الحملة التي تقودها المجالس البلدية ضد أبراج الاتصالات في مختلف المحافظات، بدأت تسلب من الشارع العام انتباهه وتسيطر على الأحاديث الجانبية في المقاهي والدواوين والمجالس الشعبية، حتى غدت كما لو أنها حدث برز للتو، لا واقع يتصدر أسطح المباني والأراضي الفضاء والمنازل منذ مطلع الألفية الحالية.
والمثير في الأمر أن من يشكون من وجود هذه الأبراج هم ذاتهم الذين سمحوا بتواجدها في باحات بيوتهم، تحت وطأة الحاجة ومغريات المادة، فيما يلتزم أغلب أصحاب العمارات الصمت إزاء ما يجري، على اعتبار أنهم لا يقيمون في الشقق السكنية التي تعود إليهم بل يسكنها أشخاص آخرون هم أيضا من الفئة الصامتة المهددة بالطرد لكونهم مستأجرين.
ويلاحظ أن من يهاجمون شركات الاتصالات في الصحف المحلية هذه الأيام، لا يمتلكون دليلا من جهة معتمدة سواء أكانت وزارة الصحة أو الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية، يثبت خطورة الأبراج على صحة الكائن البشري، وبالتالي فإن ما يجري هو استعجال في إصدار أحكام قد يتسبب في إثارة الخوف والهلع في المناطق والأحياء المأهولة.
وفي المقابل فإن الاستنفار المفاجئ المحموم من قبل شركات الاتصال بوضع الأبراج تحت جنح الظلام، بعيدا عن الرقابة ومن دون الحصول على تصريح رسمي من قبل البلدية، يعزز فرضية الضرر ويدعم دوافع الريبة والتوجس من وجودها، ويستلزم منها توضيح المسببات.
وإذا كنا نتحدث عن العشوائية في توزيع أبراج الاتصالات، والحاجة لإيجاد تشريع ينظم هذه العملية، فإن هناك مسائل أخرى من الضرورة أن توليها المجالس البلدية اهتماما بالغا، ومن بينها مشكلة سكن العزاب الأجانب الذين ثبت أن لوجودهم خطرا كبيرا على السلم الأهلي والاجتماعي، وكذلك مشكلة تداخل المناطق الصناعية مع السكنية، وما يتبع ذلك من انتشار الأدخنة والسموم، والحظائر التي تنبعث منها الروائح والحشرات والقوارض، علاوة على قضايا أخرى لم تستبصر طريقها إلى الحل الجذري بعد.
دور الانعقاد الرابع قصير وأشهره معدودة على الأصابع، ومن المفترض أن يتركز عمل المجالس البلدية خلاله على حلحلة الملفات الخدمية العالقة المرتبطة بمشروعات الطرق، والصرف الصحي، والإسكان، والإنارة، والبيوت الآيلة للسقوط والترميم، ودعم الأجهزة التنفيذية في زيادة المسطحات الخضراء، وإنشاء مضامير المشي، والساحات الشعبية، وصيانة المرافق والحدائق وغيرها، وهي أمور تتطلب بذل الكثير من الوقت والجهد، وتحتاج إلى تركيز ومتابعة حثيثة.
ولا يخفى على المتتبع أن العمل البلدي تراكمي، أي أن الحصاد فيه يكون في آخر أدوار الانعقاد، فما بدأه العضو أو المجلس البلدي من خطط وبرامج وأهداف في الدور الأول، يبدأ في التشكل والظهور للعيان في هذه الأشهر التي نمر بها حاليا، والتي يستطيع الناخب انطلاقا منها أن يحدد موقفه من المرشح الذي صوت له، فإما أن يستمر في دعمه أو يعزف عنه بحثا عن بديل آخر.
وبالتالي فإن أزمة أبراج الاتصالات يجب أن تترك للجهات المختصة، والتي تمتلك أجهزة متطورة قادرة على قياس مستوى الذبذبات الصادرة عنها، والتعرف على مدى خطورتها على الصحة العامة، والتواصل مع الجهات الدولية ذات العلاقة لمعرفة رأيها العلمي في هذا الخصوص، فالصحة هي أغلى ما يملكه أي إنسان، وما نرجوه أن يتم إزالة الأبراج من الأحياء السكنية في حال ثبت أنها قد تسبب أمراضا ومشكلات صحية للناس، بعيدا عن الاعتبارات الاقتصادية والاستثمارية التي لا يمكنها أن تتقدم لولا وجود العنصر البشري الفاعل والمؤثر في عجلة التنمية والازدهار.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 2581 - الثلثاء 29 سبتمبر 2009م الموافق 10 شوال 1430هـ
هذه الأبراج من زمان ؟؟؟
هذه الأبراج من زمان تدرون يمكن من سنة 1994 منتشرة في أرجاء مختلفة في البحرين ومن ذاك اليوم ولا أحد اتكلم فيها إلا ألحين!!!!!
يبدون أن هناك سرا أخر بين الشركات المنافسه والله أعلم؟؟؟؟؟!!!!!!