تفتتح في أبوظبي أعمال الدورة الثالثة لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الذي يقام بدعم من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، بعدها بأسابيع قليلة ستقدم الدوحة نسخة قطرية من مهرجان ترايبيكا السينمائي. في ديسمبر/ كانون الأول المقبل سوف يطفئ مهرجان دبي السينمائي الدولي شمعته الخامسة، وأخيرا وبعد ذلك بأسابيع أكثر، في أبريل/ نيسان على وجه التحديد، يفترض أن تنعقد الدورة الثالثة من مهرجان الخليج السينمائي في إمارة دبي.
مهرجانات هنا وهناك، خليجية جميعها، مهما اختلفت مسمياتها، قريبة في جغرافيتها وفي وقتها، متوحدة، على غير العادة، في أهدافها. يبدو الخليج وكأنه يعج بفورة، ولعلها ثورة سينمائية فيلمية مهرجانية. بدأتها دبي العام 2004، بمهرجان كان في بداياته مثارا للاستغراب، وربما التندر والسخرية، أو حتى الاستنكار والاحتجاج وسوء الظن الذي كان حكما وفيصلا حينها. توقيت المهرجان وتعارضه مع مهرجانات سينمائية عربية أخرى كان باعث الخلاف الأول، وحقيقة عدم وجود صناعة سينمائية خليجية تستدعى الاحتفاء بها كان السبب الثاني.
مهما يكن من أمر، ومهما يكن حجم الخلاف الذي حدث حينها، إلا أن القائمين على المهرجان أثبتوا للجميع، وعبر السنوات حسن نواياهم من ناحية، وإمكانية تحريكهم للمياه الراكدة سينمائيا على مستوى الخليج، بل وقدرتهم على التأسيس لتلك الصناعة وليس أدل على ذلك من الإقبال الشبابي الأخير على صناعة الأفلام القصيرة في مختلف دول المنطقة.
بعيدا عن الاعتراضات وبعيدا عن قوة حجة المعترضين وصحتها، إلا أنه لا يمكن إنكار أن هذه المهرجانات، مهرجان دبي أولا ثم مهرجان الخليج، وبعدها مهرجان الشرق الأوسط، خلقت أجواء مختلفة، وصنعت حراكا سينمائيا يمكن تلمسه بسهولة في أوساط جيل من صناع السينما الشباب.
البحرين من جانبها، وعلى المستوى الرسمي، لا تبدو وكأنها راغبة في أن يكون لها موطئ قدم ولا ساق ولا حتى أصبع على هذه الخريطة السينمائية الخليجية، مع العلم بأنها واحدة من دول الخليج السباقة في هذا المجال، ومع الأخذ بعين الاعتبار رغبتها في أن تتحول إلى عاصمة للثقافة العربية، وعلى اعتبار السينما وعالم الصور الناطقة جزء لا يتجزأ من أي حراك ثقافي.
المحزن ولعله الطريف هو أن البحرين وعلى رغم ضعف إمكاناتها المادية مقارنة بجاراتها، إلا أنها تملك من المقومات البشرية والتاريخية والثقافية ما لا يملكه سواها من دول الخليج العربي. وعلى مستوى صناعة الأفلام قدمت البحرين وتقدم عددا لا بأس به من صناع الأفلام المتميزين بشهادة النقاد والسينمائيين العرب ممن حضروا تجارب هؤلاء السينمائية، وممن يشهدون بأن البحريني هو صاحب الطرح الأكثر جدية بين صناع السينما من الشباب الخليجي بل ويتلمسون مواطن الضعف في أعماله وهي التي لا تتعدى قلة الإمكانات والدعم والتدريب، باختصار ضعف الدعم الرسمي.
إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"العدد 2589 - الأربعاء 07 أكتوبر 2009م الموافق 18 شوال 1430هـ