العدد 2576 - الجمعة 25 سبتمبر 2009م الموافق 06 شوال 1430هـ

ماذا يخبئ المستقبل للأردن؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يحبس الملك عبدالله الثاني ملك الأردن أنفاسه بينما يسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما لإتباع استراتيجية لتحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط تشجّع على إيجاد دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب «إسرائيل».

يُتوقع من أوباما وبشكل واسع أن يقوم بتحديد أطر «حل الدولتين» في وقت ما خلال هذا الشهر، ومن المحتمل أن يضع أجندة محادثات الوضع النهائي.

سيناريو الوضع الأمثل بالنسبة للأردن هو برنامج لإنشاء دولة فلسطينية قادرة على البقاء ومفصّلة جغرافيا على الحدود التي كانت موجودة قبل حرب العام 1967، عندما احتلت «إسرائيل» الضفة الغربية من الأردن وغزة من الإدارة المصرية.

سوف يساعد سيناريو كهذا على دفن فكرة «الأردن هو فلسطين»، وهي فكرة يتفوه بها غالبا سياسيّو اليمين الإسرائيلي، الذين يعتقدون بأنه يجب نقل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن. كذلك يمكن لهذا السيناريو أن يمكّن الملك عبدالله من القيام بتحركات مدروسة بعناية باتجاه فتح النظام السياسي المغلق في الأردن، الذي يفضّل حاليا الأردنيين الأصليين (أو سكان الضفة الشرقية) على الأردنيين الفلسطينيين، وبالتالي تمهيد الطريق لدولة حديثة مبنية على الجدارة والأهلية والتي من شأنها عكس صورة أردن بوتقة الانصهار الجديد بشكل أفضل.

يبقى الشرق أردنيين في هذا الأردن الجديد، وهم القاعدة التقليدية التي ترتكز عليها الأسرة الهاشمية الحاكمة، غالبية، على افتراض أن الكثيرين من الفلسطينيين النازحين الذين يزيد عددهم على المليون والذين يقيمون في الأردن يستطيعون العودة للعيش كمواطنين كاملين في الدولة الفلسطينية الجديدة. والبديل لهذا هو أن يستطيع العديد منهم البقاء في الأردن بينما يقومون بالتصويت في الانتخابات الفلسطينية.

لسياسة الهوية الوطنية تاريخ طويل متعرج في الأردن، وهي مملكة صحراوية تشكَّل فيها الواقع الحالي إلى حد بعيد نتيجة لحروب عربية إسرائيلية متتالية. يشكّل السكان من أصول فلسطينية نصف عدد سكان الأردن، والعديد منهم من أحفاد اللاجئين الذين هربوا إلى المملكة العام 1948.

وبعكس الفلسطينيين في سورية ولبنان، أصبح فلسطينيو الأردن يتمتعون بكامل حقوق المواطَنة بموجب الارتباط الذي جرى العام 1950 بين شرق الأردن وما تبقى من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

إلا أن تلك الوحدة لم، ومازالت لا تعيق حقهم في تقرير المصير عند، أو في حال إنشاء دولة فلسطينية، الأمر الذي يسمح لهم باتخاذ قرار نهائي بين حمل الجنسية الأردنية أو الفلسطينية.

طالما عَمِلَت مؤسسة «الضفة الشرقية» المحافظة على إحباط الإصلاح السياسي، وذلك بهدف الحد من الوجود الفلسطيني في التيار السياسي الرئيس بشكل عام، بانتظار حل نهائي.

تبقى الجنسية المزدوجة، أو «الولاء السياسي المزدوج» خطا أحمر. سوف تضع أية جهود سابقة لأوانها لإعتاق نصف السكان، أو إعطاء الجنسية الدائمة للفلسطينيين النازحين المقيمين في الأردن، الملك في خط تصادم مباشر مع قاعدة سلطته التقليدية.

لم تساعد احتمالات عدم الاستقرار الإقليمي والتصريحات الإسرائيلية التي تدعم كون الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين العلاقات بين المجموعتين. ظهرت التوترات واضحة في مباريات كرة قدم جرت مؤخرا بين فريقين أردنيين غريمين: الفيصلي، الذي يدعمه الشرق أردنيين، والوحدات، المسمّى باسم مخيم للاجئين والمكوّن من أردنيين فلسطينيين، عندما أطلق مشجعو الفريق الأول هتافات معادية للفلسطينيين.

قد يكون الحدث الأهم هو قيام النخبة الأردنية الفلسطينية قبل بضعة أسابيع بانتقاد وزير الداخلية نايف القاضي لقيامه بتشديد إجراءات الإقامة بهدف منع الفلسطينيين المقيمين في الأردن دون جنسية من أن يصبحوا مواطنين أردنيين. وقد ردّ الوزير القاضي فيما بعد قائلا: إن وزارته كانت ببساطة تطّبق أنظمة تبناها الملك الراحل حسين لمساعدة منظمة التحرير الفلسطينية على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في مناطق الضفة الغربية المحتلة. بغض النظر عن نوايا الوزير، يثبت هذا الحدث المدى الذي وصلت إليه التوترات بين الشرق أردنيين والفلسطينيين في الشهور الأخيرة.

من الممكن أن يعاني الأردن وبشكل خطير إذا تلاشى حل الدولتين، أو إذا كانت المحصّلة النهائية لخطة الولايات المتحدة فرض أمر واقع على المملكة لإنشاء روابط فيدرالية مع الفلسطينيين في الضفة الغربية. سوف يعني ذلك سيطرة فلسطينية على الأردن إما من خلال إجبار الملك أن يتحول إلى ملك دستوري، أو الأسوأ من ذلك، من خلال تغيير كامل للنظام.

تستطيع خطة أوباما، باختصار، أن تشكّل سيفا ذا حدين، تستطيع إما إنجاح أو تحطيم المملكة الحديثة التي أُنشأت العام 1921.

يبقى الكثير من الأردنيين الرسميين والعاديين ينزعون متشككين من احتمالات السلام. تعمل العداءات المتفاقمة بين فتح وحماس، وانتخاب حكومة يمينية برئاسة بنيامين نتنياهو في أبريل/ نيسان الماضي على تعقيد الوضع.

يحارب نتنياهو حتى الآن الضغط الأميركي لتجميد النشاط الاستيطاني، ويريد من اللاجئين الفلسطينيين التنازل عن حقهم بالعودة والاعتراف بالهوية اليهودية لدولة «إسرائيل»، ويأتي هذا كله حتى قبل بدء المحادثات.

صرّح الملك عبدالله قبل أسابيع قليلة في محاولة لطمأنة الشرق أردنيين المتململين أنه لن يسمح لأي كان تغيير الهوية الأردنية من خلال حل القضية الفلسطينية على حساب المملكة، وأنه لن يُفرَض عليه دمج الفلسطينيين الأردنيين بشكل كامل قبل التوصل إلى تسوية نهائية.

ينتظر الملك الآن، مثله مثل أمته بأكملها، خطة أوباما ليرى ما يخبئه المستقبل للأردن.

صحافية وكاتبة عمود ومدرِّبة إعلامية أردنية ورئيسة تحرير سابقة للجوردان تايمز، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2576 - الجمعة 25 سبتمبر 2009م الموافق 06 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً