العدد 2569 - الخميس 17 سبتمبر 2009م الموافق 27 رمضان 1430هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

#بسملاتٌ على لسان أسئلةٍ عاشقة# 

17 سبتمبر 2009

تشعشعَ المجدُ لمْ تُقرَأْ كواكبُهُ

إلا على جوهرٍ بالمكرُماتِ غني

سما فأورقتِ الدنيا بمشرقِهِ

وحرَّرَ الرُّوحَ مِنْ زنزانةِ البدنِ

وغسَّلَ الفكرَ لمْ يزرعْ روائعَهُ

إلا ليهزمَ فكرا غيرَ مُتزنِ

ما جاورَ الكفرَ والإلحادَ عالمُهُ

ولمْ تشاركهُ يوما رايةُ العفنِ

الزُّهدُ أوَّلُهُ والزُّهدُ آخرُهُ

وكلُّ دنياهُ بين الماءِ واللَّبنِ

الحِلْمُ جوهرُهُ والجودُ في دمِهِ

وكفُّهُ البرقُ أفنى عالمَ الوثنِ

ابنُ الفضائل لمْ أدخلْ فضائلَهُ

إلا وعالمُها في العشقِ جنَّنني

ساءلتُ عنهُ وفي نبضِ السؤالِ صدى

لكلِّ قلبٍ نقيٍّ مؤمنٍ فطِنِ

مَنْ ذا يكونُ ومِنْ أيِّ الوجودِ أتى

مِنَ التِّلاواتِ أمْ مِنْ خارجِ الزَّمنِ

فقيلَ لي إنَّهُ أحلى الجوابِ هنا

بين الملائكِ بين البحرِ والسُّفنِ

ذاكَ الإمامُ الذي مِن حسنِه انبثقتْ

كلُّ السَّماواتِ منْ حُسْنٍ إلى حسَنِ

كلُّ الكواكبِ مِن معناهُ قد سطعتْ

ونورُها فيه ما صلَّى معَ الوهَنِ

ابنُ النبوَّةِ لمْ تُخلَقْ مناقبُهُ

إلا لتُنشئَ فينا أجملَ السُّننِ

يا ابن فاطمةٍ يا ابنَ حيدرةٍ

يا وحيَ كلِّ جَمَالٍ عاشَ فيكَ غني

هذي جوارحُكَ الغرَّاءُ ما احتكمتْ

إلى التغطرسِ والطُّغيانِ والفتنِ

أنتَ الطهورُ الذي لمْ يقترنْ أبدا

ما بين لونيْنِ بينَ الطُّهرِ والدَّرنِ

على تلاوتِكَ الأزهارُ قدْ نطقتْ

شهدا وفيكَ هوى الأزهارِ ذوَّبني

إذا حضنتُكَ في عشقٍ ومعرفةٍ

فكلُّ حُسْنٍ معَ الأشواقِ يَحضنُني

رسمتُ وجهكَ في شعري وفي بدني

وفيكَ يظهرُ وجهُ المؤمنِ الفطنِ

مدائنُ العشقِ في روحِ الهوى نهضتْ

وأنتَ في العشقِ ما أحلاكَ مِنْ وطنِ

عبدالله علي الأقزم


أبو ماجد... قصةٌ لا تنتهي مع الوطن

كم مرة تمنينا أن نسكن كما تسكن الناس، ونلبس كما يلبسون، ونأكل كما يأكلون على أرض تراب هذا الوطن الذي هو حبه من الإيمان! بمكوناته وخيراته وذرات ترابه! حبه وولاؤه الذي لا يحتاج إلى دليل ولا إلى شهادة ولا إلى محام ولا إلى محكمة تثبته.

إن حب الوطن هو دين في قلوبنا، ولا يُشترى من السوق بثمن، بل ولا يقدر بثمن.

قد يكون كالماء ليس له لون ولا طعم ولا رائحة ولكنه كالدم يسري في عروقنا يبعث فينا الأمل.

ولا يُورد من الخارج في علب، كما تورد إليه اليوم مختلف الجنسيات.

هو كالشمس الوحيدة التي ترسل أشعتها لنا كل يوم! وليس هناك شمس ثانية.

كما ليس هناك وطن ثانٍ كما عاش فيه أباؤنا وأجدادنا خصوصا إذا كان الوطن هو البحرين.

ولكن للأسف جميع أحلامنا وتمنياتنا ذهبت أدراج الرياح. إنني وكغيري ممن يحملون هم السكن ويعيشون همه كل يوم ومآسيه كل يوم خصوصا وأنني أسكن مع والدي ووالدتي مع نصف دزينة أشقاء، تتفاوت أعمارهم بين العاشرة والثانية عشرة في ما تسمى شقة تتكون من غرفتين ننام في أحداهما ونتناوب النوم فوق أسرتها الثلاثة فقط التي نملكها.

ولا أعرف قيمة إيجارها ولكنني شاهدت والدي يدفع لصاحبها عشرة أنواط من الدنانير الخضراء قيمة إيجار الشهر، ولكن بعد ماذا؟ بعد معركة كلامية في كل مرة تنتهي بسلام بعد توسط الجيران في العمارة بالتوفيق بينهما بسبب إما تأخير دفع الإيجار، أو رفع قيمته، بينما على بعد أمتار من شقتنا توجد عمارة كبيرة فاخرة مفروشة يقطنها أجانب ومعهم عوائلهم ومركباتهم الزاهية؟

مسكين أبي... عادة ما يعود من هذه المعركة مهزوم الخاطر ومكسور القلب، فينزوي في خلوته ويتكوم على ملابسه كعادته، يفكر في إيجار الشقة للشهر المقبل عوضا أنه أيضا غائص في وحل من الديون والأوهام.

اقتربت منه وأنا أتمنى أن أجد وسيلة ترفع عنه هموم الإيجار ولكن ما باليد حيلة، رحت أتأمل وجه الذي بانت عليه خريطة الطريق! التي ضحكت بها أميركا و»إسرائيل» على العرب! المملؤة بالتعرجات والإنحناءات والخطوط العريضة التي تشبه الشوارع والطرق السريعة التي كان يقطعها بشاحنته ذهابا وإيابا وهو ينقل الأمانة التي تقدر بآلاف الدنانير وأي أمانة هذه؟ إنها الوقود... العملة الصعبة الذي ينقلك من بلد إلى بلد! ويجعلك تقول لا للدول الكبرى.

لكننا نقول لها نعم ألف مره... نعم النفط أغلى شيء في الوجود بعد الماء، ولكن أبي وغيره من الناس الذين لم يستفيدوا من فوائده كالعيش في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول! هذه الثروة الغنية التي لا تزال تتقاتل من أجلها دول كأميركا وأوربا بأساطيلها وبوارجها وتتناحر عليها أمم وشعوب.

أما الانحناءات التي في وجه فكما فهمت من والدتي إنها بسبب هموم وحجم المسئولة التي تحملها طيلة الأربعين عاما التي حملها وعرض حياته للخطر ضد النهب أو السرقة، كما يسرق الديزل الآن في عز النهار... (إنّا عرضا الأمانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها)... سورة الأحزاب.

واليوم وبدليل وبعد تقاعده، حذفه التاريخ من رزنامته، والجغرافية من خريطته، والوطن من خيراته، فلم يعد بقطع الطرق ولا التعرجات، اللهم إلا راتبه التقاعدي الذي لا يشبع حتى البهائم! فكيف بدرزينة أولاد؟

وذلك التكريم كشهادة وسام في الإخلاص وميدالية الأمانة حيث علقهما وسط الصالة! وفيها تبدوا صورته وهو يسلم على شاب صغير ووسيم بملابسه وهندامه العربي في سن العاشرة ربيعا! في يوم التكريم الذي قلده وسام الأمانة.

رفع رأسه لي قائلا: مابك هل أنت أيضا تريد مني نقودا؟ أم ستقطع التيار الكهربائي؟ أم ستمنع وصول الماء بسبب الفاتورة اللعينة؟ أم ستطردني من الوطن؟ ولكنني لم أستطع تحمل كلماته الحزينة وآلامه فرميت بنفسي عليه ورحت أقبل يديه التي طالما أدارت عجلات شاحنة النفط بسلام وتحاشت اللصوص وقطاع الطرق والأخطار والرياح والأمطار، وكذلك جبهته التي طالما لامست مساجد وأضرحة أولياء الله جل وعلا، في الوقت راح يمسح دموعي وأنا أسمعه يتمتم بكلمته المشهورة (الله كريم يا ماجد... الله كريم).

هذه هي حياتي مع الوطن فلا يكاد يمرعلينا يوم دون أن يطرق بابنا دائن، بدءا من البقال انتهاء بالسمكري، كل يطالبنا حقه، ووالدي لا يكاد يغطي نفقاتنا. هذه أحوالنا... لن أوجه لومي وعتابي كله على الوطن! فالوطن ليس شماعة لفشلنا نعلق عليه أخطاءنا، ولكن سأختتمها بمعجزة خرافية كما في الأفلام التي تحول الفقير إلى غني ولو أن في وطني يتحول السارق والمتنفذ إلى تاجر ولن أبالغ فيها بل هو واقع موجود في جميع الأحياء السكنية الفقيرة ستجدون أنموذج أبو ماجد وأبناءه الستة وشقته الآيلة للسقوط في أغلب الأحياء السكنية اليوم وسأبقى أنا والوطن.

مهدي خليل


كان هنا ولا يزال... فدربك مضاء يا حمد

قال تعالى في كتابه العزيز... بسم الله الرحمن الرحيم.. (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) (ومن عمل عملا صالحا فلنفسه) (ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يرهُ)... صدق الله العلي العظيم

إن أعمالك الحسنة أنارت دربك ياحمد، فقد برز دورك المُشرف والمُضاء في سماء المحافظة الوسطى من خلال اهتمامك ودعمك للعمل الاجتماعي التطوعي ماديا ومعنويا وإعلاميا في كل جوانبه الثقافية والاجتماعية وبكل أشكالها تعد من المرتكزات الأساسية لاستمرارية هذا العمل والنهوض به.

إن وقوفك الداعم والمساند لبرامج ومشروعات «جمعية نهضة فتاة البحرين»؛ يدل على حبك للعمل الخير والعطاء الإنساني النبيل.

فمنذ تأسيس فرع النهضة في المحافظة الوسطى في العام 2002 استمرت مساهماتك وظلت مبادراتك متواصلة في الدعم لأنشطة فرع النهضة.

وبرزت حين قام الفرع ببرنامج البيئة في تنظيف (حديقة النافورة) الواقعة بشارع الرياض بمدينة عيسى، وتشجيرها بأشجار النخيل بالتعاون مع شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات.

واحتل الدعم لمشاريع البيئة مركز الصدارة لديك فقد كنت أول المبادرين لدعم المهرجان الأول للبيئة المشترك مع جمعية الرفاع الثقافية الخيرية في فبراير/ شباط من العام 2007، بهدف استبدال أكياس النايلون بالأكياس القطنية لشراء الخبز، وامتدت مبادراتك بتشجيع من حولك من الأصدقاء والمعارف للمساهمة والدعم بالتبرع المادي والمعنوي أيضا.

كما تواصل دعمكم للمهرجان الوطني الثاني للبيئة في 30 من أبريل/ نيسان من العام 2009، الذي حمل شعار (لنعمل معا لحماية البيئة من الملوثات البلاستيكية من أجل بيئة أفضل)، وكان المهرجان بالتعاون مع الجهات الرسمية ذات العلاقة كوزارة الصحة والهيئة العامة لحماية الثروة البيئية والبحرية والحياة الفطرية، ووزارة التجارة والصناعة- إدارة حماية المستهلك، وزارة التربية والتعليم والمحافظة الشمالية والمحافظة الوسطى، والذي أُقيم بممشى الاستقلال بسند.

