العدد 2582 - الأربعاء 30 سبتمبر 2009م الموافق 11 شوال 1430هـ

العَظْمُ الإيرَانِي

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حديث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حول ملف بلاده النووي كان لافتا.

البرنامج النووي الإيراني في هذه المرحلة له تداعيات وتلاحق خبري طغى على الأيام الماضية، وهو مرتبط في تفاصيله وإجمالاته على محادثات اليوم في جنيف والتي تبدو مصيرية، نظرا إلى الوجود الأميركي بصفة مباشرة فيه وليس بصفة مراقب كما في كان السابق.

تحدّث نجاد بفطنة سياسية حادة يُمسك برقبة خصمه ولكن برفق. فهو يُرحّب بالحوار مع الغرب. ثم يرمي بمجَسٍّ معياري اختباري حول منشأة تخصيب اليورانيوم الجديدة في مدينة قم.

في الموضوع النووي لا يُريد أحمدي نجاد أن يُكرر سياسات خاتمي الناعمة طيلة ثلاثة أعوام. هو يعتقد أن اعتدال خاتمي طيلة وجوده في السلطة لم تمنحه سوى وضع بلاده في محور الشّر.

ولم يمنحه التعليق الطوعي لتخصيب اليورانيوم سوى تجديد آخر للعقوبات «الإيرانية الليبية». بل الأكثر أنه لم يُمنَح حتى فرصة لمناقشة مقترحات الكونسورتيوم النووي المشترك بشروط أقلّ من عادية.

لذا فإن نجاد وخلال اجتماعات الجمعية العمومية قام بتصويب اتجاه المسار النووي لبلاده لكي يلتقي مع انطلاقة إيقاف التعليق الطوعي منذ أغسطس/ آب من العام 2005 وإلى الآن، وأيضا لكي يقول أشياء أكثر في مفاوضات اليوم.

في موضوع التخصيب لا تراجع، لكنه يُنعّم ذلك بالقول «سنعرض شراء يورانيوم مخصب للاستخدام الطبي من واشنطن».

وعندما قام زعماء غربيون بالاعتراض عن طريق حملة إعلامية هائلة على تشييد إيران لمعمل التخصيب الجديد في مدينة قم، رمى نجاد بالملف على الوكالة الدولية التي يجيز قانونها لكل عضو بتخصيب اليورانيوم، شريطة إطلاع الوكالة بذلك ستة أشهر من ضخّ الغاز في أجهزة الطرد المركزي.

والإيرانيون أطلعوا الوكالة الدولية قبل ضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي بالمحطّة الجديدة قبل سنة ونصف، أي بمضاعفة المدة لثلاث مرات وأن عملها النهائي لن يبدأ إلاّ بعد ثلاثة أعوام.

الغريب في الأمر أن مجلس الحكّام التابع للوكالة الدولية قرّر خلال اجتماعه في الأسبوع الماضي اقتراح الإشراف على الأنشطة النووية في تل أبيب إلاّ أن الدول الغربية صاحبت النفوذ عارضت ذلك بقوّة!

هنا تُوجد التفاتة مهمّة. يقوم الإيرانيون قبل كل مفاوضات بمراكمة واقع جديد على الوقائع السابقة بغرض تكثير خيارات التفاوض، وإمكانية اللعب على أولويات التقديم والتأخير، والمهم والأهم.

لذا يُرى بأن الإيرانيين أعلنوا قبل مدة عن تطويرهم جيلا جديدا من أجهزة الطرد المركزي تكون قدرة الفصل فيها أكثر من 5 مرات متجاوزة الجيل الأول بـ 3.5 من ناحية قدرة الفصل، وهم في طور زيادتها إلى عشرة أضعاف.

ثم يُعلنون عن منشأة قم الجديدة للتخصيب، ثم مشروع إنتاج البارود الكروي ثنائي المادة، وخط إنتاج نيتروجوانيدين، وآخر لإنتاج مسحوق الألمنيوم، ثم مناورات عسكرية ضخمة تختبر فيها صواريخ بعيدة المدى من نوع شهاب 3 وقدر 1 وسجّيل تعمل بالوقود الصلب.

هذه الأمور تلقي بظلها على المحادثات بشكل أكيد. والإيرانيون يتذكرون أن مطالب الدول 5 + 1 كانت قبل الإعلان عن منشأتي نطنز وآراك شيئا وبعدها شيئا آخر. وأن محادثاتهم قبل إنتاج غاز UF6 شيء وبعده شيء آخر.

لذا فقد تلاشى شرط وقف التخصيب الفوري (قبل المحادثات) إلى التخصيب الجزئي، ثم تعليق التخصيب فقط، ثم تعليقه مُؤقتا، ثم لم يعد وقف التخصيب شرطا. في المُحصّلة وكما قال تشارلز داروين «ليس أقوى أفراد النوع هو الذي يبقى، ولا أكثرهم ذكاء، بل أقدرهم على التأقلم مع التغيرات». وهنا بيت القصيد.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2582 - الأربعاء 30 سبتمبر 2009م الموافق 11 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 1:39 م

      الفوز لهم...

      متمسكون بانجازاتهم ومصممون على تطوير بلادهم ....الله معهم...

    • زائر 7 | 11:54 ص

      الىرقم 2

      اعتقد ان الكاتب محمد اكثر اللكتاب تحليلاا في الشئؤن ا لايرانيةواكثره انصافافي حق الجمهورية الاسلامية وللتاكيد فارجع الى كتاباته السابقة

    • زائر 6 | 10:03 ص

      نجاد والقذافي .

      رائع , رد قوي لمن ساوى بين خطاب نجاد وخطاب القذافي في الأمم المتحدة فهل ياترى يتساوى الوجود بالعدم ام العلم بالجهل أم هل يتساوى الذي يعمل بالذي لا يعمل , فهل لمنصف أن يساوي التهريج الخطابي للقذافي بخطاب نجاد الذي يعلن فيه للعالم أجمع وبلا خوف بأن بلاده افتتحت مفاعلا نوويا جديداً ؟!
      شكراً لك أستاذ محمد فأنت بحق الكاتب المنصف الخبير بالشؤون الايرانية .
      ليلى علي .

    • ايمان الفردان | 9:00 ص

      بالتوفيق

      بالتوفيق
      بانتظار المزيد
      من المقالات الرائعه

    • زائر 4 | 4:46 ص

      ايران العزه

      الي الامام ياقبلة المؤمنين المستضعفن .وهذا كلام صدق مو بس عاطفي.

    • زائر 2 | 11:27 م

      هل أصبحت متخصصاً في السياسات الإيرانيه؟

      أستغرب كل هذا الإهتمام بالشأن الإيراني المحلي والدولي للكاتب ، وإبتعاده عن باقي الدول أو الشأن المحلي ، وإذا كان فهو متلازم بمواقف الجمهورية الإيرانية الشقيقة .. وسؤالي للكاتب هل إيران تسبب لك بعبعاً مخيفاً لهذه الدرجه؟؟
      لماذا لا تتحدث عن السياسات الخليجية تجاه بعض القطاعات الشعبية لإنتمائها لمذهب معيّن ، ومحاربتها بل وتخصيص ميزانيات كبرى لمجابهة هذه القطاعات؟

    • زائر 1 | 11:27 م

      مقال موفق

      حقيقة لقد أبدعت يا خبير الشئون الإيرانية في طرحك التفصيلي وكنا ننتظر ولو تكهن واحد عن نتائج المحادثات التي ستجري ومرئياتك لها..
      عبدالأمير زهير

اقرأ ايضاً