العدد 2589 - الأربعاء 07 أكتوبر 2009م الموافق 18 شوال 1430هـ

الحبّ السياسي

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يُقال إن إيران حليفٌ أكيد للصهيونية. وحليف أصيل للولايات المتحدة. وهي كذلك مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكامل أوروبا. بل وأكثر، يُقال بأنها حليف لتنظيم القاعدة في العراق وأفغانستان! في العموم فإن الإصرار على ذلك هو تفاهة لكن الرد عليه يبقى تسلية.

لنأخذ الخيط قبل المخرز. تُجمّد واشنطن ودائع إيران لديها منذ ثلاثين عاما فيُقال بأن البلدين يظلاّن حليفين. ثم تدخل الولايات المتحدة الحرب مع العراق وتُزوّده بمواقع الجيش الإيراني وثكناته على جبهات إيلام وباختران وخوزستان عبر الأقمار الاصطناعية ثم تظلّ إيران حليفا مُؤكّدا لواشنطن!

بين العامين 1986 و1987 يضرب الجيش الأميركي المنشآت النفطية الإيرانية، وتُسقَط طائرة الإيرباص المدنية في يوليو/ تموز 1988، وتُغرِق البوارج الأميركية العسكرية السفن النفطية الإيرانية في مياه الخليج، ثم تظلّ إيران حليفة للولايات المتحدة.

إسمع... لم تنتهِ الحكاية بعد. تواجه الولايات المتحدة إيران بسياسة الاحتواء المزدوج على يد مارتن إندك بداية عقد التسعينيات، ثم تفرض «العقوبات الإيرانية الليبية» المُغَلّظة ضدها في منتصف العقد التسعيني لكن إيران تظلّ حليفة للأميركيين!

ثم يُصدر الكونغرس الأميركي مشروع مقاطعة الاستثمار (داماتو) الذي يقضي بفرض عقوبات على أيٍّ من الشركات الأميركية التي تستثمر أزيد من أربعين مليون دولار ثم تبقى إيران أيضا حليفة للولايات المتحدة!

أيضا... يضع الرئيس الأميركي جورج بوش إيران ضمن محور الشّر في يناير/ كانون الثاني من العام 2002 ويُلوّح بضربة عسكرية ضد أراضيها ومنشآتها النووية ويُهدد بإسقاط نظامها السياسي ثم تظلّ إيران حليفة للأميركيين!

تدفع واشنطن بالأمم المتحد لفرض عقوبات مُشدّدة على إيران وتستصدر منها القرار 1696 (أغسطس/ آب 2006) والقرار 1737 (ديسمبر/ كانون الأول 2006) والقرار 1747 (مارس/ آذار 2007) والقرار 1803 (مارس 2008) ثم يُصرّ البعض على أن إيران حليفة للأميركيين!

في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2007 تصدر وزارة الخزانة الأميركية وثيقة عقوبات جديدة على أكثر من عشرين تصنيفا لكيان اعتباري وغير اعتباري من مؤسسات وأفراد في داخل إيران بتهمة دعم نشاطات لتطوير أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب، ثم تظلّ طهران حليفة لواشنطن.

تفرض الولايات المتحدة عقوبات على قادة عسكريين في الحرس الثوري الإيراني هم قائد القوة الجوية، نائب القائد العام، رئيس هيئة الأركان، قائد البسيج، قائد فيلق القدس، رئيس منظمة صناعة الفضاء، رئيس قسم الشئون الدولية والتجارة ورئيس المالية والموازنة بالمنظمة، ثم يقولون إن إيران حليفة للولايات المتحدة.

يُصدر الكونغرس الأميركي مشروع قانون يُقرّ بموجبه تخصيص مبلغ 400 مليون دولار لممارسة أنشطة استخباراتية وسريّة داخل الأراضي الإيرانية ودعم التنظيمات المُنشَقّة والمسلحة الإيرانية، لكن يُصرّ البعض على أن إيران حليف مع الولايات المتحدة ومتآمرة على الأمة العربية.

تُعِدُّ تل أبيب وبمساعدة البنتاغون خطة لضرب إيران تقضي باستهداف منشآت الطرد المركزي في نطنز، ومفاعل آراك ومنصات تي أو آر - إم ومرافق عسكرية أخرى في محيط طهران، ثم يُصرّ البعض على أن المعتدي والمُعتَدَى عليه حليفان، وأن ما جرى لا يخرج عن كونه مسرحية.

أمام كلِّ ذلك نتساءل: ما هو البرزخ ما بين التحالف والتخالف؟ بين الصداقة والعداوة؟ إذا كانت الاعتداءات العسكرية والعقوبات ومساعي الحصار الدولي والأنشطة الاستخباراتية لا تخلق عداوة فما هي المُسبّبات الوجيهة إذا للعداوة؟!

بل الأكثر... كيف لتلك الممارسات الأميركية ضد إيران أن تخلق ودّا إيرانيا تجاه واشنطن؟! نحن اليوم لا نتحدث عن حوافّ العلاقات التي قد تُنتِج مصالح طارئة، وإنما نتحدث عن منهج سياسي استراتيجي من العداء الموجّه. إنها حقا مفارقة.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2589 - الأربعاء 07 أكتوبر 2009م الموافق 18 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:26 م

      بصراحة

      حقاً كما قلت فإن هذا الكلام تفاهة والرد عليه تسلية ولنكن صريحين أكثر فهذا الكلام لا أقرأه ولا أسمعه يتداول إلا عند أتباع ...... من التكفريين وهؤلاء في الحقيقة يعلمون بأن هذا الكلام ماهو إلا كذب وأوهام ولكن كما قال ألخماهو في الرائعة الإيرانية يوسف الصديق إن تكرار القول الكاذب يؤدي بصاحبه مع مرور الزمن إلى تصديقه ويتحول لديه إلى قناعة . وصدق العظيم حيث يقول ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ) ليلى علي

    • زائر 1 | 11:07 م

      البغض السياسي

      لو كان عنوان المقال (((البغض السياسي))) أفضل فهؤلاء لا يدفعهم سوى الحقد أما المنتقدون فهم غير ذلك

اقرأ ايضاً