العدد 2571 - السبت 19 سبتمبر 2009م الموافق 30 رمضان 1430هـ

ضمانات الانتخابات الحرة والنزيهة والعادلة (1)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

عرفت الحضارات الراقية ظاهرة الانتخابات والتي تفاوتت في أشكالها وشموليتها ومن يحق له المشاركة فيها وصلاحيات المجالس المنبثقة عن هذه الانتخابات.

ولا تمر أيام إلا ونحن نسمع عن انتخابات إما نيابية أو رئاسية أو محلية في هذا البلد أو ذاك. ويتفاوت تأثير الانتخابات في الحياة السياسية على السكان من بلد لآخر ومن منطقة لآخرى تفاوتا شديدا.

والذي يترقب الرأي العام في بلد ما تجرى فيه الانتخابات فإننا نرى إن هناك تحضيرات واسعة تقام لأشهر ويرافقها الحماس، وتترتب على نتائجها أثار مهمة. في حين أن هناك انتخابات تجرى لا تحضى بالاهتمام حتى من قبل شعب وناخبي البلد الذي تجري فيه، ولا يترتب عليها أي آثار.

من هنا الفرق مابين انتخابات تقام ضمن آليات النظام الديمقراطي الحق وتعكس حراكا سياسيا إيجابيا وتنافسا بين البرامج والقوى، وتجتذب اهتمام جمهور الناخبين ويترتب عليها مؤسسة تشريعية تشكل ركيزة أساسية في بنية الدولة الديمقراطية وسلطة أساسية من سلطاتها، وهذا النوع من الانتخابات هي الانتخابات اليابانية والتي أطاحت بالحزب الليبرالي الذي حكم البلاد لعقود وفوز الحزب الديمقراطي على أساس برنامج مختلف تماما ووعود بتحقيق أماني الشعب. وبالمقابل أجريت مؤخرا انتخابات في لبنان وموريتانيا لم يترتب عليها تغيير في النخبة الحاكمة أو انعطاف عن السياسات القديمة أو أمل بالتغيير. فما هي ضمانات الانتخابات الحرة والنزيهة التي تجعل الانتخابات ذات معنى؟

أولا: الانتخابات كحق أساس من حقوق الإنسان

جاء في المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة العام 1948:

1 - لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلده أما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحرية وهذا الشخص رجل أو امرأة، فقد جاء في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في الجزء الثاني المادة (7) ما يلي:

«تتخذ جميع الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل الحق في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة والأهلية والانتخابات لجميع الهيئات التي يُنتخب أعضاؤها بالاقتراع العام».

وجاء في المادة الأولى: «للنساء حق التصويت في جميع الانتخابات بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون تمييز».

المادة الثانية: «للنساء الأهلية في أن ينتخبن لجميع الهيئات الانتخابية بالاقتراع العام المنشأة بمقتضى التشريع الوطني بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون تمييز». وبالنسبة لحق الانتخابات والترشيح دون تمييز لجميع فئات الموطنين، حيث كانت بعض الفئات مثل السود في جنوب إفريقيا يستثنون من هذا الحق، حيث ضمنته الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرين حين الزمت المادة (3) الدول الأطراف في الاتفاقية بتحريم جميع أشكال التمييز. ونصت المادة (5 ج) على المساواة في الحقوق السياسية ولا سيما حق الاشتراك في الانتخابات اقتراعا وترشيحا على أساس الاقتراع العام المتساوي، والإسهام في الحكم وفي إدارة الشئون العامة على جميع المستويات.

بالنسبة لمملكة البحرين فقد نص دستور دولة البحرين لعام 1973 على ما يلي:

- الباب الأول (الدولة) مادة (1 - د) «نظام الحكم في البحرين ديمقراطي السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعا وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين في الدستور».

- وتنص المادة (43) من الفصل الثاني (السلطة التشريعية) على انتخاب أعضاء المجلس الوطني بطريقة الانتخاب العام السري المباشر وفقا للاحكام التي بينها القانون، وقد جاء القانون المنظم ليحصر الناخبين في المواطنين الذكور ممن بلغوا 21 عاما.

- وبالنسبة لدستور مملكة البحرين لعام 2002 فقد أبقيت على المادة (11) فقرة (د) دون تغيير وتغيير موقع المادة (43) لتصبح المادة 56 لكن التغيير في القانون المعني بالانتخابات جاء في بعض جوانبه إيجابيا وآخر سلبيا:

1 - إيجابي: من حيث النص على أن المواطنين رجالا ونساء، كما جاء في الميثاق وخفض سن الاقتراع إلى 20 عاما.

2 - سلبي: من حيث إن السلطة التشريعية أضحت من مجلسين، مجلس الشورى المعين ومجلس النواب المنتخب، وبذلك أضعفت سلطة الشعب المعبر عنها بمن ينتخبهم ويشكلون مجلس النواب.

ثانيا: تطور الحق في الانتخاب

1 - المدن اليونانية

حصر الانتخاب في المدن اليونانية بالمواطنين الأحرار وهم النخبة، وكذلك الأمر بمن يحق لهم انتخاب مجلس الشيوخ في الامبراطورية الرومانية.

2 - في غالبية الديمقراطيات الغربية.

- حصر حق الانتخاب في الملاك وأرباب العمل لقرون ومثال ذلك ما ترتب عليه الماجنا كارتا في المملكة المتحدة في القرن الثالث عشر والذي أسس لحق انتخاب ملاك الأراضي.

- حرمت المرأة من حق الانتخاب والترشيح حتى نهايات القرن التاسع وأوائل القرن العشرين.

- في الولايات المتحدة، حرم الملونين من حق الانتخاب والترشيح حتى إقرار المساواة في عهد الرئيس لنكولن.

ثالثا: موقع العملية الانتخابية في النظام الديمقراطي

تعتبر العملية الانتخابية ركنا أساسيا في النظام الديمقراطي بكل تلاوينه وتعتبر المؤسسة التشريعية المنتخبة أحد أركان الدولة الديمقراطية الثلاثة وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وفي بعض الأنظمة هناك سلطة رئاسة الجمهورية والسلطة الملكية.

إن الغالبية العظمى لدول العالم تجري انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية وحكم مجلس وبلدية فهل يعني ذلك أنها ديمقراطية؟

بالطبع لا، ونحن لو نظرنا إلى منطقتنا العربية فإن جميع الدول العربية باستثناء الصومال والسعودية وقطر تجري انتخابات وطنية كالانتخابات الرئاسية أو انتخابات السلطة التشريعية أو المحلية أو البلدية فهل دولنا العربية ديمقراطية؟ يمكن القول إن بعض الدول العربية تسير بتعثر نحو الديمقراطية.

إذا هناك اشتراطات لتكون العملية الانتخابية رافدا لعملية التحول الديمقراطي وأن ينتج عن هذه الانتخابات مجلس تشريعي يعكس فعلا إرادة الناخبين ويعبر عن القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنوع السياسي والثقافي والاثني والديني.

فإذا تكررت الانتخابات في أي بلد دون أن تؤدي إلى تداول للسلطة فإنها ليست انتخابات حقيقية وليست انتخابات حرة نزيهة أو عادلة.

وعلينا أن نتذكر أن معظم الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية في عالمنا العربي والعالم الثالث يضفون على حكمهم الشرعية من خلال الانتخابات والاستفتاءات. وبعد أن كانت نتائج الفوز 99 في المئة تواضع الحكام العرب المستبدون إلى ما فوق 80 في المئة. كما أضحى لدينا ظاهرة الرئيس الأبدي، وتوريث الحاكم الجمهوري الحكم لأبنائه.

أما الانتخابات البرلمانية في ظل هذه الأنظمة، فإنها تعيد دائما حزب الرئيس إلى البرلمان بالأغلبية التي يحددها هو أو أن أحزاب الأكثرية تنقاد مطواعة للرئيس والذي يختار قيادة البرلمان ومجلس الوزراء وكبار قيادي الدولة المدنيين والعسكريين. والبرلمان على أية حال أداة لإضفاء الشرعية على الرئيس المطلق.

إذا ما هي الضمانات لكي تكون الانتخابات حرة ونزيهة وعادلة؟

بالطبع ليس هناك حد مطلق فالمسائل نسبية، ولكن المهم هو أن تعكس الانتخابات الإرادة الحرة للناخبين، وأن تكون نزيهة، وأن تكون عادلة على قاعدة ناخب واحد صوت واحد، وهناك عدة متطلبات لتحقيق ذلك

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2571 - السبت 19 سبتمبر 2009م الموافق 30 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً