تكاد معظم دول العالم أن تقف على فوهة بركان ينذر بالانفجار في شكل حروب علنية ومسسترة صغيرة لكنها غير محدودة تبدو وكأنها تعلن عن إندلاع حرب كونية ثالثة، ليست بالضرورة متطابقة في الشكل ولا في المضمون مع الحربين العالميتين اللتين اجتاحتا العالم في القرن الماضي، لكنها أيضا، وإذا ما قدر لظروفها أن تنضج، واندلعت نيرانها جراء ذلك، أن تُدخل العالم، بدوله كافة، أما المشتركة مباشرة في الحرب، أو تلك التي تؤجج بشكل غير مباشر أوار نيرانها.
من الطبيعي أن تكون الأسباب المباشرة التي قادت إلى أن تشب نيران ذينك الحربين مختلفة بعض الشيء عن تلك التي يمكن أن تقود اليوم إلى إشعال فتيل الثالثة، لكنها تشترك معها في الكثير من العوامل التي قادت لها.
فلو قدر لشخص أن يبتعد مسافة معينة من كوكبنا الذي نعيش فوقه، وتأمل بشيء من الموضوعية والتجرد في خارطة الكرة الأرضية التي نقطنها فلربما بدت له الصورة واضحة على النحو التالي:
1. على الصعيد الاقتصادي، هناك بوادر إنهيار كامل لقوانين النظام الاقتصادي العالمي القائم يمس بنيته الداخلية، وهياكله الأساسية، تعبر عن ذلك الأزمات المالية الطاحنة المتنامية، وبوتيرة متسارعة، والتي هزت أساسات أقوى اقتصاد فيه وهو الاقتصاد الأميركي، الذي يشكل 52 في المئة من قيمة الاقتصاد العالمي، وانظم إليه في وقت لاحق الاقتصاد الياباني الذي يشكل مع الاقتصاد الأميركي نحو40 في المئة من قيمة الاقتصاد العالمي. ولم تنجُ من تداعيات ذينك الاقتصادين، اقتصادات إقليمية عريقة راسخة مثل الاقتصادات الأوروبية، ومن بينها تلك المتقدمة مثل ألمانيا، وبعض الدول الإسكندنافية، التي أعلنت إحداها، وهي إيسلندا، إفلاسا قوميا.
وامتدت ألسنة الأزمة كي تطال دول الاقتصادات الناشئة، مثل الصين وروسيا والبرازيل والهند التي تباطأ نموها أولا، ثم اضطرت إلى اتخاذ إجراءات تراجعية احترازية، حدت من خططها التنموية الطموحة، خشية من مباغتة تداعيات أزمة السوق الأميركية على أسواقها بشكل سلبي. حتى الدول ذات السيولة النقدية العالمية مثل الدول الخليجية المصدرة للنفط، لم تستطع حماية اقتصادياتها، ولعل في تصريحات المسئولين فيها عن الخسائر التي بلغت عشرات المليارات من الدولارات، خلال فترة زمنية قصيرة لاتتجاوز العامين، شواهد لا يربو لها الشك على وصول أعراض الأزمة إليها.
2. الأمر يزداد سوءا على الصعيد السياسي، حيث يشهد العالم عودة إلى مرحلة الأشكال الاستعمارية التقليدية التي يفترض أن تكون نتائح الحرب الكونية الثانية قد كنستها. فهناك عودة إلى اللجوء إلى الاحتلال العسكري المباشر من قبل جيوش الدول العظمى لدول صغيرة.
يتم ذلك تحت شعارات مختلفة من أبرزها «الحرب على الإرهاب» أو «مواجهة التطرف الديني». تشهد على ذلك أحداث شهدتها ساحات مثل أفغانستان أولا، والعراق فيما بعد.
مقابل ذلك هناك المجازر المتكررة التي لاتتوقف آخذة شكل تفجيرات مختلفة بات يعاني منها الكثير من عواصم العالم دون أي استثناء. لعل جذورها الحديثة تبدأ من العام 2001، عند ما تم تفجير برجي مركز التجارة الدولي في نيويورك، ولاتزال نيرانها مشتعلة في دول مثل باكستان وإندونيسيا، بل وحتى اليمن. هذه البؤر المتفجرة، اتسع نطاقها على المستوى الكمي حيث بات يزداد عدد الدول التي تعاني منها، كما ارتفع أيضا، وبشكل غير متوقع، عدد الأرواح البريئة التي تذهب في كل عملية، وتطورت على المستوى الكيفي، حيث باتت تستخدم طرق تفجير متقدمة تستعين في تطبيقاتها بأكثر تقنيات صناعة المعلومات والاتصالات تقدما.
3. والأوضاع تزداد ترديا على المستوى العسكري، ويعكس ذلك ظاهرتان، الأولى قريبة من حالات الحرب الباردة، حيث عادت الدول الكبرى، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة، إلى تعزيز قدراتها العسكرية على المستوى الذاتي، ومن خلال تقوية أحلافها العسكرية الصديقة أيضا، وعلى وجه التحديد حلف الناتو. يتم ذلك على نحو مواز مع تأجيج الحروب ضد بعضها البعض في متاخمة للدول العظمى المتحاربة. فبينما تقف واشنطن إلى جانب جورجيا في حربها ضد روسيا، تتحالف هذه الأخيرة مع فنزويلا في معاركها ضد الولايات المتحدة.
يترافق ذلك مع فقدان الدول العظمى احتكارها لقدرتها على تصنيع الأسلحة الذرية أولا، وفلتان الأمر من تحت سيطرتها فيه على حجر أسرار الصناعة العسكرية النووية على الدول الصغير ثانيا. فاليوم بات العالم يسمع عن امتلاك دول مثل باكستان وإيران وكذلك كوريا الشمالية، لأسرار الصناعة النووية. وليس القصد هنا الانضمام إلى المعسكر الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الملفات النووية في كوريا الشمالية أو إيران، بقدر ما هو الإشارة إلى خطورة اتساع نطاق القدرات العسكرية التي لم تعد محصورة في يد الدول العظمى، وإنما بات في وسع دول مثل إيران أو كوريا الشمالية امتلاك القدرات العلمية وتحمل التكاليف المالية لبناء صناعة نووية متقدمة، بما يشمل القطاع العسكري أيضا.
وفوق كل تلك الظواهر المعبرة في جوهرها عن أزمة كونية حقيقية، بوسعنا أن نضيف الأزمات الاجتماعية مثل ارتفاع معدلات الفقر، وزيادة معدلات البطالة، حتى في الاقتصادات المتطورة مثل الولايات المتحدة، والتي إذا ما وضعت جنبا إلى جنب مع تلك الثلاث الأولى، فهي بلاشك تشكل في عمقها نُذر حقيقية باندلاع حرب كونية ثالثة، يصعب التكهن بالأشكال التي ستتمظهر فيها ومستويات الدمار التي ستلحقها بالإنسانية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2574 - الأربعاء 23 سبتمبر 2009م الموافق 04 شوال 1430هـ
الحرب العالمية الثالثة من المحتوم
حدوثها وبات من القريب جداً وقوعها ولقد ذكرها رسول الله عليه السلام وأهل بيته في الكثير من الأحاديث الشريفه وهو من علم الغيب الذي خصه الله سبحانه وحده من الأنبياء وستكون متلازمة مع الوباء القاتل فثلث العالم يموت في الوباء والثلث الثاني في الحرب المدمرة التي ستطير ببعض القارات والثلث الأخير في الزلازل والأعاصير ويبقى الثلث والله أعلم. ام محمود
خالد الشامخ: شدعوه..
بالعكس العالم سيشهد استقرار و ازدهار و زوال الدول المستبده التي تغتصب المعارضين في سجونها..
صحيح بل مؤكد
اخي الكاتب ان ما تقوله صحيح مائة في المائة وبودر هذه الحرب واضحه على كل باب عوضا عن الدول والناظر بعين بصيره لما يجري حولنا أو عندنا يستطيع ان يرى البشريه فردا وجماعات تعمل بكل جهدها لتجمع وقود هذه النار ومتى ما قدر لها ان تنفجر فلن تبقي ولن تذر وكم من الصلحاء من يدعون للاصلاح على جميع المستويا ومن يسمعهم ؟؟ من دعى للاصلاح حورب ومن دعى للدمار نصر وسلط وزيد في قوته وكل هذا يعجل الفناء وينزل البلاء فنستعين بالله على كل بليه وهو المالك الحق لا شريك له
التدمير الذاتي
شكرا جزيلا يا استاذ عبيدلي ,
قد يظن البعض ان الموضوع يحمل شيئأً من السوداية في طياته و لكن المتأمل بعين
الواقع يجد ان المجتمعات تمر بمرحلة التدمير الذاتي على جميع الاصعدة والمستويات بدون اسثناء.