ثمة إحساس غريب ينتابك وأنت تجول أرجاء قاعة الغزال بالريتز كارلتون التي استضافت مؤسسة آرت سيلكت، ومقرها في دبي، في معرضها الفني الثاني لهذا العام، بعد معرضها الأول الذي استضافته جمعية البحرين للفنون التشكيلية في مارس/ آذار الماضي. جاء المعرض تحت اسم تنوع Diversity، انتقل من البحرين إلى دبي بعد استضافته على مدى ثلاثة أيام ابتداء من 5 حتى 7 سبتمبر/ أيلول الجاري.
المعرض الذي تم تنظيمه تحت رعاية الرئيس الفخري لجمعية البحرين للفنون التشكيلية، الشيخ راشد بن خليفة بن حمد آل خليفة، ضم ما يزيد على 35 عملا أبدعتها نخبة من فناني الهند، ودبي، وباكستان، والبحرين، وألمانيا، وسورية. هل يرتبط إحساس الغرابة بذلك التنوع والثراء في الأعمال التي تم اختيارها من قبل مؤسسة آرت سيلكت بعناية فائقة؟ أهو الفن إذا بوصفه سلطة بصرية تفرض وجودها على القلب والروح، غير مكترثة أو واعية لأي حدود وحواجز جغرافية أو ثقافية هي ما تفعل في نفس المتفرج ذلك؟ المعرض، على أي حال، يضم مزيجا ثريا من أعمال 20 فنانا صور كل منهم ما شاء من الموضوعات صانعا عالما بصريا مستقلا لا يشبه أيا من العوالم المحيطة به.
الأعمال متنوعة، وكذلك الأسعار، غلب عليها الطابع الواقعي والتعبيري والتجريد إلى جانب أعمال الحروفيات، وتراوحت أسعارها من بضع مئات من الدنانير حتى العشرين ألف دينار. ربما لأن المعرض يستهدف بالدرجة الأولى مقتني اللوحات وجامعيها، ولذلك جاءت موضوعاته وكذلك أسعاره متناسبة مع جميع الأذواق والإمكانات. وكما تفيد مديرة الجهة المنظمة، امبيكا فوهرا، فإن المؤسسة تسعى إلى أن تستضيف معارض ذات مستوى رفيع، كما تمنح المواهب الناشئة فرصة لتبرز إبداعاتها. وتضيف فوهرا، أن المؤسسة تهدف من وراء ذلك إلى جعل الفن متاحا للجميع ولتجعل من نفسها جهة استشارية في مجال الاستثمار في الفن، كما أنها تنطلق من اهتمامها بأن يكون لمقتني الأعمال الفنية مجموعاتهم الخاصة ومجموعات فنية استثمارية أخرى.
من جانبها، تؤكد مستشارة المؤسسة والمتخصصة في الفن المعاصر في المنطقة العربية وإيران، كارين آدريان فون روكيوس، أن المؤسسة «تسعى من خلال هذه المعارض إلى تعريف العالم بفناني هذه المنطقة، وبالتالي تصحيح النظرة السلبية لهذا الجزء من العالم والتي جاءت بفعل الإرهاب. لا أفضل من الفن في ذلك، فهو يمد الجسور بين الثقافات ويتحدث بشكل مباشر للجميع» وبابتسامة تضيف «الفن لا يحترم الحدود».
وتواصل «أعتقد أن من الرائع أن يقدم المعرض فنانين ينتمون إلى ثقافات متنوعة ومستويات مختلفة. هناك مستويات مختلفة من الفن في هذا المعرض، الذي يضم أسماء كثيرة، بعضها يفوق الآخر تجربة وشهرة لعل أبرزها الفنان الباكستاني الراحل ذو الشهرة العالمية، أمين إسماعيل غولجي».
وكما تفيد فون روكيوس، فإن أعمال غولجي هي الأعلى ثمنا بين لوحات المعرض «غولجي تأثر كثيرا بالمدرسة الغربية في الرسم، وقدم الحروفيات بشكل جديد ومختلف، فقد طور تكنيكا خاصا يحترم من خلاله أساسيات هذا الفن، لكنه يقدمه معتمدا الأسلوب الغربي في التعبير التجريدي».
ومن بين الأسماء المهمة الأخرى، يبرز اسم الفنان الباكستاني أحمد خان والفنان السوري ناصر وارور ولكل منهما تجربة متميزة. إلى جانب ذلك يشارك ثلاثة فنانين بحرينيين في المعرض، هم: محسن غريب، حسين فتيل وجيهان صالح. ويخصص المعرض جزءا من ريعه لمركز ريا لذوي الاحتياجات الخاصة.
تنوع اللوحاث وثراء الموضوعات التي تعالجها والعمق الفني الذي تحمله، عدا حسن التنظيم والضيافة، لا يزيل ذلك الإحساس الغريب الذي تبدأ به تجوالك. ربما يبهرك كل ذلك لكن تظل عشرات الأسئلة تتقافز في ذهنك، فقد تتساءل عن توقيت إقامة المعرض، شهر رمضان ليس هو الأفضل على أية حال لإقامة نشاط فني وإن أضاف المنظمون بُعد العمل الخيري للأمر. لكن لعل السؤال الأهم الذي يظل ملحا على رغم كل شيء سيكون «هل تنجح مثل هذه المعارض في ظل أزمة اقتصادية لم تنجُ منها البحرين التي يبدأ منها المعرض، ولا دبي التي ينتهي إليها؟».
العدد 2568 - الأربعاء 16 سبتمبر 2009م الموافق 26 رمضان 1430هـ