قال تقرير لبيت الاستثمار العالمي (غلوبل) عن أداء أسواق الأسهم في البورصات الخليجية منذ مطلع العام الجاري حتى كتابة التقرير، إن الربع الأول من العام الجاري كان هو الأسوأ ضمن جميع الشهور. فقد كانت سوق الأسهم الأكثر تأثرا على مستوى المنطقة؛ إذ شهدت مؤشرات مجلس التعاون الخليجى الرئيسية كافة انخفاضا كبيرا لتواصل أداءها السلبي الذي بدأ في الربع الرابع من العام 2008. فقد شهدت السوق القطرية أعلى تراجع بلغت نسبته 25 في المئة، تلتها السوق العمانية بنسبة 14.9 في المئة، متمثلا في مؤشر سوق مسقط 30، خلال الربع الأول. وقد سجلت السوق السعودية أقل نسبة انخفاض بنسبة بلغت 2.1 في المئة فقط متمثلا في مؤشر سوق تداول للأوراق المالية. وقد كانت سوق أبوظبي السوق الرابحة الوحيدة؛ إذ أنهت الربع الأول بمكاسب بلغت نسبتها 4.1 في المئة.
وخلال الربع الثاني، تكرر السيناريو نفسه الذي شهده الربع الأول، ولكن بأكثر إيجابيه. فقد ارتفعت أسواق الأسهم لاستعادة جزء من خسائرها. وقد بدأ الارتفاع فعليا منذ أواخر شهر مارس/ آذار وخلال شهر أبريل/ نيسان وجاء الأداء قويا خلال الشهور التالية فى الربع الثانى من العام (مايو/ أيار ويونيو/ حزيران). وكانت السوق القطرية هي الأفضل أداء بنسبة زيادة بلغت 27.5 في المئة، تلتها السوق الكويتية بنسبة 22.6 فى المئة. هذا وسجلت سوق البحرين أقل نمو؛ إذ ارتفعت بنسبة 1.0 في المئة فقط. وكان هذا الأداء القوي ناتجا عن الأداء القوي للأسواق العالمية. وعلى رغم ذلك، جاءت إشارات المؤشرات الاقتصادية الأخرى متضاربة بشأن احتمال حدوث انتعاش في العالم.
وقد انتقل الأداء الإيجابي إلى الربع الثالث، ولكن بمعدلات أقل. فقد عم اللون الأخضر على أسواق الأسهم في المنطقة، فيما عدا السوق البحرينىة. وكانت سوق دبى صاحبة أقوى أداء بنسبة زيادة بلغت 22.8 في المئة، تلتها السوق القطرية بنسبة زيادة بلغت 19.6 في المئة. وقد سجلت السوق البحرينية خسائر بنسبة 2.2 فى المئة. وعموما، كان الربع الأول هو الفترة الأسوأ أداء فى العام 2009. وعكس كل من الربع الثاني والثالث هذه الخسائر (وأكثر من ذلك فى معظم الأسواق)، وهو ما جعل الشهور التسعة الأولى تنتهي بمكاسب ما عدا سوق البحرين. ويعود التحسن خلال الربعين الأخيرين من العام 2009 إلى التحسن فى الأسواق العالمية مقترنا بالزيادة فى أسعار النفط. وعلى سبيل المثال، بلغ متوسط السعر الشهرى لسلة «أوبك» 41.54 دولارا للبرميل في شهر يناير/ كانون الثاني، وارتفع السعر بالغا 71.35 دولارا للبرميل فى شهر يوليو.
وكانت السوق السعودية ثاني أفضل أسواق المنطقة أداء بارتفاعها بنسبة 31.6 في المئة في التسعة شهور الأولى من العام الجاري، كما أنّها تعد أفضل الأسواق أداء منذ أن بدأت الأزمة. ففي خلال الربع الرابع من العام 2008 وحتى الربع الثالث من العام 2009، لم تخسر السوق السعودية سوى 15.2 في المئة من قيمتها، وهو أدنى معدل انخفاض على مستوى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. ويعود ذلك إلى تنوع اقتصاد المملكة العربية السعودية والذي يشمل أيضا قطاع الصناعات التحويلية. مع ذلك، لايزال الاقتصاد السعودي يعتمد اعتمادا كبيرا على النفط، و لكن بدرجة أقل مما هو عليه في معظم دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وقد يتساءل المرء هنا عن تأثير مجموعتي «سعد» و «القصيبي». إلا أنّ السوق السعودية كبيرة بما فيه الكفاية لامتصاص هذه الصدمات. وتشير أنباء مبكرة عن احتمال انعقاد اتفاق تسوية بين مجموعة سعد والبنوك السعودية، غير أنّ اتفاقا بمثل هذا الحجم سيحتاج إلى وقت لكي يتحقق.
وسجّلت البورصة الكويتية، ثاني أكبر الأسواق في المنطقة، نموا بنسبة 6.3 في المئة خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري، وهو أقل من معدل النمو المسجل في معظم الدول المجاورة لها في المنطقة. مع ذلك، مازالت المشكلات التي تواجهها شركات الاستثمار المحلية تمثل القضية الرئيسية في الكويت. ومن ناحية ثانية، أشارت الأنباء التي وردت في الفترة الأخيرة إلى بوادر إيجابية فيما يتعلّق بهذه الشركات. فقد ساعد قانون الإنقاذ المالي، الذي أقرته الحكومة في شهر أبريل الماضي، على تحسّن معنويات المتعاملين في السوق ودعم ثقتهم.
وكانت السوق القطرية خامس أفضل الأسواق أداء خلال التسعة شهور الأولى من العام الجاري. ويمكن أن يرجع ذلك إلى الأساسيات الاقتصادية القوية والدعم المُقدَّم من الحكومة للقطاع المصرفي. من جهة أخرى، تعتبر البحرين أقل دول المنطقة اعتمادا على قطاع الهايبركربون، ولكنه أكثر اعتمادا على القطاعات المالية؛ ما أدّى إلى تسجيل سوق البحرين أسوأ أداء بين دول مجلس التعاون الخليجي خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2009. وتميل سوق الأسهم البحرينية ناحية القطاع المالي والذي يعتبر أكثر القطاعات تضررا من الأزمة المالية. أخيرا، شهدت السوق العمانية ارتفاعا معتدلا بلغ 20.8 في المئة بالمقارنة من الأسواق الأخرى، لتحتل بذلك المرتبة الرابعة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة ذاتها. وعلى رغم ذلك، فإن مؤشر سوق العام (MSM30) لا يمثل سوى 30 شركة رائدة، وليست السوق بأكملها.
وبالنظر إلى الربع الرابع من العام الجاري، ينبغي أن تتمكن الأسواق المالية في دول مجلس التعاون الخليجي من مواصلة أدائها الإيجابي، ولكن بمستوى أقل. ويتوقع أن يؤدي الاستقرار في الأسواق المالية العالمية وانتعاش الاقتصاد العالمي مباشرة إلى تزايد الطلب على الطاقة وهو ما سينعكس على أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى رغم ذلك، فإن وقوع أيّ حدث مهم يتعلّق بالأسواق المالية، مثل مشكلات ديون مجموعات الشركات السعودية من شأنه أن يضر بالتحسّن في أسواق الأسهم في المنطقة. وخلال التسعة شهور الأولى من العام 2009، كانت سوق دبي أفضل الأسواق أداء بارتفاع بلغت نسبته 33.9 في المئة. وقد يعود ذلك إلى قطاع العقار الذي حقق أداء أفضل من المتوقع. على رغم ذلك، عانت الإمارات من ركود في سوق العقارات، لكنه لم يكن أسوأ مما كان متوقّعا. ومن ناحية أخرى، شهدت سوق أبوظبي ارتفاعا بلغ 30.7 في المئة خلال الفترة ذاتها. وعلى عكس سوق دبي، كانت سوق أبوظبي للأوراق المالية أقلّ تقلبا كما كان المؤشر العام لسوق أبوظبي للأوراق المالية، الوحيد الذي لم ينخفض أبدا في أيّ من الثلاثة أرباع الأولى من العام الجاري (2009). إضافة إلى ذلك، لم يكن المستثمرون قلقين بشأن الملاءة المالية لحكومة أبوظبي. ففي الواقع، سرت شائعات مفادها أنّ حكومة أبوظبي تستطيع إنقاذ دبي من دائنيها.
العدد 2588 - الثلثاء 06 أكتوبر 2009م الموافق 17 شوال 1430هـ