العدد 2570 - الجمعة 18 سبتمبر 2009م الموافق 28 رمضان 1430هـ

الدراما العربية تستعرض الجوانب السوداوية في المجتمع

مسلسلات تحكي قصص الناس اليومية

لا يستطيع أحد اليوم أن ينكر على الدراما العربية تقدمها وتطورها في مجالات عديدة، فمن المسلسلات البسيطة الموازنة والمتواضعة الأداء - وخصوصا قبل الفضائيات - إلى أنموذج أعمال تقارب الواقع وتحكي عن مواضيع مجتمع غني بالقضايا الشائكة والجديرة بالطرح.

وهذه التغيرات والمراحل التي وصلت إليها هذه الأعمال تفاوتت ما بين منطقة وأخرى، فمازال الصراع على الصدارة يدور ما بين الدراما السورية والمصرية، الذي باتت كفته ترجح في غالبية الأحيان للدراما السورية، فيما دخلت خلال السنوات الأخيرة الدراما الخليجية ميدان السباق بنفس طويل وإصرار مثابر.

وتأتي المسلسلات التي تحكي القضايا الإشكالية المعاشة بين الناس في صدارة الأعمال التي تستقطب المشاهدين وتثير الحوار والجدل بينهم، فهي تقتبس من شيء نعيشه، لا يحتاج إلى الرجوع إلى مصادر تاريخية لنوثق واقعيته، وخصوصا عند الحديث عن أمور واضحة على السطح، نراها ونسمع عنها يوميا في حياتنا.

أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تزايد هذا النوع من المسلسلات، مناداة الكثيرين لسنوات وسنوات بضرورة تطرق الدراما العربية إلى ما يحدث من قصص في حياة المواطن العادي، ودور هذه الدراما في تحقيق خطوة في سبيل تصحيح وتسليط الضوء على إشكالات لطالما عشناها، وكثيرا ما تجاهلناها... إلا أن جبهات أخرى بدأت تنتقد وتعترض على هذه الأعمال، معتبرة إياها نماذج للتعدي على حرمات المجتمع وخصوصياته، وأن فيها من التجاوزات والتصوير السوداوي لبعض جوانب الحياة ما يجعل الكثيرين يرسمون صورة مغايرة للحقيقة عن طريقة الحياة في البيئات العربية المختلفة.

فكثيرة هي الأعمال التي اتهمت بتحويل المرأة العربية إلى تابعة لا حول لها ولا قوة، مهزومة وقيمتها لا تتعدى الإنجاب وصنع الطعام... وغير تلك من الأعمال حولت الشباب العربي إلى أولاد عاقين لأهاليهم، تخرجهم عن الطريق السوي أقل هزة لحياتهم، فيما عرضت أعمال أخرى، وخصوصا الخليجية، العنف والضرب كوسيلة للتعامل ما بين أفراد الأسرة. وكل هذه الأمور على رغم واقعية بعضها، فإنها مازالت حالات قليلة، لا يمكن تعميمها وتصوير حياة المجتمع وقضاياه من خلالها.

ويبرر البعض هذا التصوير الموصوف بالسوداوي أحيانا، بضرورة النص الدرامي الذي يحتاج إلى التكثيف ليظهر باطن الشخصية بوضوح، فيخلق نوعا من رد الفعل والتفاعل لدى المشاهد، ولهذا في كثير من الأحيان يكون التركيز على بعض جوانب قصة أو شخصية سببا في خلق هذا النوع من الانطباع بسلبية الأحداث، فقد تكون هذه الصفات برديئها وجيدها صفات موجودة في العديدين إلا أن تنوع صفات الشخصية تؤخرها أحيانا، فلا تظهر بشكل دائم لدى أصحابها.

وتكمن المشكلة بحسب رأي المنتقدين لتطرق الدراما إلى قضايا المجتمع بهذه السوداوية في أنها خلقت نوعا من المواقف من بعض الأمور لدى الناس، مع تراكم القصص ومحاولة محاكاة الواقع بأقصى درجة ممكنة. فعلى سبيل المثال بات المشاهد العربي يتخوف على أبنائه أكثر من السابق، لكثرة القصص التي تستعرضها الدراما العربية، التي تتحدث عن انحراف الشباب لأتفه الأسباب، على رغم أن أي انحراف لا يأتي من مجرد مصادقة صديق، أو التعرض لأزمة معينة، إنما استعداد الشخصية ذاتها وأساسها التربوي الضعيف هو من يوجهها وييسر تحولها إلى نمط تعبير خاطئ.

وفي مقابل كل هذه الانتقادات، لا يمكن إنكار دور الدراما العربية في السنوات الأخيرة في تسليط الضوء على الكثير من القضايا الهامشية في المجتمع، التي تم التستر ومداراة الكثير من تفاصيلها. وفي بعض الأحيان لم يكن دور المسلسل التلفزيوني مجرد الاستعراض والإبراز، بل لعب دورا في خلق نوع من الرأي العام الإيجابي الساعي للبحث عن حلول ومخارج، لقضايا لطالما أزعجتنا وتمنينا أن يوجد حل جماعي يسعى باتجاه غالبية شرائح المجتمع.

العدد 2570 - الجمعة 18 سبتمبر 2009م الموافق 28 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً