لن تجد الكثير من الصور أو المعلومات على الشبكة العنكبوتية عن الممثلة الأميركية ماري آن جاكسون، فعمر نجوميتها لم يكن طويلا، شأنها في ذلك شأن أغلب النجوم الصغار الذين عرفتهم شاشات السينما في كل مكان. النجوم الصغار لا يمكن لهم أن يكونوا نجوما إلا وهم صغار، نجوميتهم تشتق ألقها من سحر طفولتهم. بالطبع لم يترك كل النجوم الصغار الأضواء، معظمهم هجرتهم الأضواء ولم يهجروها، لكن مع ماري كان الوضع مختلفا.
جاكسون التي ولدت بمدينة لوس أنجليس في 14 يناير/ كانون الثاني 1923 كانت أحد نجوم مسلسل الثلاثينيات الشهير «عصابتنا» (Our Gangs) وذلك ما بين عامي 1928 و1930.
لم يكن دخولها المجال الفني صعبا فشقيقتها الكبرى بيتش جاكسون كانت مشهورة جدا كأحد الأطفال النجوم، وقد عملت مع مشاهير النجوم أمثال رودولف فالنتينو ودي دبليو غريفيث وظهرت في أفلام روائية طويلة.
كان أول ظهور للصغيرة سينمائيا في العام 1925 حين أتمت عامها الثاني، وكان ذلك من فيلم قصير للمخرج روث تايلر عرض تحت اسم «انحناءات قصيرة، خطرة» (Short, Dangerous Curves). أما الفضل في شهرتها فيعود لدور «بيبي سميث» الذي قدمته في المسلسل الكوميدي القصير «آل سميث» وكان من بطولة بيلي غيلبيرت. في السينما جاءت أول أدوارها الحقيقية العام 1927 في فيلم «حصان سميث الصغير» (Smith>s Pony).
انضمت جاكسون لفريق عمل المسلسل العام 1928، وكان ذلك مع نهاية عصر السينما الصامتة. كانت في الأغلب تعتبر ثاني ممثلة رئيسية وهي الشقيقة الكبرى الشجاعة لويزر، واحد من أهم شخصيات المسلسل، وقام بدوره بوبي هتشينس.
دخول ماري آن المفاجئ والسريع مع انتقال المسلسل إلى السينما الناطقة خدم نجوميتها كثيرا. عدا ذلك أحدثت الصغيرة، بقصة شعرها الغريبة، والنمش الذي يغطي وجهها، وبحركاتها الصبيانية، نقلة كبيرة في صورة البطلة الجذابة الجميلة وهو ما زاد من شعبية المسلسل.
في العام 1933 قام روبرت ماكغوان، الذي كان مخرجا لمسلسل «عصابتنا» لفترة طويلة بكتابة مقال في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» كتب فيها أنهم في العادة يفضلون أن يستعينوا بالأطفال الذين لا يملكون خبرة سابقة في التمثيل ليظهروا في المسلسل، لكن جاكسون شكلت استثناء لهذه القاعدة، ويكتب «ماري آن أثبتت كونها اكتشافا حقيقيا، وهي بالنسبة لي البطلة الرئيسية المثلى في المسلسل. هي ليست جميلة لكنها ذكية ومستعدة للعمل وهي لا تضع سوى القليل من الماكياج. إنها بالفعل اكتشاف مهم».
تركت ماري آن المسلسل في العام 1931 وظهرت في كوميديا «ميكي ماكغواير» (ickey McGuire)، ثم كانت هناك محاولات لإقناعها بالظهور في بعض الأفلام لكنها باءت بالفشل، وكما ذكرت ماري آن في أحد لقاءاتها في العام 1990 «لم أكن فتاة بمعنى الكلمة، لم أناسب قوالب هوليوود الموجودة ولذا تم التخلص مني كنفاية».
شعرت جاكسون أن تشويه طفولة الصغار من أجل دور في مسلسل أو فيلم ما، كان أمرا «مزعجا»؛ ولذا قررت أن تغادر هوليوود وهي في سن الثامنة. قالت لوالدتها يومها: «هذا الأمر ليس لي. لا أريد المسئولية ولن أقبل الرفض. أنا لست ممثلة، ولست موهوبة، أتركوني لوحدي ودعوني أمضي قدما بحياتي».
حين كبرت الصغيرة، التحقت بالعمل في شركة «مايز» في وسط مدينة لوس أنجليس، لكنها في الأثناء قدمت بعض الأدوار البسيطة. في العام 1951 لعبت دور روزي كيتل في «Ma and Pa Kettle Go To Town» ولعبت دور السيدة ريغسبي في مسلسل العام 1946 «The Andy Griffith Show» في الحلقة التي كان عنوانها «حظ أوبي».
تزوجت في سن العشرين لكنها سرعان ما أصبحت أرملة، ثم تزوجت مرة أخرى وقضت سنوات عديدة مع زوجها الثاني وطفليها في وادي سان فرانسيسكو.
توفيت جاكسون جراء إصابتها بسكتة قلبية في منزلها في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2003. وكانت شقيقتها بيتش قد توفيت قبلها بشهور في منزلها في هاواي، في 23 فبراير/ شباط 2002.
لم تحب ماري آن الأضواء يوما، كرهت نجوميتها، بل إنها لم تعبر عن فخرها وهي تسترجع ذكرياتها مع مسلسل «عصابتنا». كانت ماري آن تضحك من كثيرات ممن تقمصن شخصيتها، وقلدن بعض حركاتها في المسلسل، بل إنها أكدت أن تلك الحركات تقرفها وتصيبها بالاشمئزاز وخصوصا بعد أن اعتزلت التمثيل».
ما يسعدها هو فقط ذكرياتها مع زملائها، ففي العام 1990، وحين علمت أن زميلها جاكي كوبر كان مغرما بها في الفترة القصيرة التي عملا فيها معا، غمرتها السعادة والفرح. ظلت تحمل توقا واحتراما كبيرين لأيامها في استوديوهات هال روش، وهي تؤكد «كل ما يمكنني قوله عن استوديو هال روش ومسلسل (عصابتنا) سيكون لطيفا. ليس هناك أمر سيئ واحد يمكنني تذكره. كان الأمر ممتعا للغاية».
العدد 2582 - الأربعاء 30 سبتمبر 2009م الموافق 11 شوال 1430هـ