فضحت شخصيتان كلفتا بالقيام بمهمات دولية في أفغانستان والسودان حجم التآمر الدولي المتستر تحت عباءة منظمات دولية وإقليمية يفترض أن يكون عملها يتسم بالنزاهة والشفافية، الأمر الذي يشكك في صدقية عمل تلك المنظمات ويضع الكثير من علامات الاستفهام بشأن حياديتها.
الشخصية الأولى هي المساعد السابق لرئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان الأميركي بيتر غالبريث الذي أقيل من منصبه يوم الأربعاء الماضي بسبب خلاف مع رئيس البعثة الدولية في أفغانستان النرويجي كاي أيدي حول الطريقة التي جرت بها الانتخابات في أفغانستان.
فقد اتهم غالبريث رئيسه بالسعي إلى إخفاء عمليات تزوير في الانتخابات الرئاسية الأفغانية التي جرت في العشرين من أغسطس/ آب الماضي. وقال إنه عندما أصبحت الأدلة على حصول تزوير «خطيرة للغاية» رفض أيدي نشر مثل هذه المعلومات حتى لدى السفراء المعتمدين في كابول.
كما اتهم غالبرايث رئيس البعثة الدولية في أفغانستان بمحاولة إخفاء الحقيقة حول فداحة تزوير الانتخابات الرئاسية كما اتهم اللجنة المستقلة للانتخابات بالانحياز إلى جانب الرئيس الأفغاني حامد قرضاي.
وقال: إن اللجنة المستقلة، في الظاهر فقط، وضعت عددا من الضمانات لاستبعاد الأصوات المزورة ثم تراجعت عن تطبيق هذه الإجراءات بعد أن تبين لها أن ذلك سيخفض نسبة الأصوات التي يحصل عليها قرضاي إلى أقل من 50 في المئة مما سيستلزم إجراء جولة ثانية.
الشخصية الثانية هي الممثل الخاص المشترك للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في إقليم دارفور في غرب السودان النيجيري رودلف أدادا الذي استقال من منصبه أخيرا، وكشف عن تعرضه لضغط شديد في عدة مناسبات لتنفيذ أجندة خاصة خارجية في دارفور، مؤكدا رفضه الخضوع لهذه الضغوط أو تنفيذ أية أجندة غير تلك المنصوص عليها من قبل مجلس الأمن.
وقال ادادا في رسالته لأهل دارفور بمناسبة مغادرته لمهام عمله «إنني أفخر بحقيقة أنه على رغم التحديات والمحاولات التي كانت تهدف إلى تحريف مسار هذه الولاية وأهداف البعثة، فقد تمكنت من أن أبقى على المسار وأن أبقي البعثة في خدمة السلام والأمن في دارفور».
وفي حوار مع «راديو فرنسا الدولي» أوضح أدادا أنه لم يقل إن الحرب انتهت بشكل كامل في دارفور، كما أنه لم يقل إن السلام جاء في الوقت الذي توجد فيه معسكرات للنازحين، كما لم يتم الفصل في الجرائم التي ارتكبت في الإقليم، وكل ما يمكن قوله هو أن هناك انخفاضا في العمليات والأمر لم يعد كما كان في عامي 2004 و2005 حيث كانت المعارك والمواجهات عنيفة في ذلك الوقت بينما الوضع في الوقت الراهن يشهد وضعا مغايرا عن ما كان عليه في السابق.
وفي رد على سؤال حول عدد القتلى الحقيقي منذ يناير/ كانون الأول الماضي في دارفور، أوضح المسئول أن العدد يصل إلى نحو 460 شخصا، وعزا ذلك إلى الهجوم الذي تعرضت له مهاجرية في جنوب دارفور من قبل «حركة العدل والمساواة» المتمردة، مضيفا أن ذلك في الغالب يأتي في إطار عمليات السطو على السيارات والمواجهات القبلية التي تسببت في وقوع هذا العدد من الضحايا.
كما أنه لم يحمل طرف على طرف فيما يتصل بالجرائم التي ارتكبت في إقليم دارفور مشيرا إلى أن أي حرب أهلية يقع ضحايا وكل طرف يسعى لكسب المعركة، وعليه ليس الأمر قاصرا على طرف دون الآخر فكل الأطراف تعتبر مشاركة في الصراع، ومشددا على ضرورة إيجاد حل للمشكلة وليس الحديث عن من المسئول متى توفرت الإرادة لذلك.
أمر غريب... مسئول دولي يغمض عينه عن عمليات تزوير انتخابية كبيرة لصالح جهة ما في دول تعاني ويلات الحرب في حين يتهم الغير بتزوير إرادة الجماهير. وأمر مذهل أن يتعرض مسئول دولي مكلف بحفظ الأمن والسلم لضغوط لتمرير أجندة خفية لصالح أطراف في منطقة تعاني من حرب أهلية في حين تتهم الجيوش الوطنية التي تحمي ترابها بارتكاب جرائم حرب!
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 2586 - الأحد 04 أكتوبر 2009م الموافق 15 شوال 1430هـ