يبدو أن ملف التجنيس، وبعد أن كان واحدا من الملفات العصيّة على المستوى الوطني، بدأ يتجه بالسلطة والمعارضة نحو التوافق وتقارب الرؤى، وربما يصل إلى مرحلة العمل المشترك لمعالجة ما أفسده الدهر.
قد يكون هذا ضربا من الخيال إلا أنه مرهون بقدرة السلطة وتفعيل إرادتها على نزع قبعة الاستبداد بالرأي، واعتمار قبعة الشراكة والمشاركة التي طالما كررها وزير الداخلية في تصريحاته التي ينشد من خلالها التأسيس للأمن الاجتماعي.
ومراجعة سياسة ما في أي نظام سياسي، أمر اعتيادي وطبيعي بل إنه المرتكز الأساس في النظم الديمقراطية التي تتنوع فيها الأفكار وتتباين فيها القناعات بعيدا عن الأجندات الخفية والحسابات المضروبة على أساس مقاسات خاصة!
مطلب التجنيس كان أحد أهم المطالب للمعارضة على مدى أكثر من عقدين من الزمان فيما قبل العام 2001 م، وذلك انطلاقا من المسئولية الإنسانية والسياسية حيال شريحة من الناس الذين ولدوا وترعرعوا وتعلموا وعملوا وساهموا وتزاوجوا واندمجوا اندماجا اجتماعيا صرفا في الجتمع، وعاشوا بقضهم وقضيضهم في حدود هذه الارض ولم تطئ أرجلهم أرضا غيرها منذ لحظة ولادتهم. وذلك ما كان يعرف بحل مشكلة «البدون»، وهم ممن كان لهم تاريخ في البحرين على المستوى المعيشي والعملي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ما جعلهم مندمجين بصورة كشفت طبيعة المعالم لأفرادهم وجماعاتهم. فكان طبيعي أن تعمد المعارضة لمطالبة الدولة بحل مشكلتهم التي مرت عليها عقود من الزمن. وكانت عملية منحهم الجنسية محل تقدير وثناء من الخارج والداخل.
ولكن - وكما هو الحال في السياسة - فإن مبدأ توازن المعادلة بين طرفي السلطة والمعارضة، وإن كانت الأمور تتجه نحو حل مشكلة، إلا أن ذلك يتسبب في خلق مشكلة أخرى، المشكلة تمثلت في فتح السلطة لباب التجنيس على مصراعيه بصورة أضرت بجميع مكونات المجتمع البحريني وأوقع كارثة في حالتها الأمنية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدماتية والتعليمية وغيرها.
بل إن آثار التجنيس - المرفوض شعبيا - الضارة امتدت إلى المحيط الاقليمي بعد أن بحت أصوات أبناء الوطن مطالبة بتقنينه وترشيده، بل إن الدعوات السلمية تراكمت وتكدست وكان أكثرها اتزانا وتعقلا ما دعى إليه الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان بضرورة تحديد عدد لا يسمح بتجاوزه في منح الجنسية في كل عام عملا بما درجت عليه سياسات دول عريقة في هذا الشأن.
وما حصل في البحرين، وأنتج كوارث أمنية واجتماعية، هو عندما عمدت الجهات الرسمية لتجاوز القانون - المضيق لفرص منح الجنسية - وهرولت سعيا منها لحرق المراحل، فقامت في وقت وجيز بمنح شرف الجنسية لمن لم يتم قياس مؤشرات استحقاقهم لنيل شرف الجنسية، مقايضة لما تم منحهم الجنسية من فئة «البدون» الذين عاشوا وصار لهم تأريخ، يمكن قياس أدائهم وانتمائهم كمقيمين يسمح بمنحهم الجنسية ويتحولوا إلى مواطنين بناء على المعايير والشروط وموازين الاستحقاق.
وما صرح به وزير الداخلية بأن السلطات تراجع سياسة منح الجنسية، لا يعدو كونه تصريحا عاما، لا يرقى لمتطلبات العمل السياسي القائم على وضع الخطة التي تعالج الكوارث وتمنع استمرار آثارها، وهي فرصة مواتية لإثبات الطرفين الرسمي والشعبي على السواء بأنهما قادران على الإنتاج السياسي الوطني المشترك بامتياز إذا وضعا الوطن (وليس حسابات أخرى) على قمة الأولويات، وإن كانا على طرفي نقيض حيال قضية بعينها أو التجنيس أو غيرها من الملفات التي أرهقت ومازالت ترهق الكيان الاجتماعي في أمنه ومعيشته وسلامته وهويته.
ما يمكن استنتاجه من تصريح وزير الداخليه بتلقائية مقتضبة هو:
1 - إن تصريحات رسمية ملأت الدنيا ولم نجد لها أثرا على الواقع في قضايا خطيرة، وما يخشى منه أن يكون هذا التصريح في شأن كارثة التجنيس إضافة رقم جديد في قائمة الوعود غير المنجزة.
2 - إن عدم إبداء الرغبة الرسمية في العمل المشترك مع قوى المجتمع المدني وقوى المعارضة، أمر آخر لا يبشر بخير، في السعي لحل هذا المشكل.
-3 إن السلطة لم تضع خطة للالتزام بالنهج الجديد ما يجعل المراقب يرى التصريح لا يعدو كونه منتجا سياسيا للاستهلاك الخبري والإعلامي، أو احتواء مخملي لدعوات شعبية معارضة جادة لإيقاف سياسة التجنيس السياسي.
-4 يمكن اعتبار توجيه الوزير للجهات المختصة إلى التشديد في سياسة منح الجنسية، أن مؤداه في النتيجة، أن سياسة التجنيس مستمره ولكنها بوتيره أبطئ.
وأكثر ما يمكن استنتاجه هو أن السلطة تضع على سلم أولويات الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، أمر الاستجابة لضغوطات الخارج، على حساب رغبات وحقوق الداخل، وفي هذا لعمري خلل كبير يحتاج هو الآخر إلى مراجعة.
إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"العدد 2568 - الأربعاء 16 سبتمبر 2009م الموافق 26 رمضان 1430هـ
التجنيس
التجنيس مازل مستمر مادم في عدم ثقة بين الشعب والحكومة نطالب بوقف فورية لعملية التجنيس العشوائية الغير قانونية نطالب وزير الداخلية بوقف التجنيس فهو المسؤول الاول عن التجنيس و سبب كوارث كبير على المواطنين واهدار في ميزانية المملكة
المصارحة مع عاهل البلاد هو الحل
سلمت يداك ياسيد هادي الموضوع يحتاج الي مصارحة قبل ان تغرق البلاد في شربة ماء هناك ازمة في البلاد ازمة علي اعلي المستويات ازمة سكن ازمة حقوق مواطنة ازمات كبيرة ومنها التجنيس وتردي اوضاع الوزارات الحكومية وتدري المعيشة والتقارير الاقتصادية تتخدث عن فائض في النفط لدي دول الخليج ولكن لاحياة لمن تنادي
استوعبنا الموضوع
نحن فى المحرق استوعبنا موضوع التجنيس وفهمنا مغزاه وعرفنا انه سيزيد بدرجة كبيرة قبل الأنتخابات القادمة ونعرف انه سيشكل ضغطا علينا فى جميع مناحى حياتنا لكن الشيعة لم تستوعب الموضوع كما استوعبناه نحن وتنطلى عليهم كل الوعود ويصدقون الأخبار الرسمية لكن ما يجرى تحت الطاولة غير غير غير ...هل حفظتم ..
طبعاً مازال مستمراً
مازال التجنيس مستمراً وربما بصورة اكثر تقنينا فبدل فتح جميع الأبواب (فلنكتفي) بفتح باب او اثنين. لاننا تعودنا من السلطة ( عمك اصمخ ) سواء الضغط من داخل او الخارج وبما ان لديها خطة مرسومة وهي تقيم خطتها وما تم انجازه وخلاف ذلك فبالضرورة ان لديها خطط بديلة.
لا زال التجنيس مستمرا
شكرا سيد.
لقد اخذ تصريح وزير الداخلية حيزا كبيرا من اعمدة الكتاب.لكن الواقع يقول ان التجنيس مازال مستمرا حتى يوم امس.فقط اذهب الى الهجرة والجوازات وسوف ترى بنفسك.ان تصريح الوزير ماهو إلا للتلميع فقط،ولتخفيف الضغط الخارجي عن السلطة وخصوصا من الكويت حيث انها تريد ان تفرض فيزا على كل بحريني يريد الدخول الى اراضيها.عشرات المسيرات والندوات حول جريمة التجنيس لكن لا رأي لصوت الشعب.