع التخلص من سلبيات الموروث.

ألم تتخلص ولو بنسبة؟

- رجب: في تصوري حدث العكس، في مرحلة من المراحل كانت المرأة «أكثر إيجابية مع «وضعها»، لا أريد أن استخدم كلمة (اكثر تحررا) لحساسية هذه الكلمة عند البعض، لكن أقول إنها كانت أكثر إيجابية مع مجتمعها ومع حقوقها ونفسها، للأسف في العقدين الأخيرين بدأت المرأة ترجع إلى مفاهيم بدأت تفرض لأسباب سياسية مختلفة لتحييد دورها.

- الموسوي: اتصور على العكس تماما، ففي السبعينات كنا نذهب إلى الجامعة بشق الأنفس، أذكر حينما حصلت على بعثة للكويت كان الأمر لافتا للنظر وبدأ الناس يتحدثون عن كون إمرأة تسافر لوحدها... الآن بناتنا بأعداد هائلة يبتعثن، أليس كذلك! قبل السبعينات المرأة لا رأي لها في مسألة الزواج، فلا تستطيع اختيار الزوج المناسب لها، بينما اليوم تستطيع الفتاة أن تقف وتقول لوالديها هذا يناسبني وذاك لا يناسبني، والجانب الآخر كانت المرأة لا تستطيع أن تنطلق في طموحاتها إذ كانت مقيدة - مسموح لها - بدراسة الابتدائية وتعلم القرآن، بينما الآن تنطلق في المجالات كافة، وبدأت المرأة تتحرر من بعض الموروثات السلبية... العادات والتقاليد تحكم كل المجتمعات شئنا أم أبينا ويجب التحرر من السلبيات والتمسك بالإيجابيات، هناك عادات وتقاليد جيدة مثل الاستضافة والتكريم... حتى مسألة الحلال والحرام لولاها لما كانت مجتمعاتنا ذات قيمة.

- البستكي: هناك موروثات على المرأة كما هي على الرجل، أنا استمعت لطرحين مختلفين، الأخت سميرة تقول إن المرأة كانت أكثر «تحررا» والأخت صديقة تقول إن المرأة في وقتنا الحاضر هي من شقت طريقها، أنا أرى أن ذلك خلط للمفاهيم، ففي السابق كان الاستعمار جاثما على صدورنا وكانت الثقافة آنذاك مختلفة عن يومنا هذا، و متأثرة به (أي بالاستعمار)، فمثلا كنت في تلك الفترة في الابتدائية والمدرسة التي كانت تدرسنا «التربية الإسلامية» هي نفسها التي تدرس الخياطة والرسم، إذ لم تكن تفهم في الدين الكثير، لكن بعد انقشاع الاستعمار صار التخصص سمة المدرسين، ففي تلك الفترة يعطونا الآية ولا نعرف سبب نزولها... إذن هناك ثقافتان، الثقافة المتزامنة مع وجود الاستعمار والثقافة التي تلت إنقشاعه، وعليه فأنا لا اتفق مع الاختين الكريمتين في طرحهما. فيوم أن كنت في أميركا كان جيراننا يهودا من الناجين من المحرقة النازية، وكانوا يستغربون من اسلوب الأب والأم المسلمين مع أبنائهما من كل جمعة حينما تلبس العائلة أحسن اللباس ويذهبون للصلاة، تقول الأميركية - اليهودية - أليس هذا المشهد نوع من الثقافة الأبوية...؟ نحن الآن لا يجدر بنا أن نتلقى تلك النظرة ونضرب على هذا الوتر دائما...

لنحدد بوضوح سلبيات وإيجابيات الموروث وتأثيراته على المرأة...

- البستكي: أنا عرجت على هذه النقطة حينما قلت إنه في مرحلة الاستعمار لم ترسخ لدينا مفاهيم ومبادئ الإسلام الصحيحة... فإذا جيل يتخرج على يد مدرسات لا يفهمن في الدين...

- سميرة: (مقاطعة)، هذا ليس خللا...

- البستكي: بل خلل، سأقول لك لماذا... منذ يومين اتصلت بي إحدى السيدات تقول إنها كلما تذهب إلى القاضي عن قضاياها يقول لها: (هذا من الشرع...) (هذا من القرآن...) وتتوارى من هذه العبارات لأنها لا تفهم في الفقه والتفسير، وحقها يضيع، وهنا اسأل، لو فرضت علينا الولايات المتحدة منهجا جديدا كما هو مطلوب من الدول العربية والإسلامية، فكيف سيكون حالنا؟

- الموسوي: أتصور أن سلبيات الموروث الثقافي أقل من إيجابياته، لماذا؟ لأن المشكلات سابقا أقل من الآن، فإذا اتبعنا الموروث الثقافي فمشكلاتنا ستقل، وتركه يجعلنا في مشكلات أكثر والحلول مستعصية نراها بشكل واضح بالواقع.

نصائح واقتراحات لتطوير الحركة النسائية

ربما توضحت لنا بعض الجوانب/التفاصيل عن الخطاب والموروث ومشاركة المرأة، أخيرا، ما هي النصائح/الاقتراحات التي ترينها لتطوير الحركة النسائية في البحرين؟

-الموسوي: أتصور لو أن كل امرأة تضع نصب عينها عبارة (المرء حيث وضع نفسه) فإنها ستتدرج رقيا، دائما أصــر على الاعتقاد الذي يؤيدني فيه أحد العلماء المتخصصين وهو أن إرادة المرأة أقوى من إرادة الرجل... صبرها أكبر من الرجل... إتقانها أكثر من الرجل... إذا عرفت المرأة ذلك ستغير من وضعها، وإذا عرفت نعم الله عليها ستدرك أهميتها، ويمكنني أن أوجز اقتراحاتي في ثلاث نقاط: أن تبحث عن الفكر السليم، وأن تقتدي بالقدوة الحسنة، وأن ترسم أهدافا لحياتها.

-البستكي: أولا: يجب أن تثق المرأة بنفسها ويجب على الرجل أن يثق بأهلية المرأة، ثانيا: يجب أن ترسم جسور الثقة بين الحكومة والمؤسسات وبين فئات المجتمع، فالسلبية مجتمعية أكثر من كونها نسائية. ثالثا: ولتدعيم وتطوير وتفعيل دور المرأة وحركتها ينبغي أن يتناغم الدور الإعلامي مع المنتج الثقافي كوسيط يصل ذلك المنتج بكامل صورته إلى لمجتمع. رابعا: لـتـتخلى المرأة عن السلوك المظهري الذي هو نتيجة للوفرة النفطية مع مصاحبة الوجود الاميركي الذي أثر في السلوك، وطبعا نحن لا نستطيع أن ننكر الاستثناءات النسائية الموجودة في المجتمع.

- رجب: الحركة النسائية محصورة في مؤسسات نسائية (للأسف)، ولم تخرج تلك الحركة من إطار المؤسسة، وحتى في إطار المؤسسات المختلطة نرى أن المرأة محصورة في لجان وذلك نتج عن عدم فهم الرجل للغتها، طبعا لا ينبغي لنا القول إن اللغة يجب أن تتوحد، لكن يجب أن ترتقي المرأة بلغتها... ولكي تطور من لغتها يجب أن تتحرر من المؤسسات المغلقة، ما معناه أنه يجب أن تثبت المرأة جدارتها





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً