لا تزال البحرين واحدة من دول المنطقة التي لم تنشط فيها صناعة النشر مقارنة ببعض دول الخليج العربية. دولتا الكويت، والإمارات العربية المتحدة، ظلتا لسنوات على رأس الدول التي قامت فيها صناعة للكتاب ونشره، وخصوصا في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي. الكويت سبقت الإمارات بسنوات، ربما لوجود المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وما يصدر عنه من مطبوعات بعضها شهري وآخر دوري، يضاف إلى ذلك، الحراك الذي ولَّدته مجلة «العربي» بتاريخها العريق، ومايصدر عنها من مطبوعات شهرية، علاوة على النشاط الكبير في السلاسل المترجمة وغيرها.

الإمارات لم تبدأ نشاط النشر بشكل منهجي وملموس إلا في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، كما أشرت سابقا، وخصوصا مع بدء قيام معرض الشارقة الدولي للكتاب، وتبني اتحاد كتاب وأدباء الإمارات خطة للنشر، بدعم من عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وبعده قيام مراكز أبحاث ودور نشر نشطة في إمارة أبوظبي من بينها «منشورات السويدي» و«الوراقون»، إضافة إلى الإصدارات المنتظمة وبشكل لافت من قبل المجمع الثقافي في الإمارة الذي كان على رأس أمانته العامة الممثل الخاص لرئيس دولة الإمارات، أحمد خليفة السويدي، وفي منصب الأمين العام نجله الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، الذي قدم رؤية ثرية وفاعلة عملت عملها في جعل المجمع الثقافي على رأس قائمة الواجهات الثقافية في الدولة عموما وإمارة أبوظبي خصوصا، من دون أن ننسى جائزة الشيخ زايد للكتاب.

إمارة دبي ومع مطلع تسعينيات القرن الماضي، أخذت زمام المبادرة بشكل واضح وخصوصا مع تفعيل مجلس دبي الثقافي، والنشاط الكبير الذي تقوم به مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، باعتبارها ترعى ضمن أنشطتها واحدة من الجوائز الأدبية الكبرى في الوطن العربي، وقبل عام أو يزيد، دشن نائب رئيس الدولة، رئيس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مؤسسته الثقافية التي سيقوم على عاتقها نشر وترجمة مئات الآلاف من الكتب ضمن خطتها التي رصدت لها ملايين الدولارات.

بالنسبة إلى البحرين لا يمكن إلا تذكر مشروع النشر المشترك! وإصدارات وزارة الثقافة والإعلام! وهو مشروع متذبذب ينشط سنة ويتلكأ سنة أخرى. من دون أن ننسى إصدارات مركز الشيخ إبراهيم بن محمد، وعدا تلك المشاريع المشتتة وغير المنتظمة، نرجو أن ينشِّط أحدهم ذاكرتنا بوجود صناعة حقيقية للنشر في المملكة