العدد 2569 - الخميس 17 سبتمبر 2009م الموافق 27 رمضان 1430هـ

يومٌ بأية حال عدت يا قدس!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ستون عاما من احتلال الجزء الأول من فلسطين، وأربعون عاما من احتلال الجزء المتبقي من فلسطين، بما فيها العاصمة المقدسة، القدس الشريف. ماذا تبقى من فلسطين ومن القدس ومن القضية الفلسطينية لنحتفل به؟

إنه فصلٌ جديدٌ من الملهاة الفلسطينية المتعدّدة الفصول، فالإنقسام بين فلسطينيي الداخل على أشدّه، بين حكومة «رام الله» التي لا تملك من أمرها شيئا، وانقطع حبل وصالها مع الاسرائيليين فلم يعد لديها ما تضيع به الوقت في ثرثرة المفاوضات بعد مجيء حكومة المتطرفَيْن نتنياهو - ليبرمان؛ وبين حكومة «حماس» في قطاعٍ محاصرٍ عربيا ودوليا منذ عامين، وممنوع من الدواء والغذاء وحتى من إعادة البناء. أما فلسطينيو الشتات فأصبحوا بضاعة مزجاة يُساوَم عليها سرا من وراء الكواليس، ليجري توطينهم وتتم تصفية ذيول أطول قضية اضطهاد في التاريخ.

إسرائيليا اليوم، لم تعد نكتة «الأرض مقابل السلام» صالحة للاستهلاك، بل هناك مطالب واضحة بالاعتراف بأن «إسرائيل» دولة يهودية خالصة، وبالتالي إقرار الشعب الذي تمت إزاحته من أرضه بالهزيمة النهائية، ليبدأ البحث عن وطنٍ آخر له في قارة إفريقيا أو أميركا اللاتينية، والخروج نهائيا من التاريخ.

«إسرائيل» اليوم لم تعد مستعدة لتقديم أي قدرٍ من التنازلات، ورغم محاولة الأميركيين معهم لتكحيل العرب مؤقتا لم تنجح، فعندما أراد الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما تمثيل دور عرّاب السلام العادل الجديد، لم يتجاوبوا معه، وأصروا على إفشال حركته التمثيلية. ولما استعطفهم لإيقاف الاستيطان ستة أشهر وتجميد بناء المستوطنات، ومراعاة وضعية القدس، ردّوا عليه ببناء 2500 مستوطنة جديدة، وخاطبوه بصراحة متناهية: لن نوقف الاستيطان ولا يوما واحدا... والقدس عاصمتنا الأبدية أيها المغفل، وليست مستوطنة أصلا!

تمثيلية السلام الأميركية إذا أصبحت في مأزق، حتى مبعوثهم العجوز جورج ميتشل هزأ به الاسرائيليون، فخرج من ثلاث جولات من المفاوضات الفاشلة معهم، ولم يجد من يواصل معه الثرثرة ولعبة تضييع الوقت غير محمود عباس، ليقنعه شخصيا بمواصلة المفاوضات!

مع ذلك فليس المأزق مأزق الأميركيين، ولكنه مأزقنا نحن العرب، الذين ضعنا وأضعنا ماضينا وحاضرنا، ونسعى جاهدين لإضاعة مستقبلنا أيضا. فبعد ستين عاما من الصراع والظلم الذي نالنا، والحروب التي ذهب ضحيتها ملايين من شهدائنا، نفكّر بتقديم أكبر هدية للعدو، بعرضٍ تاريخيٍّ مغرٍ جدا، وهو التطبيع الجماعي، ومقابل... لا شيء.

المطلوب أميركيا اليوم أن نقدّم لفتة إنسانية كريمة تجاه «إسرائيل»، فلا يجوز بعد اليوم أن نستمر في عداء جارتنا، ولابد من الانفتاح على الشعب الاسرائيلي المحب للسلام! وعلينا أن ننسى أنه الشعب الوحيد الذي يمارس كامل حريته في انتخاب حكومته، من أقصى اليمين وأقصى اليسار، دون تزويرٍ أو شراء أصوات، أو تلاعبٍ بالمراكز العامة. علينا أن نتفهم هذا الشعب المتحضر المحب جدا للسلام، فالخطأ ليس خطأه فيما جرى منذ ستين عاما من حروب مدمرة آخرها في قطاع غزة، وإنما خطأ الفلسطينيين المتوحشين الذين لم يقبلوا من البداية بقيام دولة يهودية على أراضيهم، فعليهم أن يظلّوا يدفعون ثمن خطيئتهم تلك إلى يوم القيامة!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2569 - الخميس 17 سبتمبر 2009م الموافق 27 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:34 م

      يوم القدس

      يقول الإمام الخميني ( يوم القدس هو يوم المستضعفين على المستكبرين ) وهو يوم نتذكر فيه كل قضايا المستضعفين في العالم
      وقال السيد نصر الله في كلمته لهذا اليوم ( الحق حق والباطل باطل ولو اعترفت كل الانظمة العربية بهذا الكيان لن ولن نعترف به نحن )

    • زائر 5 | 5:32 م

      وين الحديث عن يوم القدس؟

      غريب أين الحديث عن يوم القدس العالمي ؟ لو صار حرام التطرق لهذا اليوم؟

    • زائر 4 | 10:55 ص

      قارن بين البحرين وفلسطين!!!!!

      "ردّوا عليه ببناء 2500 مستوطنة جديدة، وخاطبوه بصراحة متناهية: لن نوقف الاستيطان ولا يوما واحدا... " , وماذا ردوا على دعواتك لوقف التجنيس في البحرين؟

    • زائر 2 | 8:18 ص

      البحرين

      ياسيد ان وضعنا هنا في البحرين اكثر سوءا من فلسطين حيث تتم عملية طمس واسع للهويه واستيطان بشري هائل وتطهير عرقي على نطاق واسع ونحن نبتسم ونركز على قضايا الاخرين وننسا انفسنا. ان مايجري في البحرين لم يشهد له مثيل في تاريخ البشريه وان عدونا منا وفينا والفلسطينيين يعرفون عدوهم وسوف يخرج لامحال ام نحن فضربت علينا الذله ولا من معين.

    • زائر 1 | 10:37 م

      اسرائيل واغرائاتها.....

      دائما يصغون بعض العرب ذات النفوس الضعيفه لاغرائات اسرائيل.....لهذا اسرائئيل تقدم لهم اغرائات وتاخذ ماتريد ....لا تنفع النصائح من شرفاء العرب والايرانيين والمسلمين الغيارى على القدس

اقرأ ايضاً