أتذكر عندما كنا صغارا، لا شيء يغرينا يوم العيد أكثر من التوجه الى الفلل الفارهة والبيوت الفخمة والحدائق الغناء (الكامبونات)، فكانت شلة الأصدقاء تستهدف الفاخر من البيوت أملا في الحصول على عيدية «راهية» تملأ جيوبنا بالأنواط الورقية بدلا من العملات المعدنية من فئة (النُّص أو الأربعآنات)... الخمسة والعشرون فلسا أو الخمسون فلسا كانت بالنسبة لنا معقولة جدا، لكن حبذا لو طرقنا الباب وصرخنا بصوت واحد: «عيدكم مبارك» فيخرج رب أو ربة المنزل وتشفي غليلنا بعيدية من فئة الدينار أو الخمسمئة فلس... فما أحلاها من عيدية.
لكنها مغامرة محفوفة ببعض المخاطر التي لم نضعها في الحسبان أول مرة، وبعد التجربة، صرنا نحتاط لها كثيرا في الأعياد التالية حتى أن بعضنا كان يعيد إلى الأذهان الذكرى التي تنفع الحالمين بالعيادي الراهية: «عاد ها... إذا شفتون باب البيت مكتوب عليه (احذر كلاب شرسة). ما نعيد عليهم... ولا نقترب من بيتهم أصلا».
ذات عيد، توجهنا إلى منطقة الزنج الجديدة... كان ذلك في العام 1977 تقريبا وكنت مع أصدقائي في العاشرة من العمر... طرقنا جرس منزل فخم على رغم أن بابه كان مفتوحا، ولم يخرج أو يرد علينا أحد... فقررنا الدخول للوصول إلى باب المنزل الداخلي فلعل أهل المنزل نيام! لم يكن يهمنا أن نوقظهم من النوم في صباح يوم العيد... المهم بالنسبة لنا أن نحظى بالنقود التي ستأتي من يد أهل منزل أغنياء على ما يبدو... لكن المفاجأة كانت غير سارة إطلاقا عندما انطلق كلب أسود ضخم مرعب من بين بعض الأشجار وتوجه نحونا وهو ينبح بصوت عال، وكان (المحظوظ) منا من استطاع أن يهرب وفي رجله فردة حذاء أو نعل أعزكم الله تاركا الأخرى هناك عند مدخل المنزل أو في جانب من الحديقة أو الطريق... والذي هاله الموقف واستسلم للبكاء بالقرب من باب المنزل متكوما على نفسه وهو يبكي من الخوف، فهذا لا عزاء له أبدا.
في بعض الأحيان، لا يتردد البعض منا وهو ينصرف صفر اليدين من أمام باب أحد المنازل وهو يصرخ: «يا بخلاء»... يحدث ذلك عندما نطرق باب منزل ونرفع الصوت بأهزوجة العيد ليخرج لنا أحدهم ويقول: «عيدنا مو اليوم... باجر»، فنفرح ونقول: «هذا منزل سنعود له غدا... لا بأس، هناك فرصة للمزيد من العيادي في يوم آخر»، وعندما يأتي «باجر» ونتوجه إلى المنزل الذي ثبت عيدهم ليخرج لنا شخص آخر ويقول: «عيدنا مو اليوم... احنه عيدنا أمس»... ولا مجال هنا للقول أننا جئنا بالأمس وقلتم لنا أن عيدكم اليوم... فبعد الطردة غير اللطيفة، يصرخ بعضنا واصفا أهل المنزل بالبخل.
هي ذكريات طفولية جميلة، لا تبارح الذاكرة أبدا ونحن الكبار اليوم، يحتار بعضنا في كيفية توفير موازنة لعيدية الأطفال، ونشعر بالحيرة حين نتوجه إلى المصارف ونكتشف أن العيدية (خلصت)... فندور على محطات الوقود والمحال التجارية وحتى بائع السمبوسة لنسأله برجاء إن كان في إمكانه توفير (بعض الخردة) نوزعها على الأطفال لنرسم على وجوههم البسمة، دون خوف من كلاب شرسة أو محاولة للتخلص منهم حتى لا يقولوا عنا: «بخلاء وعندهم كلب شرس».
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2573 - الثلثاء 22 سبتمبر 2009م الموافق 03 شوال 1430هـ
ارجعتنا للذكريات
الله
رجعنا لذكريات الطفولة في العيد..
يا سلام.. بس ما اظن ان اطفالنا اليوم يعيشون مذاق نفس ما كنا نعيشه في أعيادنا السابقة..
أما سالفةالكلب الشرس فياما عانينا منها لكن في سبيل العيدية الراهية كل شيء يهون
بس مثل ما قال اخونا (سفيه).. بالفعل، لازم نتخلص من العيدية من أجل اقتصاد مرموق..!!!!!
وات ؟؟
عملية ... اقتصاد !! ... تااااااااااه ... طلع واحد على راسه ريشه بطة وبسرعة تحسسها
سفه!!!
من العملية والاقتصاد التخلص من هذه العادة