العدد 2571 - السبت 19 سبتمبر 2009م الموافق 30 رمضان 1430هـ

الإصلاحات الاقتصادية لاتكفي لوحدها... الصين مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في 1 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل ستحتفل جمهورية الصين الشعبية بالعيد الوطني الستين، ومن المتوقع أن تنظم الصين احتفالات ضخمة تشمل عرضا عسكريا لمئات من الكتائب والوحدات العسكرية الأرضية والجوية والدبابات والمعدات الثقيلة والصواريخ النووية الاستراتيجية والمدفعية وقاذفات القنابل واستعراضات شتى لسلاح البحرية، وفيالق الشرطة المسلحة والخاصة وقوات الاحتياط. كما من المتوقع أن تستعرض الصين إنجازاتها خلال ستين عاما، وكيف أنها صنعت أول قنبلة نووية في العام 1964، وبعد ذلك قنبلة هيدروجينية في العام 1967، وأطلقت قمرا صناعيا في 1970، وحصلت على حق النقض في مجلس الأمن الدولي، وأطلقت مركبة فضائية في 2003، واستضافت دورة الألعاب الأولمبية في 2008... الخ. ومن دون شك، فإن أي إنسانٍ محايدٍ لابد وأن يعجب بالتجربة الصينية، وكيف تطورت بشكل لافت لتحتل موقعا مرموقا بين دول العالم.

ولكن التاريخ الصيني الحديث يحتوي أيضا على أحداث ومظاهرات «ميدان تينانمن» التي وقعت في الفترة بين 15 أبريل/ نيسان 1989 و4 يونيو/ حزيران 1989، وهي أحداث لن تذكر في الاحتفالات الرسمية المقبلة لأسباب مفهومة، ولكنها مهمة لمن يدرس الخيارات الصعبة التي تواجه أي نظام سياسي في فترة من الفترات. فالنقطة المهمة التي يستذكرها التاريخ هو أن القيادة السياسية الصينية قررت في 1989 «تأجيل» الإصلاح السياسي، بدلا من الاستجابة لمطالب كانت مطروحة داخل صفوف الحزب الشيوعي الحاكم قبل أن تصل إلى الشارع.

كان قائد الحزب الشيوعي «دنغ شياو بينغ» قد أدار الصين بحرفية عالية وانتهج سياسة للإصلاح الاقتصادي بدأها في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وسرعان ما أتت الاصلاحات الاقتصادية بنتائج إيجابية ملموسة. وعليه توجهت أنظاره مع باقي قيادة الحزب الشيوعي إلى طرح إصلاحات سياسية لمواكبة التطور الاقتصادي. وعليه تولى تنفيذ هذه السياسة رموز من الصف الأول، مثل «هو ياو بانغ». ولكن وجد البعض أن الإصلاح السياسي يتطلب مساءلة، ولذا تعرض «هو ياو بانغ» لضغط شديد اضطره للاستقالة من منصبه كسكرتير للحزب في 1987. ولكن شعبيته ازدادت حتى وفاته المفاجئة في 15 أبريل 1989، وكانت هذه البداية لتجمع الطلاب والناس في «ميدان تينانمن»، وهي مظاهرات استمرت وتصاعدت واحرجت القيادة الصينية، وانتهت بقمع مباشر عبر استخدام القوة في 4 يونيو1989.

البعض يشير إلى أن القائد الشعبي «هو ياو بانغ» كان قد أراد البدء بالاصلاح السياسي عبر مواجهة بعض مظاهر الفساد الإداري الذي نتج عنه ثراء فاحش ومبهم لبعض المسئولين في الحزب الشيوعي، ولكنه منع من ذلك، وتم قمع انتفاضة انفجرت بعد وفاته. غير أنه وبعد مرور عشرين عاما من تلك الأحداث التي رفعت شعارات المساءلة، فإن الأسئلة ذاتها مازالت تطرح داخل مجموعات المصالح واللوبيات ضمن تركيبة الحزب الحاكم... بمعنى آخر فإن إخماد مظاهرات «ميدان تينانمن» ربما قمع «ثورة مخملية» ولكنه لم يخمد الأسئلة، ولم يحل الإشكالات التي لايمكن حلها من خلال الإصلاح الاقتصادي فقط، أو باستخدام القوة فقط، وهي النتيجة ذاتها التي كان قد توصل إليها قادة الحزب الشيوعي الصيني في ثمانينيات القرن الماضي

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2571 - السبت 19 سبتمبر 2009م الموافق 30 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:24 م

      الأصلاح الاقتصادي يكفي (دبي على سبيل المثال)

      أنا أختلف مع الطرح القائل بعدم كفاية الاصلاح الاقتصادي لأن المهم بالنسبة للناس هو حياتهم ورفاهيتهم أكثر من وجود برلمان يعقد الأمور ويديره أناس ليسوا بأكفاء لا سياسيا ولا اقتصاديا ولا اجتماعيا مثل الموجود عندنا في المملكة. المواطنون والأجانب في إمارة دبي مرتاحون من الوضع ولا يفكرون لا في برلمان ولا برلمانيون. وهذا الأمر موجود حتى في أعرق الديموقراطيات مثل أمريكا ودول أوروبا فهم يرون بأن الحياة السياسية قذرة ويقف وراءها أثرياء البلد ويهيمن على أطروحاتها بارونات الاعلام و أسواق المال.

    • زائر 4 | 1:18 م

      لقوة المتنامية والثقل العسكري للصين 2

      والجسور على نهر اليانغتسى تشهد على ستين سنة من النجاحات المتتالية. ونرى دولة الإمارات كيف وصلت إلى مصاف الدول المتقدمة عندما حاربت كل أشكال وأنواع الفساد الإداري ولاحقت المسئولين ونجحت في ذلك فهل سيكون النجاح حليفنا بعد الاصلاحات الكبيرة في مملكتنا؟ أدعو الى وحدة الصف والكلمة والابتعاد عن التشرذم لتحقيق ذلك .وبالنسبة إلى موضوع الأمس فأقول إن التعامل بالربا هو السبب في الأزمة العالمية وسقوط وتدهور البنوك والشركات العقارية. ام محمود

    • زائر 3 | 1:08 م

      لقوة المتنامية والثقل العسكري للصين 1

      يتطلب وقفة للتأمل وأخذ الدروس والعبر لهذه الجمهورية القوية في كل المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والتكنولوجية وشعبها الذي يعمل بكل جد ونشاط ليلاً ونهاراً واستطاع أن يحقق الكثير من الانجازات والتطورات المذهلة ولا يوجد بها أي ترحيب للفساد الإداري وسرقة الأموال وسيكون لها دورا في السياسة العالمية مستقبلاً وأشار رئيس مجلس الدولة ون جيا باو إلى أن حملة الإصلاح والانفتاح على نحو خاص حشدت إبداع الشعب الصيني، وضخت قوة وحيوية في البلاد. و يوجد بها 20 مليون مسلم نصفهم من قومية هوي .

    • زائر 2 | 4:53 ص

      هل الرسالة صحيحة؟؟؟

      ما ترمي اليه يا دكتور اصبح يدور بخيال العديد ولكن هل هذا صحيح!!؟؟؟ الكثير من الناس المراقبين يرددوا ان الاصلاح الاقتصادي ليس كافي... لوس أنجلس تايمز وفي مقالة عن البحرين تطرقت او دارت حول نفس الفكره.. ولكن ومرة اخرى هل هذا صحيح؟؟ انا شخصيا ارى ان ما تقوله صحيح ولكن متى سيأتي الاصلاح السياسي؟؟بعد ما يتمترس المفسدون وتقوى سلطتهم بالمجنسين والمتشددين الاسلاميين؟؟!!

اقرأ ايضاً