التجنيس في البحرين وإن كان شأنا داخليا يخص البحرينيين جميعا بالدرجة الأولى، إلا أنه في الوقت ذاته تأثر ومازال يتأثر بعوامل ومعطيات إقليمية وخليجية كانت لها في بعض الأحيان البصمة الأهم في توسيع رقعة التجنيس كمّا ونوعا أو تحجيمها في أحايين أخرى.
صحيح أن التجنيس تم ومازال يتم لأسباب داخلية تتعلق بعوامل تختص في الغالب بفقدان الثقة في قطاعات معينة من الشعب وبطبيعة تركيبة السكان في البلاد، إلا أن هذه العوامل لم تكن بحد ذاتها الدافع الرئيسي لإطلاق قطار التجنيس على أشده في العقد الجاري، رغم ما تمثله تلك الأسباب من هواجس وقلق لدى السلطة منذ عقود من الزمن.
محطات أساسية باعتقادي أثرت أو تأثرت بشكلٍ مباشر أو غير مباشر بملف التجنيس في البحرين، وهذه المحطات هي إيران، والعراق، ودول خليجية في مقدمتها الكويت وقطر.
وجود إيران في المنطقة هو بلاشك المحطة الأولى التي كان لها وقعها الكبير في الدفع باتخاذ قرار التجنيس بالحجم الذي نراه اليوم، ليس طبعا خوفا من تنامي واتساع النفوذ الإيراني بالمنطقة فقط، بل لخوف السلطة من إحياء الإيرانيين ذلك «الميت» وهو المطالبة التاريخية بتبعية البحرين لها، فهذا الملف وإن كان غير حاضر في الأجندة الرسمية الإيرانية في الوقت الراهن على ما يبدو إلا أنه مازال موجودا في الموروث الثقافي لدى البعض من المتطرفين الإيرانيين، وبحكم التشابه المذهبي بين إيران وقطاعات واسعة من الشعب البحريني، فإن الخشية لدى السلطة تأتي من إمكان تجدد هذه المطالبات الإيرانية وحصولها على عمق داخلي بحريني يعززها، ومن هنا كان على السلطة أن تتأهب لمواجهة الخطر المحتمل، لذلك لم يكن مستغربا أن تتعزز سياسة التجنيس وتُعطى دفعة قوية بعد تصريحات «شريعتمداري» المطالِبة بالبحرين في ( يوليو/ تموز 2007).
المحطة الثانية هي عراق ما بعد 9 أبريل/ نيسان 2003، أي بعد سقوط النظام البعثي الصدّامي، إذ إن وصول الحركات الدينية الشيعية إلى سدة الحكم في العراق، شكل هاجسا لم تكن ليتجاوزه الوضع في البحرين، لسببين: الأول هو القرب المذهبي بين الحركات الإسلامية المسيطرة على الحكم في العراق وقطاعات شعبية بحرينية وما قد يوفره ذلك من ظروف إقليمية لتعزيز مكانة هذه القطاعات على المستوى المحلي بسبب تغير معطيات اللعبة الإقليمية بالمنطقة، فيما شكلت دعوات «الدمقرطة» البوشية الأميركية للأنظمة التي رافقت احتلال العراق حينها، هاجسا ثانيا من احتمال تمرير هذا المشروع؛ الأمر الذي انعكس على الاستمرار في تجنيس دفعات كبيرة حرقا للمراحل.
المحطات الثلاث الأخرى وهي كلها خليجية، فقد تباينت في تأثيرها وتأثرها بالتجنيس الحاصل في البحرين، فقطر مثلا أخذت العظة مما جرى في البحرين، فهي وإن كان معروفا عنها التشدد في منحها جنسيتها، إلا أنها زادت تشددا بعد موجات التجنيس البحريني، لدرجة أنها وضعت مادة في قانون الجنسية القطرية الصادر في العام 2005، حرمت فيه المتجنس بشكلٍ مطلق من حق الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أية هيئة تشريعية (المادة 16 من قانون الجنسية القطري، 38 - 2005).
كما أتاحت المادة 12 من القانون ذاته سحب الجنسية من القطري المتجنس في حال الحكم عليه بجريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو تم فصله من وظيفته العامة للأسباب ذاتها، أو انقطع عن الإقامة في البلاد مدة تزيد على السنة بدون مبررات مشروعة.
كما رفض المشرّع القطري في القانون المذكور مساواة المتجنس وبالمواطن الأصلي في شغل الوظائف العامة أو العمل عموما قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ اكتسابه الجنسية.
أما في الكويت فكانت حادثة «عريفجان» الأخيرة حدثا إعلاميا مهمّا بالنسبة إلى ملف التجنيس في البحرين، إذ أدى وجود مجنَّس بحريني من أصول عربية من ضمن الإرهابيين بالشبكة المكتشفة إلى قيام السلطات في البحرين (بحسب مراقبين) بمراجعة سياسة منح الجنسية، وعلى رغم أنه من غير المؤمل أن تؤدي هذه المراجعة إلى وقف التجنيس، فإنها بلا شك فرصة إعلامية لفتح الملف مجددا وهو ما حدث فعلا.
وعموما يمكن القول إن العمق الخليجي يتفهم ويتقبل أو على الأقل يتغاضى عن التجنيس الحاصل في البحرين، على رغم ما قد يطرأ عليه من أعراض جانبية، رغبة في تحقيق التناسق الأيديولوجي للمنظومة الخليجية.
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 2582 - الأربعاء 30 سبتمبر 2009م الموافق 11 شوال 1430هـ
مرحبا بالتجنيس
لو اتعظ من لم يوالي الحاكم لتوقف التجنيس, الى ان ياتي ذلك اليوم, مرحبا بالتجنيس و اللهم زيدهم..
أوهام
اذا ما قسنا كلامك على الشر المترتب على التجنيس فانه يصح أن يقال بأن الحكومة تجنس بدوافع وهمية فجميع المبررات التي ذكرتها لا تعدو كونها أوهام قياساً للمفاسد التي يجنيها الشعب البحريني حالياً وستجنيها حتماً وبلا ريب معه الحكومة مستقبلاً وغداً لناظره قريب .
خل البحرت شوف ول الخليخ
لو حكومة البحرين تفكر بدون بعد طائفي لكان لها أن تاخذ قوانيين قطر بعين الأعتبار