كما ساهم دورك الإيجابي والفاعل من خلال مشاركتك في حضور المناسبات وتدعيمك للجوانب الاجتماعية للفرع وتعزيزها في الاحتفال الذي أُقيم للطلبة بمناسبة انتهاء العام الدراسي في يوليو/ تموز من العام 2006 بالتعاون مع نادي مدينة عيسى وذلك بتوفير التجهيزات والأثاث والضيافة للاحتفال.

كذلك استضافة عضوات الفرع مع المسنين من دار المنار وأطفال دار الرعاية في خيمة العائلة الكريمة بالصخير لأكثر من مرة، واستضافة الدورة التدريبية للشباب في يوليو لصيف العام 2008.

وبالنسبة للإعلام، فقد ساهمت صحيفتك (العهد) بدور كبير في تغطية الكثير من أنشطة وفعاليات الجمعية و فرع النهضة في المحافظة الوسطى من خلال إبراز أنشطة وفعاليات الجمعية التي تقام بشكل مستمر وكذلك من خلال تغطية المحاضرات والندوات وبرامج التوعية البيئية المقامة في المركز الاجتماعي بمدينة عيسى.

نشكر ونقدر دور العائلة على دعمها الكبير والبارز والمستمر لمشاريع وبرامج فرع النهضة في المحافظة الوسطى ولرئيسة لجنة البيئة السيدة نجاح خضر.

عزاؤنا لعائلتك بأنك حاضر لا تزال بما قدمته يداك دعما للعمل الاجتماعي التطوعي وللجميع ومثواك إن شاء الله الجنة، وسيبقى نتاجك الخيري باقيا في الذاكرة.

ولا يسعنا أعضاء جمعية نهضة فتاة البحرين وفرع النهضة بالمحافظة الوسطى في ذكرى مرور أربعين يوما على وفاتك، التوجه بالرحمة الواسعة، والصبر والسلوان للوالدين وللعائلة والأصدقاء والرضى بقضاء الله وقدره.

جمعية نهضة فتاة البحرين


الانفلونزا والقانون

توجد ثلاث مهمات رئيسية تناط بالسلطات ويعمل القانون على توفيرها وهي الأمن العام، والسكينة العامة، والصحة العامة.

فالأمن العام يشمل الحراسة، والحماية، والقبض على المجرمين وكل الأعمال القانونية التي تقوم بها وزارة الداخلية لتحقيق هذا الهدف.

أما السكينة العامة فهي تعني أن المجتمع يمارس حياته بهدوء ودون احتقانات وينام وقت النوم بدون انزعاج ولا خوف ولا تهديد ولا رعب، بينما الصحة العامة تعني كافة الجهود والنشاطات التي تشمل الوقاية من الأمراض والأوبئة وعلاجها وتشمل كذلك الأعمال والجهود التي من شأنها التأكد من تطبيق الأنظمة التي سُنّت من أجل ذلك كالتفتيش الغذائي والاشتراطات الصحية للمطاعم.

وإذ إن افتتاح المدارس بات قريبا وكذلك رجوع الكثيرين من الموظفين والعمال الذين يعملون في البحرين إذ عادوا الآن من ديارهم أو أوشكوا أن يعودوا وهذا يعني أن هناك حالة استنفار كبرى ومهمات صعبة بانتظار كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة بالإضافة إلى الوزارات الأخرى التي يعمل لديها أغلبية أجنبية.

ومع أن وزير الصحة صرح لي بأنه نسق ورتب فعلا مع وزير التربية والتعليم من أجل ضمان سلامة الطلبة والمدرسين وأنهم سيوفرون ممرضين في المدارس للفحص والتفتيش لكنني غير مطمئن وغير واثق من أن الأمور ستسير كما ينبغي من حيث التطبيق (أي أن حساب الحقل لا يطابق حساب البيدر).

فقد سبق أن أعلنت «التربية» عن استعدادها للعام الدراسي ولما فتحت المدارس رأينا الطلاب في صفوف خشبية مؤقتة وغير مكيفة بل وعدم وجود ماء شرب نقي للطلبة.

لذلك نأمل أن تأخذ الحكومة وخصوصا هاتين الوزارتين الموضوع بأكبر درجات الجدية والاهتمام وتوفير خط ساخن بل خطوط ساخنة فاعلة - مو ترن ولا أحد يجاوب - لمتابعة الوضع والتركيز على العمل بدل التركيز على الإعلام.

تصوروا أن مجرد وجود شخص واحد مصاب بمرض معدٍ في المدرسة وقت الفسحة ويفلت من المراقبة والفحص ستنجم عنه عدوى لكل من في المدرسة الذين قد ينقلون العدوى لعوائلهم ومنها ستكون الكارثة.

كما أن هناك احتياجا لإعداد الوضع قانونيا فهناك حاجة إلى أداة قانونية للضبط الصحي الطارئ والخطير وحسب علمي فهناك ما وصف في الدستور بـ «حالة السلامة الوطنية» التي من جملة تطبيقاتها في حال إعلانها منح السلطات صلاحية موسعة للسيطرة على الوباء وأما بدونها فلربما لا يمكن قانونا مواجهة بعض الحالات بالصورة المطلوبة لأن ذلك قد يتعارض مع الحرية الشخصية وأمور أخرى قانونية وعلى كل حال نحن نرغب في عمل فاعل منتج يحفظ صحة الجميع من غير إزعاجهم ومن غير مضايقتهم... ونختم بالقول «الله يستر».

عبدالهادي خمدن


ماذا نريد من الكذب في حياتنا؟

الكذب هو القول أو الفعل المخالف للواقع، والكاذب هو من ينقل الصورة المخالفة بقصد وإرادة، أما الكذّاب فهو من يكذب باستمرار وبإرادة جامحة ويضغط من أجل أن يصدقه الآخرين.

والإشاعة هي نشر وتوزيع القصص الزائفة والملفقة في أوساط المجتمع وعادة ما تكون من أجل تعمية المجتمع وتشتيت تركيزه عن قضية معينة لسبب محدد.

قد يقول بعض القراء مالنا نحن وما للكذابين, فنحن خارج هذه الدائرة، فالمؤمن لا يمكن أن يكذب. لكنا لسنا هنا في صدد فهم هذا المعنى, ومن المفترض في الفرد المؤمن الملتزم أن لا يكذب إنما قد يُخدع وينقل الكذب ويحرض عليه وقد يفهم فهما معينا يحسبه مطابقا للواقع لكنه ليس كذلك وقد ينشر الإشاعة ويروج لها بحسن نية وقلة خبرة ودراية.

إن الفرد المؤمن الملتزم لا يكذب إراديا لكنه ربما يكذب بطريقة غير مباشرة وذلك بواسطة نقله للكذب ونشره للإشاعة وهذا ما يلاحظ بكثرة في المجالس وفي الصحف والمنتديات والمواقع الإلكترونية بسبب التسرع والخديعة وقلة الوعي وذلك لأسباب كثيرة من بينها مجاراة الآخرين والسبق الصحافي والإيحاء بالمعرفة وما الى ذلك.

ويقال إن ناقل الكفر ليس بكافر وكذا الحال بالنسبة لناقل الكذب ليس بكاذب لكنه ناقلا وموصلا للكذب وناشرا للإشاعة بتسرع ومن دون وعي وبلا تحقق وهو من وجهة نظري أشد من الكاذب نفسه لأن الكاذب لولم يجد من يعينه في نقل كذبه وإشاعاته للآخرين لما استطاع أن يخرج من محيط نفسه فتموت الكذبة في داخله وربما ينزعج ويفكر في ترك الكذب والإشاعة، أما في حالة الإنسان الملتزم المحترم فنقله للكذب والإشاعة أخطر.

ويستطيع الفرد العادي الذي ربما يكون وعيه غير ناضج في حالة واحدة فقط أن يكذب, وهي حالة نقل الصور بالكلام أو بالحركة, وطبعا من الصعوبة أن تحقق ذلك وإن تحقق فعلى حساب أمور أخرى، فقد يبتلي بمظاهرها السيئة –هنا أتذكر قصة العابد الهندي الذي قطع لسانه تقربا للآلهة - لكن فات على المتعبد أن اللسان مجرد جارحة واحدة ولازالت الجوارح الأخرى تعمل وتستطيع نقل الكذب وبث الإشاعة!

كثيرا ما يستشهد بعض الأخوة سواء في المجالس أو في المنتديات الإلكترونية على صحة خبر ما اعتمادا على ناقل الخبر وهنا يحصل الإشكال, فإذا كان الخبر منقولا بواسطة شخص مقدر ومحترم, ملتزم لا يُعرف عنه إلا القول الحق, وكلما كان الشخص أكثر التزاما كلما كان التصديق آلي والتشكيك في الخبر هو بمثابة التشكيك في الشخص نفسه لذلك مجرد النقاش في صحة أو عدم صحة الخبر إثم وذنب كبير علاوة على نفور الأخوة من هذا الطرح «قليل الأدب».

«من أنت حتى نشكك في هذا الشخص المؤمن بالرغم من أنني لم أشكك فيه ولم أتهمه وإنما شككت في صحة النقل والمنقول ولم أتعرض الى الناقل بسوء»... هذا الأسلوب متبع في مجتمعنا بصورة واضحة لذلك تمر علينا كثير من الأكاذيب والإشاعات المغرضة التي تضرب المجتمع وتضر بالسلم الأهلي وكثير من الناس يساهمون بلا وعي في دعم الكذب والكذابين ونشر الإشاعات وإفادة المروجين لها عن غير قصد وبحسن نية, وبعكس المثل (يفوتك من الكذاب صدق كثير), يأتي هذا السياق «يصلك من الصادق كذب خطير»!

الكذب والإشاعة ونشرهما ونقلهما والترويج لهما بوعي أو من غير وعي (الكلام عن النوع الثاني) هو أخطر ما تعاني منه المجتمعات وبالخصوص في منطقتنا العربية غير الديمقراطية حيث تحتاج بعض الجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أحيانا لتلفيق بعض الأكاذيب ونشر بعض الإشاعات لتضعيف جهة اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية معينة ولأسباب مدروسة وأهداف محددة, فالإشاعة والكذب اليوم يختلف عن كذب زمان (أيام الشلخ البريء) حيث الكذب من أجل الكذب, أما اليوم فالكذب (بزنس ) وللكذب نظام وقوانين والمخابرات العالمية تنفق عشرات الملايين من الدولارات لبث الإشاعة والكذب المتقن والمقنن سواء في المجال العسكري والأمني والسياسي وكذبة وإشاعة اليوم ترفع الدولار وتسقطه وتحط من قيمة سهم شركة وترفع سهم أخرى وتزلزل من استقرار الأنظمة والدول وتفقر وتغني وتشعل الحروب الخ لأن الاتصالات والأجواء المفتوحة وتشابك كل هذه المصالح وتضاربها يجعل من الكذب والإشاعة عاملا سلبيا وسيئا ويضر بالمجتمع لكنه للأسف إيجابي لأصحاب المصالح الخاصة والضيقة.

لذلك يقال إن أفضل من يوصل الأخبار الكاذبة والإشاعات المغرضة هو الإنسان الملتزم البعيد عن الكذب، وإن أسوأ شخص لنقلها هو الإنسان الكاذب, فلنكن مع صدقنا واعين متحققين مما ننقل قبل أن ننشر لأننا لا نكذب, نعم لا نكذب ولكننا ننقل الكذب , فهل نحن في النقل معذورون؟

إبراهيم حسن

العدد 2569 - الخميس 17 سبتمبر 2009م الموافق 27 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً