العدد 268 - السبت 31 مايو 2003م الموافق 29 ربيع الاول 1424هـ

نكتة «القوانين» الأميركية!

من حمورابي إلى «دسكوفري»

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

منذ أيام حمورابي حتى الآن إذ وضعت اللبنة الأولى للقانون والعالم كله يسير على قاعدة: «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر» إلا الأميركان فإنهم مصرون على تعميم قانون محلي أميركي خاص بهم يبدو انه منتشر هذه الأيام في الولايات المتحدة كما تقول التقارير وهو قانون أو إجراء يسمونه - Discovery - وكما يقول الكاتب السعودي عمرو محمد الفيصل في عموده الأسبوعي في صحيفة «المدينة» وهو العارف على ما يبدو بتلك القوانين الاميركية: «فإن الـ Discovery هذا اي - الاكتشاف - يخول المدعي الادعاء بما يشاء ثم تمكنه المحكمة من الاطلاع على جملة مستنداتك الخاصة لكي يبحث فيها عن أي دليل يدعم ادعاءه عليك فان وجد شيئا أدنت به، وان لم يجد فانه ليس لك اي حق في المطالبة بالتعويضات عن «المرمطة والبهدلة» التي مررت بها وتكاليف المحامين الذين استأجرتهم للدفاع. لكنه يمكنك في المقابل ان تتفق مع المدعي على مبلغ معين تدفعه إليه قبل «المرمطة» لكي يسقط دعواه. نكتة أليس كذلك؟ هكذا يقول الكاتب السعودي، والذي يضيف: «لكنها للأسف حقيقة مرة منتشرة في تلك الدولة التعيسة يعاني منها الشعب الأميركي أية معاناة، وهي فكرة اخترعتها شركات قرصنة تشغل الشعب الأميركي في هذه الأيام وهو يتنقل في المحاكم مهاجما بعضه بعضا متحولا إلى لعبة بيد النظام القضائي والمالي لتلك الشركات المتحكمة في مصيره...».

ونحن هنا في المقابل نقول: منذ ان كشف العالم اليهودي الاسرائيلي موردخاي فعنونو اسرار القنبلة النووية الاسرائيلية على صحيفة «الصنداي تايمز» في العام 1986 الامر الذي دفع بالحكومة الاسرائيلية آنذاك إلى اختطافه من اوروبا ومحاكمته وسجنه 18 عاما والعالم كله يعرف بأن الدولة «الشرق اوسطية» الوحيدة التي تملك أخطر ترسانة اسلحة دمار شامل هي «إسرائيل». ومع ذلك كله فإن الإدارات الأميركية المتعاقبة تدفن رأسها في الرمال امام هذه الحقيقة، مفضلة توجيه سيل الاتهامات المتتالية والمتواصلة نحو دول عربية واسلامية على انها تملك اسلحة دمار شامل!! من دون ان تقدم دليلا واحدا يمكن الاستناد اليه حتى هذه اللحظة مفضلة بل ومصرة وبقوة قانون الـ «Discovery» الأميركي المحلي المشار إليه أعلاه، على الدخول عنوة لتلك البلدان المدعى عليها للبحث عن أدلة للدعاوى الاميركية!! نكتة أليس كذلك؟

يقول مكتب تقويم التكنولوجيا في الكونغرس الاميركي في تقرير علني له في العام 1993م: «ان اسرائيل تمتلك قدرات كيماوية غير معلنة وبرنامجا هجوميا غير معلن في الأسلحة البيولوجية». في الوقت الذي يعلم فيه العالم كله أن «إسرائيل» هي الدولة «الشرق أوسطية» الوحيدة - إلى جانب كوريا والهند والباكستان - لم توقع ميثاق منع انتشار الاسلحة النووية وكذلك ميثاق منع انتشار الاسلحة الكيماوية.

يقول اتحاد العلماء الاميركيين ان «إسرائيل» تملك ما لا يقل عن 100 قنبلة نووية.

وفيما تقدر مجلة «جينز انتيليجنس ريفيو» مخزونا يتراوح بين 400 و500 قنبلة. وان طائرات الـ اف 16 الاميركية الصنع تستطيع حمل قنابل نووية فإن العالم كله يعلم بأن «إسرائيل» تصنع صاروخ اريحا - 1 - ومداه 660 كلم وصاروخ اريحا 2 ومداه 1550 كلم. ومع ذلك كله فان اميركا جيشت الجيوش وتجاوزت كل القوانين ومنظمة الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ودخلت العراق عنوة بحجة فشل لجان التفتيش في اكتشاف أسلحة الدمار الشامل وها هي في العراق من اقصاه إلى اقصاه تصول وتجول فيه ولا أسلحة دمار شامل ولا هم يحزنون. نكتة أليس كذلك؟

اليوم وبعد أن وضعت الحرب في العراق اوزارها تستنفر الخارجية الاميركية ووزارة الدفاع الاميركية كل قواهما ضد كل من سورية وايران متهمة الاولى بامتلاك اسلحة كيماوية سواء - بالسعي لها أو باستجلابها من العراق. والثانية بالسعي لامتلاك القنبلة النووية، وتطلب وتلحّ في الحالتين على البلدين تقديم الأدلة التي تؤكد الادعاءات الاميركية! والا فالعقوبات الصارمة لهما بالمرصاد وصولا إلى الاقتحام العسكري وتأليب الشعب للقيام بانتفاضة ضد الحكومة والنظام. نكتة أليس كذلك؟

ثم يستغربون لماذا كل هذا الارهاب الاسلامي! والعربي! المنتشر في العالم. ناسين أو متناسين بالأحرى أنهم وبأسلوبهم اللامعقول واللامنطقي واللا مشروع هذا فيما يسمونه بمكافحة الارهاب انما يشجعون الارهاب اكثر من اي طرف آخر متورط في الارهاب.

انهم يطلقون النار يوميا بل وفي كل لحظة على مدرسة الاعتدال والحكمة والدراية في عالمنا العربي والاسلامي، بسياساتهم المزدوجة التي تكيل بمكيالين مختلفين تماما، وخصوصا عندما تقول مستشارة الأمن القومي لديهم: «ان مفتاح أمن العالم في اسرائيل!» ألا يعني هذا أن الأمن لا يتحقق الا بمئات القنابل النووية ومخزونات اسلحة الدمار الشامل المعلنة وغير المعلنة في «إسرائيل»؟ ثم تريد ان تنزع السلاح الفردي للقائم بأعمال السفارة الفلسطينية في بغداد بحجة مخالفته للقوانين التي وضعها الاحتلال لعاصمة الرشيد التي تحولت إلى مدينة الدمار النفسي الشامل في ظل غياب الأمن الفردي والجماعي بفضل حرب تحرير العراق من أسلحة الدمار الشامل! نكتة أليس كذلك؟

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 268 - السبت 31 مايو 2003م الموافق 29 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً