العدد 2347 - السبت 07 فبراير 2009م الموافق 11 صفر 1430هـ

الخطيب الملا إبراهيم بن علي الجمري

كان مولده في ناحية القطعة من محافظة البصرة بالعراق في شهر صفر سنة 1333هـ 1915م. تلقى الخطابة على يد أخيه الخطيب الكبير الملا عطية الجمري، وقد مارسها لمدة سنوات، ولظروف معينة جعلته يمارس أعمالا أخرى في طريق التكسب على العيال اضطر للتخلي عن صعود المنبر. وهذه الأعمال كالنجارة، والبناء، والخياطة، وفي النساجة له دور ملحوظ في المنطقة، فهو الذي سبق إلى صناعة الإزار، والغترة (كوفية)، والرداء النسائي المعروف لدى النساجين في القرية بالبروجي، وهو أول من نسج الرداء الصيبعي في بني جمرة بعد قرية أبوصيبع، وكذلك هو أول من سبق إلى نساجة «الملفع»، وهو لباس نسوي يستر الرأس والعنق. وإليه الإشارة بقول أحد شعراء الطف:

أقام القطيع على رأسها

مقام الملائة والملفع

والمترجم نحوي، حاضر البديهة، حادّ الذكاء، ويعتبر اليوم من شخصيات أسرتنا وبارزيها. وله شعر باللسانين: الفصيح والدارج. وقد قال عنه المترجم المرحوم الخطيب الجليل الملا عطية الجمري في شجرة أسرتنا ما يأتي:

«كان خطيبا كاتبا إلا أنه غلبت عليه الصناعة، فهو نجار مرموق، وقرٌ مؤمن». وفي السنوات الأخيرة صار يمارس مهنة البناء لمدة سنتين، ثم تركها، وصار يمارس الخياطة، علما بأنه كان يمارس الخياطة أحيانا منذ زمن بعيد. وأرى من الخير أن أذكر إليك - أيها القارئ الكريم - نموذجا من شعره الفصيح، عبر واحدة من قصائده، فإليك ذلك بقلمه:

سورة الإسراء ما بين السور

نورها يعلو نجوما وقمر

أقصد السورة سبحان الذي

في سواد الليل أسرى وأسرّ

إذ دعا الرحمن يا أحمد قم

واترك النوم لأمر قد حضر

فمن المسجد لبّى مسرعا

ثم للأقصى كلمحٍ بالبصر

فرأى المعراج فيه فارتقى

صاعدا ثم على السبع استقر

وإذا جبريل قد قال له:

يا رسول الله إني أعتذر

ليس لي أن أتعدى منزلي

إنْ تعديت رُميت بالشّرر

زجّه جبريل زجا مشفقا

وعلى الحجْب رسى خير البشر

ومن الآداب خلع النعل في

موضع التقديس من كل البشر

وإذا الصوت: حبيبي دس ولا

تخلع النعل وشرّف واستمر

وادنُ مني وادنُ مني فدنا

قاب قوسين أو أدنى في السور

قال من خلّفت ياخير الورى

قال من قد كان أتقى وأبّر

حيدر الكرار ساقي أمتي

خير من صام وصلى واعتمر

نعم من خلّفت فيهم أحمد

ونجوا إن تابعوه من سقر

الخطيب المرحوم ملا راضي بن أحمد بن حبيب الجمري

تلقى الخطابة على يد خاله الخطيب الملا سعيد الشيخ عبدالله العرب، وبقي يمارسها على مستوى قليل حتى لقي ربه. وكان إلى جنب ذلك كاسبا يمتهن النساجة وصيد الأسماك، وكانت قراءته تقتصر في الغالب على العشرة الأولى من المحرم وفي مأتم المرحوم الحاج أحمد بن عبدالمحسن الشهابي بالدراز خاصة.

وكان شخصا متواضعا حسن الاخلاق. وقد توفي سنة 1378هـ 1958م. وقد توفي رحمه الله مع صديقه علي بن أحمد العجرة الملقب بصنقور بسبب شدة البرد بساحل الدارز حيث كانا يمارسان صيد الأسماك وحدثت عاصفة هوائية باردة جدا كان لها في البحرين أثر كبير، وقد حدثت فيها عدة وفيات، ومنها وفاة المرحوم مهدي خميس رئيس مأتم آل خميس في السنابس، وهو شخصية معروفة، ومحبوبة لدى بلده وعارفيه وله خدمات حسينية طيبة، وقد صادف وقت حدوث العاصفة أن كان عائدا إلى بلده في المنامة بشارع البديع، راكبا دراجة هوائية وقت المغرب، فوقعت عليه نخلة لشدة هبوب الرياح، ولم يحضر عنده أحد لإسعافه حتى قضى نحبه رحمه الله تعالى. ومن المصادفات الغريبة أن الملا راضي رحمه الله وصديقه عفى الله عنه، كانا - كما روى الخطيب الملا محمد صالح الملا عطية الجمري عن أبيه رحمه الله - قد ولدا في ليلة واحدة، وكانا جارين وصديقين، وماتا في يوم واحد في حادثة واحدة.

الخطيب الملا يوسف الملا عطية الجمري

خطيب بارع مفوه، تأريخي، قوي الحافظة والذاكرة، سريع الجواب. ولد ليلة النصف من شعبان سنة 1336هـ (1918 م)، وكانت ولادته في العراق، محافظة البصرة، ناحية القطعة، حيث كان والده المرحوم في الهجرة آنذاك، الهجرة التي امتدت إلى 13 سنة، وحينما عاد والده إلى البحرين كان المترجم قد أكمل سنتين تقريبا، فكانت نشأته وتربيته في بلد الأهل بني جمرة.

تلقى الخطابة على يد والده الذي أتقن تربيته الخطابية وغيرها، فاستقل بنفسه وكان عمره آنذاك 18 سنة. وقد قرأ على المرحوم الشيخ محسن الشيخ عبدالله العرب الجمري: النحو - «الأجرومية» و«قطْر الندى».

وكان في خطابه متميزا بكثرة محفوظاته، وقوة وجمال صوته، وكثرة ابتكاراته الفكرية، وكثرة استحضاره لأحاديث المعصومين (ع) بحيث أن بوسعه أن يلقي موضوعا كاملا بجميع أطرافه روائيا، حيث ينتقل من حديث إلى حديث دون أن يدخل تعليقا من عنده. وقد اقترحت عليه أكثر من مرة أن يدون ولو بعض مواضيعه المتميزة التي لم يسبق لي صياغتها إلا أنه لم يفعل. ومن ناحية العشرة والمجالسة فهو حسن فيهما، ويحفظ له أصدقاؤه وعارفوه ومجالسوه أخلاقياته ومجاملاته التي تجعل جليسه لا يمل مجالسته. وهو معروف لدى عارفيه بكثرة تحمله لخشونة الحياة، ومعاناته لتطورات الظروف وتقلبها.

وقد نظم مجموعة قطع من الشعر الرثائي الشعبي، إلا أن ما حققه والده المقدس رضوان الله عليه في هذا المجال من ملء الفراغ والتفوق والتفرد جعله لا يستمر في الشعر، بل ولا يهتم بحفظه وجمعه، رغم أنه من الشعر الجيد.

ألقى الشاعر الخطيب محمد جعفر العرب قصيدة أبّن فيها الخطيب البارع يوسف بن عطية الجمري في حفل التأبين مساء الخميس الموافق 18 ربيع اللأول العام 1419هـ 23 يوليو 1998 م ليلة الجمعة في الحسينية الاثنيعشرية:

«يايوسف الفذ رغم البعد أنت هنا»

بعدت يوسف بعدا غير محدود

وهكذا الدهر لم يحفل بموجود

بالرغم منك الذي قد حل ساخنا

ما كان ذلك من خُلْف المواعيد

مضى الزمان بما كنا نضن به

فقد أتانا بأمر غير مودود

أساء لكنه لم يعتذر أبدا

وكان من بعد توطيد وتمهيد

ما قد جرى مؤلم قد فاق قدرتنا

ولايزال كسيف غير مغمود

إن الزمان بنا يجري على عجل

لافرق ما بين صنديد ورعديد

ما شفه السير مثل الآخرين وذى

حقيقة شوهدت من كل مرصود

نمشي ولكننا لا ندري ما غدنا

أوَّاه ما بين مكبود ومضمود

نبكي وهذا لنا حق بلا جدل

فالحبل أوَّاه حبل غير ممدود

نخاف من كل شيء حولنا فهنا

حوادث قد أصابت أصيَد الصِيد

نرى ونسمع فالآذان مصيغة

وهمنا هو هم غير مطرود

هذا الزمان له ما ليس نملكه

فلا يرينا سوى أثوابه السود

إلى أن يقول من قصيدة طويلة:

يا يوسف الفذ إن الخطب أقحمنا

فقد تواريت ما بين الجلاميد

ها أنت قد صرت خلف الغيب مستترا

فيك المقادير قد فازت بمقصود

قد كنت بالأمس غرِّيدا على فنن

وقد خلا اليوم من شدو وتغريد

إذا ذكرت للحسين السبط في ملأ

بكى عليه بكاء غير معهود

أجراس صوتك أجراس مميزة

قد ماثلت في الشجى مزمار داود

أجريت أدمع عشاق بها شغفوا

على الخدود كجري الماء في البيد

لك المجامع قد ألقت أزمَّتها

فقد رأت منك فيها خير مجهود

آلمتها بعد أن قد صرت مبتعدا

عنها فها هي في هم وتسهيد

قد كنت بالأمس فيها واعظا لبقا

واليوم قد صرت فيها غير موجود

بكتك يوسف واسترخت اعنَّتها

وأطلق الحزن منها كل معقود

وشفَّها الحزن والأجواء قاتمة

من بعد ما كنت فيها مورق العود

أما العشيرة فالدور الكبير لها

أيامها أصبحت أيام تعديد

حقا لقد نكبت والحزن حالفها

ووقته هو وقت غير محدود

لا لن تلام لقد كنت العميد لها

وما جرى هو أمر غير مصدود

ليصل إلى قوله:

يا يوسف الفذ رغم البعد أنت هنا

ترى الأقارب ما بين الأماجيد

لقد تمنوك فيهم مثل أمسك يا

هذا وأنك حي غير ملحود

ثق أنه لن يحول البعد بينكم

لأن حقك حق غير مجحود

لم يفعلوا غير ما قد كنت تعرفه

فيهم وهذا لعمري غاية الجود

فبرهم بك باق دائما أبدا

ثق فيهمُ إن هذا غير منشود

هم هكذا لن يحيدوا عن طريقهمُ

هم هكذا خير من أعطا ومن نودي

فأنت مازلت مثل الأمس عندهمُ

ها أنت في النثر حي والأناشيد

ها أنت في كل بيت من بيوتهمُ

مازلت نفحا كنفح المسك والعود

وهكذا أنت حي في ضمائرهم

وهكذا أنت في عز وتخليد

إني تيقنت هذا من تصرفهم

فعندهم أنت حقا غير مفقود

ها أنت قد نلت في الدنيا مبرتهم

فما رأوا منك فعلا غير محمود

لقد قرأت شهادات موثقة

غدا سترويك من ماء العناقيد

عش هانئا في جنان الخلد مرتقيا

على الأسّرة بين الخرّد الخود

واقرأ بريدي ففيه علم من حضروا

يا يوسف الفذ هذا كل مقصود

الخطيب الملا سعيد الشيخ عبدالله العرب الجمري

خطيب فاضل، تاريخي، شاعر باللسانين: الفصيح والدارج، وشعره جيد ورقيق، بيئته بيئة كريمة، وسلفه سلف صالح.

مولده تقريبا - حسب إفادته - في سنة 1320هـ (1902 م). تربى في جو علمي معروف، حيث والده الشهيد عبدالله بن أحمد العرب، وأخوه المقدس الشيخ محسن الشيخ عبدالله العرب طيب الله ثراهما، وقد نهل من علومهما.

تلقى الخطابة - حسب إفادته - على يد الخطيب الكبير الملا عطية الجمري رحمه الله تعالى، وكان الملا عطية في بداية حياته الخطابية.

له ديوان شعر باللسان الشعبي في رثاء الرسول (ص) وأهل بيته (ع)، اسمه: «ينبوع الشجاء وإسعاف الخطباء في رثاء محمد وآله النجباء». طبع سنة 1407هـ 1987م. وقد قدمت له مقدمة، رأيت من الخير إثباتها هنا، حيث تعطي فكرة عامة عن الشعر والشاعر، وإليك ذلك:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين، وبعد:

بين يديك - أيها القارئ الكريم - ديوان (ينبوع الشجاء وإسعاف الخطباء في رثاء محمد وآله النجباء) للخطيب الجليل والشاعر الملهم الحاج ملا سعيد بن العلامة الشهيد ا

العدد 2347 - السبت 07 فبراير 2009م الموافق 11 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً