العدد 2311 - الجمعة 02 يناير 2009م الموافق 05 محرم 1430هـ

البرامج الأميركية تنتقد حياتنا وتقاليدنا من دون رقيب

كثيرة هي اليوم المحطات الفضائية العربية التي تتحدث بلغات أجنبية وبأفكار غربية، فلم يعد من الغريب علينا أن نستمع لمقدم أميركي أكثر من المتحدثين باللغة العربية على شاشات تلفزيوناتنا، وبات شبابنا اليوم يتلقى يوميا كما هائلا من الأفكار والقيم والأنماط الغريبة والبعيدة كل البعد عن نماذج مجتمعاتنا، وكل هذا من دون رقيب ولا حسيب عادل يوازن ما بين حق الناس بالمعرفة والاطلاع، وحق مجتمعاتنا في احترام قيمها والحفاظ عليها.

«مقص الرقيب» من أكثر الأمور التي يشتكى منها في الإعلام العربي، فالمنع والحجب والحذف من شتى أنواع الأعمال التي تعرض على مختلف وسائل الإعلام العربية، من الأمور العادية والتقليدية في غالبية دول منطقتنا، ويكاد لا يمر عمل ليعرض على إحدى الشاشات العربية إلا ويتوقف عند مكتب رقيب يقص منه ما يزعج «كل من فيه شوكة تخزه».

غير أن هذه الرقيب بات يمارس طقسا متطرفا آخر، بأن يسمح لمجموعة من الأعمال والأفكار أن تعبر لتصل إلى شاشات دون غيرها. وكأنما للبعض الحق بالعبور أيا كان ما لديهم، ولآخرين علامات على جبينهم تستوقفهم عند كل منفذ.

في الفترة الأخيرة، مع توافد عدد كبير من الأعمال الأجنبية (الهوليوودية) للفضائيات العربية، باتت تطرح قضية السماح لعدد كبير من القيم والأفكار المتنافية مع الكثير من القيم والأخلاقيات الأساسية في مجتمعاتنا، بالدخول والعرض في عقر دارنا من دون رقيب، على خلاف الكثير من الأعمال العربية الهادفة التي تتعرض للتقطيع و «القصقصة» لا لشيء سوى لأنها هادفة وتضع يدها على الجرح من دون مواربة أو تحاليل!

ففي حين ينتقد الكثيرون اليوم الحملة التي تشن على القيم العربية الإسلامية، بعرض يومي لبرامج ومسلسلات تمس قدسية العلاقات الأسرية والزواج، واحترام الأخلاقيات العامة في المظهر والتعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى التعدي على الكثير من المعتقدات والقيم التي تقوم عليها هذه المجتمعات... وكل هذا من دون رقيب يحجب ما يجب أن يحجب بشكل فعلي، أو حسيب يحتسب ما قد يتقبله المشاهد العربي وما قد يثير نقمته وانتقاده... في مقابل ذلك، هناك من يعتبر وصول الأنموذج الإعلامي الغربي بكل ما يحمله من وجوه قد تختلف عما نعيشه في واقعنا، هو أمر حاصل لا محالة، سواء رغبنا أو انتقدنا أو رفضنا، وخصوصا عبر المحطات المختصة بالبرامج الناطقة باللغات الأجنبية، التي لا تتوافر لها مادة منتجة في مكان تقترب قيمه العامة بشكل كبير من قيم مجتمعاتنا.

كما أن هذه البرامج على رغم كثرة منتقديها فإنها تلقى رواجا وشعبية، وخصوصا في أوساط عدد كبير من الأجيال العربية الشابة.

ولا يمكن الإنكار هنا أن هذه البرامج التي لا يخلو أي منها من تصرفات غير مقبولة أخلاقيا لدينا، تجذب نسبة كبيرة من المشاهدين لعدة ساعات على الأقل كل يوم، على رغم أنها تضع الكثيرين منا في مواقف محرجة ومربكة أمام أبنائنا، حين يظهر مشهد حميمي «مر عليه مقص الرقيب» لكن من دون أن يقص كل ما قد يضع الأهالي في موقف يصعب تفسيره للصغار، ويتطلب الكثير من الانتباه والحرص في التعليق عليه أمام المراهقين.

ولعل المشاهد العربي بات يتجاهل أو يتغاضى عن بعد الاختلاف والتناقض في موضوع العلاقات أو الأزياء أو حتى القيم والأفكار التي تعرض في المسلسلات الأميركية، إلا أن ما يستفز الكثير من المشاهدين ويحرك مشاعر الاستياء لديهم، البرامج الحوارية أو الإخبارية التي يؤتى بها كما هي من دون وعي ببيئة متلقيها، لتنتقدنا وتسخر منا ومن حياتنا، وتكتفي بأن تطلق علينا لقب «عالم ثالث».

العدد 2311 - الجمعة 02 يناير 2009م الموافق 05 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً