كثيرة هي الزيارات التي قام بها السادة الوزراء للكثير من المدن والقرى في مختلف مناطق البحرين، حتى أضحت هذه الزيارات موضة للتباهي.
في كل زيارة يجمع الوزير كبار مسئولي وزارته، ويحمل العدة ليتجول في المناطق، ويجمع بين بشته الوجهاء والمؤسسات وركبا من الأهالي.
هي فرصة سانحة لبعض الوزراء للتباهي في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، كما هي فرصة للوزراء لمغازلة النواب أو اتقاء شرهم.
في هذه الزيارات تصدر التوجيهات، وتذبح القرابين على مذبح أحلام البسطاء من العامة، ولحسن حظ هؤلاء الوزراء فإن من طبيعة البحريني أنه سهل ممتنع، تبهره المظاهر والبهرجة والهيلامات.
من باب عدم جواز التعميم والإطلاق، فإن غالبية الوعود التي وزعت أطلقت في الهواء، فالوزراء لا يملكون غير السيل الجارف من الوعود وتوزيع الخطط.
بعد عشر سنوات من هذه الزيارات، لا تزال الكثير من المناطق التي حظيت بتلك الزيارات البروتوكولية -فضلا عن المناطق التي لم تحظ بها- بنيتها التحتية المتهالكة وسوء تخطيطها العمراني وتمددها العشوائي وحاجاتها الخدمية والإسكانية، وحتى هويتها الاجتماعية بعيدة كل البعد عن شعارات التنمية، وما جرى في القليل من المناطق هو عملية ترقيع لا أكثر، رغم أن الوزراء والمسئولين يدركون أن هذه المناطق التي عانت من غياب الخدمات تحتاج إلى عملية جراحية واسعة لوقف النزيف أولا، وليست بحاجة إلى المسكنات والعقاقير المؤقتة.
عودة سريعة للأرشيف سنكتشف أن الصحف كانت تتنافس على التقاط التصريحات الرنانة للوزراء ولوكلائهم وما دونهم من مسئولين، ومن يقرأ تلك التصريحات يتخيل له بأن المناطق مقبلة على طفرة عمرانية تاريخية، ولكن الواقع ليس كذلك، وكلما يمر يوم سنكشف حتمية هذه الصدمة أكثر فأكثر.
لسبب واضح لم تنفذ جل الوعود التي أطلقت، رغم الابتسامات العريضة ورغم تشابك الأيدي أمام عدسات الكاميرات بين الوزراء والبلديين، وإذا أردنا فحص أسباب ومسببات فشل تلك الزيارات، فإنها تتلخص في أمور عدة من بينها.
هذه الزيارات عادة ما تكون بتوجيهات من كبار المسئولين بعد لقائهم الأهالي، ويجد الوزراء أنفسهم أحيانا أمام واقع يتعارض مع الخطط الموضوعة للمشروعات المجدولة في وزاراتهم.
كما أن بعض الزيارات هدفها الأساسي مغازلة الكتل المهيمنة على مجلس النواب لإبعاد شبح الاستجوابات ولجان التحقيق ولتجنب الإجابة على الأسئلة الحرجة عن الواقع المأساوي والمزري للكثير من المناطق تحت القبة البرلمانية.
هذه الزيارات سرعان ما تتحول إلى فقاعات إعلامية بعيدة عن الواقع، فالوزير سرعان ما ينسى أو يتناسى زيارته، مخلفا وراءه تصريحاته الوردية ووعوده ببيع السمك في عرض البحر، والنواب والبلديون استفادوا من صور الزيارات، أو أن العين بصيرة واليد قصيرة، أما المؤسسات والأهالي فهم في خبر كان.
إذا جردنا عدد الزيارات كما ونوعا فسنواجه وعودا فضفاضة غير مربوطة بجداول زمنية حتى يوصد باب المراجعة والمحاسبة إذا ما فاق الناس وممثليهم من غفلتهم.
تلك الوعود غير مربوطة بالموازنات المخصصة للوزارات، كما أنها لا محل لها من الإعراب حينما تتعارض مراكز القرار الخدمي، في حين أن السواد الأعظم من النواب وأعضاء المجالس البلدية يكتفون بالزيارات وتبادل الابتسامات مع الوزراء.
ليس من قبيل الصدفة أن نصدم في نهاية دورة الميزانية العامة أن نصف المشروعات التي رصدت لها حصص مالية (ولنضف لها المشروعات التي لا موازنات لها) نصفها لا تجد طريقها للتنفيذ، بسبب البيروقراطية وضعف الإدارة والتعارضات والإهمال أيضا.
ثمة حلقة مفقودة في شأن الزيارات، وعلى الوزراء والمحافظين والنواب والبلديين كشف هذه الشفرة، ولعله من المفيد مراجعة الوعود التي أطلقت في الماضي لعدم تكرار الوقوع أو إيقاع الناس ومعاناتهم في رحمة الشعارات البراقة التي تحتاج أن تكتسي حلة الصدق.
ليس الهدف استهداف أي وزير ولا وزارة، ولا القصد هو التقليل من شأن أي جهد يبذل في أية مؤسسة، ولكن الهدف الرئيسي من رفع عقيرة الشكوى هو تحول المشكلة إلى ظاهرة تتجاوز الحالات الفردية، وعلى رغم ذلك لا نريد أن نبخس الناس أشياءهم، ولكن نقول: يا وزراء... ويا نواب... ويا بلديون رفقا بالناس!
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 2574 - الأربعاء 23 سبتمبر 2009م الموافق 04 شوال 1430هـ
يتجمبزون علينا وكله كلام جرايد
عشان يراون باقي الدول شوفوا احنا نسوي ليهم واهم مايسون شي غير الكلام والوعود كفايه طلباتنا الاسكانيه تمر عليها اكثر من عشر سنوان
يتجمبزون علينا وكله كلام جرايد
عشان يراون باقي الدول شوفوا احنا نسوي ليهم واهم مايسون شي غير الكلام والوعود كفايه طلباتنا الاسكانيه تمر عليها اكثر من عشر سنوان
الله المستعان.
اذا كانت توصيات الملك لاتنفذ فما بالك بمن هم اقل؟ كذلك الحال باالنسبة الى توصيات ولي العهد ورئيس الوزراء. الله المستعان.
محب البحرين
" إذا عشت في بلد الجمبزة, في زمن الجمبزة, فاعلم بأنه مطنزة"