العدد 2578 - السبت 26 سبتمبر 2009م الموافق 07 شوال 1430هـ

الصحة والتربية... إرتباكٌ وتخبطٌ

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الأسبوع الثاني من أغسطس/ آب الماضي، اتخذت وزارة الصحة خطوة صحيحة على طريق مواجهة «انفلونزا الخنازير»، حين عقدت مؤتمرا صحافيا جمع أقطابها، ليتحدّثوا إلى الناس بلغةٍ عقلانيةٍ وهادئةٍ.

الوزارة صارحت الناس بأن الوضع بين المرحلتين الرابعة والخامسة من الوباء، لكنه قابلٌ للتغير، ونصحت العائدين من العمرة أو الحج بعدم استقبال الضيوف خلال أسبوع، للتأكد من منع انتقال العدوى للآخرين. ربما استشكلنا في الصحافة حينها على قرارها بالتوقف عن نشر أرقام الإصابات الجديدة، لكننا تفهمنا ذلك للتأكيد على هدفها بإيصال رسالة طمأنةٍ للنفوس.

ما حدث بعد ذلك، من إعلان ثلاث حالات وفاة، أطاح بتوازن الوزارة فعمّ القلق الجمهور، فلم يكن غريبا أن يلجأ من ترتفع حرارة أحد أطفاله إلى حمل البقية إلى قسم الطوارئ لإجراء الفحص، على خلفية قرارٍ بمعاملة كلّ حالة مشكوك فيها، على أنها «انفلونزا خنازير» تستدعي الاستنفار وصرف الدواء.

وزارة التربية والتعليم، التي كانت ترفض تأخير العودة إلى المدارس أسبوعا واحدا بحجة العشر الأواخر من رمضان، وموقفها في ذلك صحيح، أصابتها عدوى الارتباك بعد اكتشاف بعض الحالات في المدارس الخاصة، وبعدها المدارس العامة، فعالجت القضية بقرار تأخير الدراسة شهرا كاملا.

القرار لن يضمن دفع الجائحة، مهما قيل عن لزوم الاحتياط. فأنت عندما تغلق المدارس أمام 125 ألفا من طلبتك، لن تفعل شيئا غير تأخير مواجهة المشكلة في بيتك، دون أن تضمن محاصرتها خارج الباب. والسؤال: ماذا بعد عودة الطلاب؟ ولماذا التأجيل شهرا كاملا؟ وما هي الحكمة أصلا من هذه العودة التدريجية؟ وماذا لو اكتشفتم في كلّ مدرسة إصابة واحدة؟ هل ستعيدون غلق المدارس شهرا آخر؟ وما هو المخرج من هذه الحلقة المفرغة؟

عندما تغلق المدارس أمام الطلبة، دون توعية المجتمع واستنهاض همته وتعريفه بدوره في محاصرة الوباء، فإنك لا تفعل شيئا. فهؤلاء الـ 125 ألفا، لن يبقى أغلبهم حبيسي البيت، يتفرجون على برامج تلفزيون العائلة العربية الرائعة، وإنما سيفلت الزمام. والدليل استمرار الزحام في المجمّعات والسينمات والأسواق والمساجد... فضلا عن السفر بالجسر. بل إن سكان البلاد القديم - مثلا - الذين اعتادوا على الوصول لبيوتهم خلال دقيقتين من جهة منتزه عذاري، شهدوا ازدحاما غير مسبوق منذ سنوات، بسبب تدفق حشودٍ هائلةٍ من الناس والسيارات ليالي العيد.

المؤسسات التعليمية التي يمكن أن تخضع لإجراءات وقائية صارمة، ويجري فيها التحكم بدقة، سيعني إغلاقها فتح الباب أمام مزيدٍ من التسيب وانفلات الزمام، دون وجود ضمانات على التحسّن المنشود. إنه مزيدٌ من الإرباك للعملية التعليمية وتأخير تغطية المنهج الدراسي والامتحانات. إنك تؤسس لانهيار السنة الدراسية الجديدة باختصار، أول ضحاياها طلاب التوجيهية.

الأسوأ، سنجد أنفسنا قريبا أمام وضعٍ لا نُحسد عليه. فإذا كانت 300 حالة، 30 منها فقط إصابة حقيقية، أصابتنا بكل هذا الهلع والجزع، فكيف سنتصرف في موسم الحج الذي قد يخلّف مئات الإصابات؟ وماذا أعددنا لموسم الشتاء الذي يصاب فيه سنويا ثلاثة أرباع البحرينيين، أغلبهم من الأطفال؟ وهل من الصحيح طبيا، أن نعالج كل حالةٍ مشتبهٍ بها على أنها انفلونزا خنازير؟

هذا ما فعله بنا شهرٌ من انفلونزا الخنازير، فماذا سنصنع في موسم الحج بعد شهرين؟ وماذا سنفعل حين تبدأ فيروسات الـ (فلُو) بغزو البحرين كما تفعل كل شتاء؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2578 - السبت 26 سبتمبر 2009م الموافق 07 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 4:05 م

      الخاسر الأكبر

      من التأجيل المتكرر هم المعلمين والمعلمات لن يكفيهم الوقت لشرح المنهج الطويل واعطاء الاختبارات ورصد الدرجات الا اذا كانت عندهم سرعةسوبرمان أقصد superteacher والملل الذي نعيشه هذة الأسابيع بدون عمل سوى السوالف وتوزيع الكتب والمحاضرات عن المرض والرجوع للبيت بالصداع في هذة الفترة من كل عام نكون أنهينا وحدة دراسية كاملة .

    • زائر 11 | 12:57 م

      تدريب العاملات بأخذ الحرارة للطلبة

      وأنتم صدقتم أن جميع المدارس بتقيس الحرارة للطلبة منذ دخولهم هذا إذا عمل الجهاز او ما شير مثل ما يحدث لجهازنا في المدرسة يوم يعمل ويوم لآخر لا يعمل ونحن ما يقارب 28 معلمة فقط هذا إذا ما دربوا العاملات على أخذ الحرارة مثل ما يدخلون الأحتياط بدل المدرسات

    • زائر 10 | 7:16 ص

      حراس أمن المدارس في مواجهة الانفلونزا

      من مأسي التخبط ...
      أكثر إدارات المدارس قامت بتكليف حراس الأمن لأخذ درجة الحرارة ! وتم إعطاءهم الجهاز من بداية الدوام حتى النهاية ....
      سلامات

    • زائر 9 | 7:15 ص

      للأسف وزارة التربية ما عدهم أي حلول لأي شيء

      معروف عن وزارة التربية بتقلص أجازة الطلية كأنهم هم السبب لمايحدث ودائما يقولون نحن مهيئوون لأستقبال الطلبة فيماذا مهيئون ؟؟؟؟ لا يوجد أصلا أي أستعداد لأستقبال الطلبه وهذا ما سوف نلاحظه نحن أولياء الأمور ، هم مهيئون لوضع مناهج تكسر ظهر الطلبه فقط ،،، والله يعينه على هالوزارة التعبانه في كل شيء .

    • زائر 8 | 2:22 ص

      لماذا يخجل الناس من استعمال الكمّام

      في إعتقادي، بدلاً من أن نبحث عن العلاج يجب أن نبحث عن الوقاية من هذا الوباء. افضل وسيلة في الوقت الراهن هو استعمال الكمامات!! ولكن للأسف كثير من الناس يستنفر لما يرى شخصاً لابس كمام ويقول في نفسه "شنو هذا إحنا جرب يغطي خشمه عنا بكمام" أو نرى أشخاص يخجلون يلبسون كمام وكأنه عيب!! لذا على كل مواطن (او مقيم) أن يكون مسؤول وعندما يشعر بأرتفاع حرارته أن يلبس الكمام ويذهب للفحص وهذه مسؤلية الجميع لصد المرض عن الأطفال وكبار السن ومرضى ضيق التنفس والسكري وشكراً

    • زائر 7 | 1:31 ص

      نجيب

      فلذات اكبادنا اولا ....ثم ان تأجيل الدراسة حتى لو لفصل دراسي كامل حلو وبارد على قلوب الاباء والامهات ولا ان تفقد اين لديها.
      بالنسبة لي تأجيل ولا ان افقد احد ابنائي ولكن يجب تكاتف الجميع من اولياء الامور للحد المرض.
      (اذا فات الفوت ماينفع الصوت )

    • زائر 6 | 1:19 ص

      ردا على زائر 1

      الهالة الإعلامية التي أحيطت بفيروس انفلونزا الخنازير أعطته أهمية أكبر منه بكثير .
      نحن لا ننفي أن هناك بعض الخطورة من الفيروس المعني إلا أن الخطورة التي وضعتموها أنتم هي سبب خوفكم ، انفلونزا الخنازير انفلونزا أشبه ما تكون بالموسمية إلا أنها ربما تقتل صاحبها في حال الاكتشاف المتأخر ، ومتى ما راود مريضها المستشفى مبكرا تماثل للشفاء .
      وبناءً على تصريحات وزير الصحة فيقول إن موجة المرض ستستمر سنتين ، هل يعقل أن يقعد الطلبة سنتين في بيوتهم ولا يذهبوا لمدارسهم !!!

    • زائر 5 | 1:09 ص

      طالبة ثانوية 2

      في الأيام العادية ونحن نشتكي من الضغط المدرسي فكيف الآن وقد تأجلت الدراسة ثلاث مرات ،هل يعقل أن نتتهي من دراسة المناهج في غضون ثلاثة أشهر فقط لأول فصل؟!
      وإن تم تمديد الفصل الأول فستطير "عطلة الربيع "
      وبالتالي تكون إجازة الفصل الثاني في شهر ثمانية على أكثر تقدير ... صحيح إن هذه مجـرد فرضيات ولكن من المتوقع أن تتحقق لأن ما يحدث من تأجيلات لا تصب في صالح الطلبة عدا كونها شبه وأضعها بين قوسين وقاء من H1N1.

    • زائر 4 | 1:07 ص

      طالبة ثانوية 1

      الأخ قاسم حسين أشكرك على صراحتك و مقالك الذي يروي لسان حالنا نحن الطلبة ضحية هذا التأجيل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع وليس له إيجابيات تذكر ، وهاهي مساوئه بدت تنهمر علينا إذ اعلنت التربية إنها بصدد مراجعة إجازات الطلبة وتقليصها إن أمكن .. المشكلة لا تكمن هنا بل تكمن في الضغط المدرسي الذي سنتعرض له إثر هذا التأجيل ، وهو ما يسبب لنا إرهاصات نفسية قاتلة !!

    • زائر 3 | 12:59 ص

      أخي الكريم قاسم حسين (لا أحب أن أرى قلمك المتميز ينتقد دون إقتراح حلول!!!)

      ذهبت للسلمانية مع زوجتي الحامل في قسم طوارئ الحمل، وبعد ساعة من الدوران في المستشفى حدث مالا يحمد عقباه بإكتشاف حالة إنفلونزا للخنازير حتى استنفر من علم وبات غافل من لم يغفل.
      أخي الكريم إذا كان طوارئ السلمانية لا توجد لديه حماية ووقاية فاعلة خارج المستشفى قبل ولوج المرضى للمستشفى وبقائها لساعات في زحمة الطوارئ حتى يتفشى مرضهم فكيف خارج البلد.
      أكبر وباء وانتشار للمرض في السلمانية

    • زائر 2 | 12:36 ص

      أولادنا أكبادنا

      السيد شكلك ما عندك أولاد والا ويش؟

    • زائر 1 | 10:43 م

      والله ياسيدنا ضحكتني وآنا مالي خلق أضحك ...

      " يتفرجون على برامج تلفزيون العائلة العربية الرائعة."..........حلووووووة

اقرأ ايضاً