العدد 2577 - الجمعة 25 سبتمبر 2009م الموافق 06 شوال 1430هـ

إيران برئاسة مير حسين موسوي!

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أظهر استطلاع أجراه «معهد وورلد بابليك أوبينيون أورغ» الأميركي مؤخرا أن 83 في المئة من الإيرانيين يثقون بنتائج الانتخابات الإيرانية الأخيرة، ويعتبرون أن أحمدي نجاد هو الرئيس الشرعي للبلاد، فيما عبّر 63 في المئة عن (ثقتهم الكبيرة) في ذلك.

هنا أفرض احتمالا. ماذا لو فاز مير حسين موسوي في الانتخابات العاشرة؟ بالتأكيد حين يكون ذلك واقعا ففي ذلك احترامٌ لرأي الناخب الإيراني مهما كان الموقف من الرجل، لكنني أفترض ذلك لكي أقرأ إرهاصات ترشّح الرجل، ثم بماذا كان سيسود عند تشكيل الحكومة.

المُشكلة هنا جدّ مُركّبة. لنأخذ البدايات. فموسوي تاريخيا لم يكُن قريبا من المحافظين الأصوليين المتمثّلين (آنذاك) في حزب جمهوري منذ قيام الثورة الإسلامية وجمعية العلماء المناضلين بمن فيهم آية الله بهشتي والشيخ هاشمي رفسنجاني.

فجزء من عذر تقديمه استقالته في النصف الثاني من عقد الثمانينيات عندما كان رئيسا للوزراء هو رغبة التيار الأصولي في إدخال عناصر محافظة إلى حكومته التي كانت تنحو جانب اليسار والتأميم لقطاعات الاقتصاد الصناعي.

لكنه أيضا لم يكن مُسَلِّما إلى اليسار الديني رغم أنه ينتمي إليه تنظيميا. فتنظيمه آنذاك هو الذي دَفَعَ به لرئاسة مجلس الوزراء عن طريق المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ودَفَعَ بمنتظري في مجلس الخبراء لخلافة الإمام، وهما المنشطان الدستوريان اللذان كان اليسار الديني مهيمنا عليهما سواء بالعضوية أو بالنفوذ.

وكان خروج موسوي من رئاسة الوزراء حينها قد تمّ بغطاء رسمي من تنظيمه إلى جانب دفوع اليمين. لقد شكّل ذلك خصومة مع تياره، إلى أن عادت العلاقة بينهما «بحكم الضرورة السياسية» خلال الأزمة الأخيرة.

في الانتخابات العاشرة شَقّ ترشيح موسوي تيار المُتمرّدين أو ما يُسمَّون بالإصلاحيين مرة أخرى. فجزء كبير من القريبين لخاتمي كـ رسول منتجب نيا ومحمد علي أبطحي دعموا مهدي كرّوبي ولم يدعموا مير موسوي.

لاحقا، انسحب خاتمي من حَلَبَة السّباق لكي لا يُثَلِّث ترشيحات التيار. كان انسحاب الرجل هو ضمن صفقة وعود غير مُؤكّدة تحصل بموجبها تيارات التمرّد السبعة عشر (باستثناء حزب اعتماد ملّي بزعامة كرّوبي) على حصص متباينة في الحكومة التي سيُشكّلها موسوي بعد فوزه.

بدوره قام موسوي بخطوة تجاه المتطرفين من التيار المُتمرّد لكي يضمن تأييدها من قِبل حزبي المشاركة ومجاهدي الثورة الإسلامية. فعارض مشروع الأمن الاجتماعي الذي كان يدعو إليه المحافظون، وعارض الإشراف التصويبي لمجلس صيانة الدستور في الانتخابات، وتقرّب أكثر من حركة آزادي برئاسة إبراهيم يزدي. (راجع تصريحات حميد ترقي مساعد سكرتير حزب المؤتلفة الإسلامي بتاريخ 20 يوليو/ تموز الماضي).

لكنه أيضا لم يَفُتْهُ أن يُوظّف الوسائل الانتخابية ذاتها التي يستنكرها اليوم على المحافظين. فقد مارس موسوي من خلال حملته الانتخابية دعاية تأييد مراجع التقليد في مدينة قمّ المقدّسة له، الأمر الذي دَفَعَ بمكاتب المراجع للتصريح ونفي ما جاء على لسان حملة موسوي.

قام الرجل وعبر حملته الانتخابية بالترويج بأنه سليل آل بيت النبوّة (ع)، وأنه اتّخذ من ارتداء الأوشحة الخضراء تعبيرا لانتسابه لتلك السلالة الطاهرة! وربط اسمه بعبارة «يا حسين... مير حسين»!

ثم قام بطباعة الصوّر التي جمعته بالإمام الخميني والمُرشد الأعلى خلال عقد الثمانينيات، لكنه مَنَعَ تداول رسالة الخميني «التقريعية» له بُعيد تقديمه الاستقالة، والتي ذَكَرَ فيها الإمام عبارات قاسية بحقّ موسوي.

هذا ما خصّ قبليات العملية الانتخابية. تاليا فإن مجيء موسوي للحكومة سيُثير مجموعة من علامات الاستفهام ووجهات النظر. فالرجل غائبٌ عن البلد منذ العام 1989 أي ما يُقارب العشرين عاما. وهذه مصيبة.

فكثير من ناشطي الثورة ابتعدوا عن مراكز التنفيذ والحراك السياسي اليومي لكنهم بقوا على صلة بقوى الدولة أو بمناشط مدنية. فآية الله محمد توسّلي وآية كاظم بجنوردي بقيا عضوين في مجلس الخبراء. وبقي أكبر محتشمي أمينا عاما للمؤتمر الدولي (الدائم) للقدس ودعم الشعب الفلسطيني.

بل وحتى خاتمي الذي استقال من وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في العام 1992 أيّام حكومة هاشمي رفسنجاني الأولى بقي عضوا في المجلس الأعلى للثورة الثقافية، ورئيسا للمكتبة الوطنية في طهران.

أما مير حسين موسوي فقد ابتعد كلّيا عن مجريات السياسة الإيرانية. وحتى عندما عُيِّنَ عضوا في مجمع تشخيص مصلحة النظام لم يكن منتظما على المشاركة في لجان المجلس. ولا متواصلا مع قوى المجتمع المدني، بل وحتى مع تنظيم روحانيون مبارز.

لم تكن للرجل حتى تصريحات صحافية تعكس اهتمامه الدائم بسياسات بلده الداخلية والخارجية ولا بالقضايا الدولية بشكل حثيث، فقد قضى معظم أيامه ونشاطه اليومي في معارض الصور الفوتوغرافية والفنيّة.

هنا قد تُعيد رئاسة موسوي لإيران إنتاج المُشكل الأساس الذي تورّط فيه تيار ما يُعرف بالإصلاحيين في العام 1997 ولكن بشكل أكثر حدّية وغموضا في البرامج هذه المرّة. وهو ما يعني استدعاء مزيد من أدوات الصراع بين مراكز القوى داخل السلطة. وللحديث صلة.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2577 - الجمعة 25 سبتمبر 2009م الموافق 06 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 4:32 م

      الى بعض القراء

      لاحظت من بعض القراء مطالبة الكتاب تركيز على مشاكل البحرين فقط وترك مجريات الاحداث العالميه ...هل تريدون تجميد واحتكار عقليات الكتاب ؟؟؟

    • زائر 12 | 2:29 م

      خداع الرأي العام العالمي

      ان استخدام الأوشحة الخضراء والتكبير من فوق السطوح ما هو الا خدعة كبيرة لاستدرار التعاطف كما انه حتى لو كان من سلالة أهل البيت عليهم السلام فهم بريئون من أفعاله وصدام قبله قال انه من سلالة أهل البيت وعمل المجازر . أين محاكمة هؤلاء ومتى سيقدمون للعدالة؟ ام محمود

    • زائر 11 | 10:00 ص

      الغرب الحاقد

      تعلمون ان موسوي يريد لايران ان تتقرب للغرب وتبتعد عن العرب ومشاكلهم وقضياهم التي تنازلو عنها فهم تعبو من عدم معرفة العرب للعبة السياسة غير خنوع وقهر شعوبهم وسرقته وان نجاد يريدعكس ذلك فهو يقف بجانب العرب وهمومهم وقضايهم مثل قدس الشريف هذه مبادى يتحدون الغرب الطالم ومنحاز للصاينة الملعين انطروا ماذا يفعل بهم في كل محفل يهربون منه لاانهم هم من جلبوا المار والامراض للعالم تمعنو ا يااخوان

    • زائر 10 | 8:51 ص

      وأيضا

      مقال حلو وجميل
      لو فاز موسوي لرأينا سياسة مليئة بالتردد وكلام الليل يسمح بالنهار

    • زائر 9 | 7:56 ص

      إيران برئاسة الجدير

      وإيران تستحق الجدير في يحكمها وقد وصلت لمصاف الدول الكبرى في الصناعات وبعيدا عن النووي الذي وجدت أمريكا منه قميص عثمان لأن تضع لها قدم في المنطقة وهو ما تتشدخ به دوما ولمعرفتها بمخاوف الدول المجاورة وجدت الترحيب الحار علما بمعرفة دول مجلس التعاون أن إيران لا تمثل خطرا عليها إنما خطر الولايات المتحدة أكبر إذا لم يقبلوا بوجود القواعد الأمريكية لتكون العين الساهرة على أهدافهم ومخططاتهم، وقميص عثمان العراقي ( السلاح الشامل ) ليس ببعيد ولم يجدوا أثر له. نبيل حبيب العابد

    • زائر 8 | 7:38 ص

      إيران برئاسة جدير.

      و نحن كأفراد مسلمين يهمنا مصير كل بلد مسلم بغض النظر عن اختلاف المذاهب فيها وفلسطين نموذج للأمة الإسلامية الكل يهتم لأمرها وبالخصوص جمهورية إيران الإسلامية وهو ما عارض عليه مؤيدو موسوي في تقديم الدعم للقضية الفلسطينية وهل بعد ذلك يبقى لهؤلاء مكانة في قلوبنا وهم يرفضون أن تمتد يد العون والمساعدة لشعب مسلم يقاسي ويلات الحرب والتشريد من على أيدي الصهاينة هيهات،، لله درك يا نجاد. وحفظ الله المسلمين.
      نبيل حبيب العابد

    • عبد الإله يوسف | 7:31 ص

      مأزق السياسة الإيرانية

      رغم أنّ المقال مليء بالتفاصيل حول شخصيّة مير موسوي إلا أنّ النتيجة التي خلص إليها المقال لاتعكس حقيقة التيّار الإصلاحي فيما لو فاز موسوي ، فمشكل السياسة الإيرانيّة لا يتمثّل في شخص الرئيس ( محافظ أو إصلاحي ) فكلاهما يخضعان لسلطة المرشد الوليّ الفقيه الذي هو من يوجّه خيوط اللعبة السياسية ، وبما أن توجهّات المرشد تميل ناحية كفّة المحافظين ، فسواء وصل موسوي المشغول بمعارض الصور أو وصل شخص بوزن خاتمي ، فإن تجربتهم محكومة بالفشل كما حدث في عام 1997 .
      عبد الإله يوسف

    • زائر 7 | 7:26 ص

      إيران برئاسة جدير.

      إذا انسحب كليا عن مجريات السياسة الإيرانية ولم يكن منتظما حين عين عضوا في مجمع تشخيص النظام ولم يكن منتظما على المشاركة في لجان المجلس ولا بالقضايا الدولية ولا متواصلا مع قوى المجتمع المدني ولا ولا،ولم تكن له تصريحات صحافية تعكس اهتمامه بسياسات بلده الداخلية والخارجية ولا بالقضايا الدولية،، إذاًكيف يستحق أن يكون رئيسا لثمانين مليون ناخب وهو يحمل شهادة الابتعاد عن حضور المحافل المذكورة أعلاه ففاقد الشيء لا يعطي. نبيل حبيب العابد

    • زائر 6 | 6:50 ص

      و أزيدك من الشعر بيت

      و موسوي لك يكن لديه طريقة للتعبير فقام بزج زوجته للترويج و عنه و هذا ما يكرهه الإيرانيون أن تتحكم أمرأة بالبيت أو بالبلد

    • زائر 5 | 6:47 ص

      مقااال ممتاز

      أني من المتابعيين دوما الى مقالاتك الرائعه والرصينه وخاصة تحليلاتك القيمه ، وأقول لو حكم موسوي أيران لخربت ولن تكون لها مكانة عالمية كما الآن لأنه لا يعرف حقيقة المجتمع الأيراني وخاصة أنه كان بعيدا جدا عن السياسة وما يحدث والي يساعده الآن فقط هم الخارجعين عن النظام الأسلامي والذين ينشدون أمريكا وغيرها ، حفظ الله أيران الآسلام من كل سوء
      وتشكر يا أستاذ ( محمد ) والى مزيد من المقالات الجيده حول قضية أيران السياسية الداخلية والخارجية .

    • زائر 3 | 3:27 ص

      يا محمد عندنا من المشاكل وايد

      يا محمد عندنا من المشاكل وايد ركز على مشاكلنه في البحرين و خلهم يولون.

    • زائر 2 | 3:04 ص

      الإعلام غير النزيه

      دائما ما تشد القراء بمقالاتك وتحليلاتك بعيدا عن التحليلات والنظرة الذاتية التي تتداخل عند بعض الكتاب، وما يحدث اليوم في إيران يحدث أكبر منه في دول كثيرة مترامية في العالم، ولكن سياسة بعض الدول هي تضخيم الحدث بإعلام غير نزيه وغير مهني لحاجة في نفوسهم، مثل قناة العبرية.

    • زائر 1 | 9:43 م

      شكراً للتوضيحات

      السلام عليكم
      أشكرك أخي العزيز على هذه التوضيحات ونرجو المزيد من المقالات الرصينة حول القضية الإيرانية.

اقرأ ايضاً