يؤلمني ويؤلم الكثير من أبناء البحرين الشرفاء أن نرى حال شريحة كبيرة من شرائح الشباب البحريني يتورط في أعمال تسيء إلى بلدهم وسمعته بدل أن تكون منخرطة في أعمال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية دعما للمستقبل وإسهاما في العجلة التنموية لبلادنا العزيزة التي بذل أجدادنا وآباؤنا الغالي والنفيس للذود عن حياضها وتثبيت أركانها بمعية المخلصين من أبناء هذا البلد بقيادة آل خليفة الكرام الذين يعود إليهم الفضل في بناء البحرين الحديثة على المستوى الحضاري والثقافي والعلمي والاقتصادي... إلخ.
وهنا أود أن أدلي بدلوي كوني رئيسا لأحد المراكز الشبابية في العاصمة وهو مركز شباب النعيم وأن أقدم شهادتي من خلال الأشهر القليلة التي تسلمت فيها رئاسة هذا المركز، فقبل أن يخرج مشروع اندماج الأندية البحرينية إلى الوجود كنا نمني أنفسنا بتعديل أوضاع الشباب في المناطق المزدحمة سكانيا وخصوصا في الجانب الثقافي لأننا طوال السنين الماضية كنا ضحايا لاهتمام الدولة بالجانب الرياضي مهملة الجانب الثقافي على رغم أهميته.
وبعد أن ظهرت الأندية المندمجة وجدنا أنفسنا تائهين في المراكز الشبابية، حيث الدعم المالي الخجول من الدولة وأنا لا ألوم القائمين على تلك المراكز في المؤسسة العامة للشباب والرياضة لأنهم مربوطون بموازنة تحددها الدولة بحسب خططهم المرفوعة.
ولكنني أريد أن ألفت نظر القيادة السياسية إلى أن الوضع الشبابي مقلوب في هذه البلاد، فبالأرقام الإحصائية ثبت أن نسبة الشباب في البحرين يفوق الـ60 في المئة فكم يبلغ عدد الشباب المنضوين في الألعاب الرياضية؟ ألف؟ ألفان؟ ثلاثة آلاف؟ ولكنني أتساءل أيضا كم يبلغ عدد الشباب والشابات من سن 13 عاما إلى 30 عاما الذين يملكون المواهب الثقافية والذين يرغبون في الانخراط في الأنشطة الأدبية والاجتماعية كالشعر والرواية والقصة والرسم والخطابة والقراءة والمسرح والموسيقى والعلمية كالاختراعات والحاسب الآلي... الخ؟
أجزم إنهم بعشرات الآلاف، وأتساءل هنا أيضا هل حال مراكزنا الشبابية التي تعاني من شح الموارد المالية (مركز شباب النعيم مهدد بالطرد لعدم دفعه الإيجار السنوي الذي أوقفته المؤسسة العامة من دون معرفة الأسباب) والشقق البالية التي تسكنها وأعضاؤها الذين تنقصهم الخبرة الإدارية والعلمية وغياب الإداريين، هل تعتبر مراكز تحمي النشء في مناطقها من الفراغ القاتل أو الأمراض الاجتماعية المنتشرة كالمخدرات، أو التسرب من التعليم، أو الاعتداءات الجنسية أو تخريب المنشآت أو الانخراط في الجماعات المتشددة التي تحاول أن تجندهم بحسب أجندتها الخاصة وغلوها القاتل؟
وهل استفادت الدولة بمراكز البحوث لدراسة ظاهرة العنف الشبابي المستشري بين شبابنا وأسبابه؟ وهل نزلت الوزارات الخدمية كوزارة العمل والتنمية الاجتماعية والتعليم إلى الميدان لدراسة الخطط الكفيلة بمواجهة العنف الشبابي وحالة عدم الرضا؟
إن المراقب للإحداث الأمنية سيرى أن الشباب من عمر 15 - 20 عاما هم الذين يقفون في مواجهة قوات الأمن وهؤلاء أكاد أجزم أن الإمكانات المالية والمكانية لو توفرت لاستقطابهم فلن تجدهم في مواجهة قوات الأمن عند كل صرخة يطلقها ناعق هنا أو غراب هناك كما استوعبتنا الأندية في السبعينيات بأنشطتها الثقافية والأدبية والرياضية من دون استغلال المد الديني والغلو المذهبي لهؤلاء منذ الصغر.
إذن لو دققنا النظر في موازنة الأندية الرياضية سنجدها بالملايين وموازنة المراكز الشبابية فسنجدها لا تتعدى عشرات الآلاف!
وهنا تكمن مصيبة هؤلاء الشباب! ولتسمح لي القيادة الرشيدة ولاسيما ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة أن أضع بين يديها النقاط التالية:
- تكليف الجهات الرسمية ومراكز البحوث بدراسة الأوضاع الشبابية مرة آخرى.
- إعادة النظر في مهمات وأهداف المراكز الشبابية وموازناتها.
- رفد تلك المراكز بالخبرات الإدارية (مع العلم إن الحكومة رفضت اقتراحا برغبة لتوظيف مدراء لتلك المراكز).
- تفعيل توصيات المجلس الأعلى للرياضة والشباب بشأن الاهتمام بالنشء.
- اعتبار المراكز الشبابية رافدا للخطط التنموية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي يجب أن تأخذها الوزارات في الحسبان.
إذن فالمناطق السكنية التي تأوي آلاف العناصر الشبابية هي التي يجب أن نحسب لها ألف حساب وهي مكمن الخطر فهلا نعي هذه المشكلة؟
لذلك أتمنى لو تقلب الدولة الهرم فالفائدة تكمن في قاعدة الهرم والقوة فيه؛ فالقاعدة ممثلة بالمراكز الشبابية موازنتها بعشرات الآلاف ورأس الهرم ممثلا بالأندية الرياضية بالملايين وشتان ما بين قاعدة الهرم ورأسه في هذا الواقع المرير.
لذلك لو أعدنا النظر في الخريطة المالية فسنوفر على الدولة الصداع اليومي للمشكلات الأمنية المكلفة اقتصاديا فلنجرب ذلك ثم نحكم
إقرأ أيضا لـ "غازي عبدالمحسن"العدد 2309 - الأربعاء 31 ديسمبر 2008م الموافق 03 محرم 1430هـ