العدد 2579 - الأحد 27 سبتمبر 2009م الموافق 08 شوال 1430هـ

قضية دار الأمان

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لا نشكك أبدا في موقف وزارة التنمية الاجتماعية من قضية دار الأمان لرعاية حالات العنف الأسري وخصوصا ما ذكرته الأخت الفاضلة الوكيل المساعد للرعاية والتأهيل في الوزارة بدرية الجيب من أن مَنْ أثار المشاكل الأخيرة حول الدار هن أنفسهن اللواتي خرجن من الدار منذ عام تقريبا وأنهن لم يطلعن على التعديلات الجديدة التي أدخلت على الدار بعد لجنة التحقيق التي أمرت بتشكيلها قرينة عاهل البلاد صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة والتي أسفرت عن قرار من وزيرة التنمية الاجتماعية بتشكيل مجلس إدارة جديد لدار الأمان وتنحية المديرة السابقة بسبب بعض الإجراءات الصارمة التي كانت تتخذها خلال فترة رئاستها للدار.

أعرف الأخت الفاضلة بدرية الجيب فهي ليست ممن يرضى بظلم أحد, ولا يمكن أن تكون لها أية مصلحة في السكوت عن أية ممارسات خاطئة تمارس من قبل إدارة الدار, ولكن مع كل ذلك أرى أن موضوع المعنفات أسريّا يجب أن يحل بعيدا عن التهديد بتقديم كل من ينتقد إدارة الدار إلى القضاء بتهمة تشويه سمعة الدار والقائمين عليها وخصوصا أن من سيتم تقديمه للقضاء يمارس المهمة نفسها في مساعدة النساء والأطفال الذين يتعرضون للعنف من قبل أقرب الناس إليهم.

الأمر الآخر هو أن التعامل مع ضحايا العنف الأسري لا يجب أن يقوم من خلال اللوائح والعقوبات بقدر ما يجب أن يكون من منطلق أنساني بحت, الدار ساهمت في مساعدة ما يقارب من 400 امرأة خلال السنوات الثلاث الماضية اضطرتهن الظروف إلى اللجوء للدار بعد أن تقطعت بهن جميع السبل ولم يجدن أمامهن غير اللجوء «للحكومة»، وذلك أمر يُحسب للدولة وللقائمين على الدار، ولكن لا يجب أبدا التعامل مع هذه الحالات على أنها «مخطئة» وتحاول استغلال التسهيلات التي تقدمها الدار للبقاء أطول فترة ممكنة.

من تجربة شخصية, اتصلت بي إحدى الأخوات العربيات بعد أن قام المحامي الذي يتابع قضيتها في المحكمة بإعطائها رقمي الهاتفي لنشر قضيتها عبر الصحافة بعد أن ملّت من إجراءات التقاضي الطويلة وفي إحدى الليالي اتصلت بي الأخت في الساعة الثانية فجرا بعد أن قام زوجها البحريني بضربها وطردها للشارع هي وابنها الصغير الذي لا يتعدى عمره السنتين؛ ما اضطرها للمكوث في إحدى محطات النقل العام.

إن من يتعرض لمثل هذه المواقف وبشكل متكرر لا يمكن أن تكون حالته النفسية سليمة, ولذلك فهو يخطئ ويكون أكثر عدوانية لأنه يشعر بالظلم والاضطهاد من قبل الجميع. مثل هذه الأمور تحدث جروحا في النفس لا يمكن مداواتها إلا بالتعامل معها بشكل أكثر إنسانية بدلا من اللوائح والأنظمة.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 2579 - الأحد 27 سبتمبر 2009م الموافق 08 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً